لقد أفصح ماكيافللي في الفصل الأخير من كتاب «الأمير»، (فضلا عما نجده من إشارات إلى ذلك في سائر مؤلفاته)، عن مقصوده من وراء هذه المرافعة الفلسفية الاخلاقية عن الامارة المطلقة. فإلى حسرته على مجد روما الغابر، كان ماكيافللي يتطلع إلى ايطاليا موحدة قوية ومن ثم أوقف همه وجهده على اكتشاف سر عزة الدول وثباتها وقوتها، وإن توصل في نهاية المطاف وبعد تفلية تاريخية دقيقة فإلى ان «الملك» العظيم والمستقر لا يحصل إلا بوجود حاكم قوي وذكي.
ويمكن القول إن تحليله لما يجب أن تكون عليه سلطة الحاكم من إطلاق تتبع ما يتأدى للبلاد في ظل سلطة كهذه من عظمة «الحاكم» مرتبط بعظمة «البلاد»، وليس ثناؤه على الحاكم القوي إلا ثناء على وضع يعبر الحاكم عنه ويترجم.
جاء في الديباجة الختامية الموجهة إلى لورنزو مديتشي في الفصل الأخير من كتاب «الأمير»: «... أنظر إلى إيطاليا كيف ابتهلت إلى حضرة الحق ليبعث فيها من يخلصها من الوحشية والهمجية والتجاسر. أنظر كيف استعدت وتهيأت لمن يرفع الراية، تر إلى من يهفو القلب. وإلى من يهفو إن لم يكن إلى أسرتكم الكريمة التي عساها، بجرأتها وحظها العالي، تكون رائدة هذا الخلاص في ظل الله والكنيسة التي بيدكم رئاستها فعلا؟».
وفي موضع آخر من هذا الفصل يقول: «... لا يسعني أن أصف لكم شدة الشوق الذي سيستقبل به أهل هذه البلاد التي صال فيها الغرباء وجالوا، منقذهم، ولا أن أصف لكم ما سيحركه هذا المنقذ فيهم من لوعة الثأر وما سيلهمهم من الايمان بالله والطاعة له. أتظن إيطاليا يغلق الباب بوجه هذا المنقذ أو لا ينصره؟ حاشا أن يكون مثل هذا وكلا. باسم ما تمليه هذه الطموحات الحقة من شجاعة وآمال فلتتول أسرتكم الكريمة هذا الأمر فيعز الايطالي في بلده والضيف».
من نافل القول الذي لا يحتاج إلى اثبات أن لوائح القومية، هي ما يلوح وراء أفكار ماكيافللي. ومن نافل القول ايضا أن مبدأ القومية هذا قد أصبح فيما بعد محور سيادة السلطات ومصدر شرعيتها في ساحة الفكر وواقع سياسة الغرب. لقد طمح ماكيافللي إلى ايطاليا عزيزة فخورة، وأرادها بلداً موحداً قطبه سلطة الحاكم المطلقة.
وإذ أراد ان تكون سلطة الحاكم كذلك فلأنه اعتبر ان سلطة الحاكم تلك وعظمتها وأهميتها هي في الحقيقة تعبير عن قوة ايطاليا وعظمتها وأهميتها وقدرتها على ان تحول جماعة من الافراد المشتتين المظلومين التائهين أمة متحدة، يغمرها الشوق إلى بلوغ هدف واحد. و»الامة»، التي قامت أفكار ماكيافللي بدور حاسم في غرس بذور مفهومها في القلب والفكر الأوروبيين، استحالت بعد حين من الزمن مصدر قوة حكومات الغرب ومنبع شرعيتها.
إن متابعة حيثيات الفكر الماكيافللي، في أمور مثل الحرية والتسامح، والمؤسسات السياسية والعسكرية، ونظام الحكم، وغيرها، خارج، للأسف، عن مقتضى السياق، رغم استحقاقه لان يعرض له، ولذا نمر دونه معتبرين ان ما سلف كاف لان يبين ما عنيناه، إذ اعتبرنا ماكيافللي حداً فاصلا بين العصور الوسطى والعهد الجديد.
إقرأ أيضا لـ "محمد خاتمي "العدد 2842 - الخميس 17 يونيو 2010م الموافق 04 رجب 1431هـ
يارقم واحد وانت صفر اساسا
يالذكي شيل الحقد من قلبك تالي تعال تكلم شدخل الموضوع بخاتمي ونجاد ؟ شاف الصورة وبس رز الويه مالت عليك يالمحلل السياسي
بارك الل فيك ياخاتمي
لو كنت رئيسا في ايرن الان لما وقعت الجمهورية الاسلامية فريسة الاعداء بسبب الصراخ الاحمق من احمدي نجاد