حذر أمين سر جمعية الصيادين المحترفين عبدالأمير المغني من انهيار مهنة صيد الأسماك في البحرين، موضحاً أن مراكب شفط الرمال تعمل ليلا ونهاراً من دون ضوابط، لانعدام وجود استراتيجية للثروة السمكية في البحرين.

وأضاف المغني في حوار مع برنامج «الوسط لايف» الذي يبث اليوم (الخميس) على «الوسط أون لاين» أن بيئة الأسماك دمرت وقضت على موائلها، كما قضت على الثروة البحرية الذي يأتي ضمن تدمير ممنهج للبيئة البحرية على رغم نداءات الصيادين والفعاليات البيئية في هذا الجانب خلال السنوات الأخيرة.

وهذا نص الحوار:

بداية نريد أن نسأل هل صحيح أن مهنة الصيد في طريقها إلى الزوال هنا في البحرين؟

- قضية البحر أوشكت على الانتهاء والاندثار بسبب تجاهل المسئولين، لم نر تحركاً، كصيادين وكجمعيات فعلنا ما علينا منذ أن رأينا الحملة الشرسة على هذا القطاع من جميع النواحي، والآن قطاع الصيد يعتبر كالإنسان الجريح ينزف من جميع جسده، بيئة الأسماك دمرت بالكامل من جراء الدفان الذي جرى على السواحل وقضى على موائل الأسماك وعلى جميع السواحل، وفي عرض البحر مراكب شفط الرمال تعمل ليلا ونهاراً من دون ضوابط في ظل غياب استراتيجية حماية الثروة السمكية.

ذكرت أن هناك تدميراً ممنهجاً للبيئة البحرية في البحرين من خلال تجريف قاع البحر والردم المستمر، طبعا بحجة ان هناك مستثمرين يودون تنمية ثروتهم على حساب بيئة البحرين البحرية، كيف نقلت جمعيتكم مطالبكم إلى الجهات المعنية في الدولة؟

- الصراحة قبل أن ننظر إلى أنفسنا نظرنا إلى الثروة، هذه التي تعتبر ثاني ثروة قبل النفط والأمن الغذائي، عملنا اعتصامات وندوات وطالبنا بأخذ الحيطة والحذر تجنبا من اندثار هذه الثروة، بعد ما كان هذا البلد مصدراً للأسماك وفي متناول يد الفقراء اصبح اليوم يصعب حتى على الأغنياء متناوله وفي طريقه إلى الاندثار. فعملنا ندوات وعملنا الاعتصامات ووجهنا الصرخة الأخيرة وطالبنا من خلال ندواتنا المثقفين والمجلسين النيابي والشورى بالاستماع إلى هموم الصيادين ووضع يدهم بيدنا لإنقاذ ثروة البلد من الضياع، ولكن للأسف التحرك كان ضعيفا.

هل هناك خطة أخرى وخاصة مع غياب من يدافع عن قضايا البيئة؟

- مهنة الصيد تمر بكارثة، ولابد من وضع الحلول لإنقاذ هذه الثروة وإنقاذ الصيادين لأن الصيادين في معظمهم يعتمدون في مصدر رزقهم وإعالة عوائلهم على هذه المهنة، فإذا اندثرت اندثرت عوائل كثيرة. عانينا ما عانينا بسبب هذا الدمار البيئي الذي حدث علينا، منا من باع قواربه لتسديد الغرامات لدول الجوار، كنا نضطر إلى الخروج إلى المياه الإقليمية ويتم القبض علينا بالسلاح عند الحدود للدول المجاورة، وتحكم علينا أحكام ندفع إثرها غرامات باهظة تصل إلى 10 آلاف دينار و5 آلاف دينار، بالإضافة إلى أننا اضطررنا إلى بيع بعض أملاكنا لسداد هذه الغرامات.

السبب هو هروب الأسماك؟

- السبب هو تدمير البيئة وهروب الأسماك من أماكنها، كما تعلمين أن حوض الخليج حوض مشترك والبحرين عبارة عن أرخبيل، فنحن لنا حصة الأسد كانت بينما كانت دول الجوار تبحر في البحرين، السعودية خاصة وقطر صيادوهما ينعمون بخيرات البحرين لكن هذه الثروة لم نعرف كيف نحافظ عليها ولم نضع استراتيجية لحمايتها للأسف ففقدناها، والآن «انطر»، وبعد ترسيم الحدود مع دول الجوار خسرنا مناطق كبيرة غنية بالأسماك، لأننا اليوم أصبحنا مثل الإنسان الذي في الحرب تطلق عليه القنابل من الأعلى وتطلق عليه الصواريخ من البر، فإذا رجعنا إلى السواحل نرى سواحلنا دمرت بالكامل ولا توجد سواحل، ونرى أن من يقترب تحت هذه المنشآت وهذه الجزر يهدد بحرق طراريده وحرق أدوات صيده ويمنع من مقاربة هذه الجزر.

أنت تتكلم ونبرة صوتك فيها حسرة وألم على بحر البحرين. هل صحيح أن البحريني أصبح بلا بحر، بلا سمك، ولا روبيان؟

- نعم أصبح بلا سمك ولا روبيان، وللأسف انضم بعض الصيادين إلى ركب العاطلين، وبعضهم توجهوا إلى الشئون الاجتماعية لأخذ المساعدات الزهيدة، يعرض عليهم من قبل الشئون الاجتماعية أن يتخلوا عن رخص الصيد مقابل مبلغ زهيد أو يحرم من المبلغ ويبقى على ترخيصه، بعض الصيادين خصوصا كبار السن يتحير، يقول لك: هل اترك الترخيص وأبقى في البحر؟ البحر ما قاعد يغطي، أو آخذ هذا المبلغ الزهيد. فبعضهم مضطر، وهم من كان في وقت سابق تعتمد عليهم بعض الصناديق الخيرية التي كانت يدهم مبسوطة في أعمال الخير وكان يعتمد عليهم في إنشاء المآتم والمساجد والأعمال الخيرية، الآن وجدوا أنفسهم يستنجدون ولكن لم يروا من يعطف عليهم.

نلاحظ هناك حرباً شعواء على كل مصدر للغذاء، سواء كان في البر أو في البحر بينما هناك تصريحات رسمية تتحدث عن أهمية الأمن الغذائي وفي منطقة الخليج، والبحث عن بدائل وحلول لضمان مستقبل الأمن الغذائي لمجتمعات هذه المنطقة، ما رأيك في مثل هذا الكلام؟

- حينما وقفنا في 15 فبراير/ شباط 1982 الوقفة التي شلّت فيها السوق وهدفنا من الوقفة هذه – أكرر – لا نريد أن نضع ضرراً على الصيادين، ولكن خدمة للوطن ونفديه بأنفسنا وقدمنا شهداء في هذا القطاع، منا من غرق ومنا من ابتلي بأمراض لشدة البرد والحر كما تعلمون، وخدمنا هذا البلد أباً عن جد، لكن للأسف، وقفنا نريد أن نعطي للناس جرس إنذار إلى الناس ترى ثروتكم لأمانة التاريخ... فإنه مستقبلاً الصيادون لا يتحملون ما يجري على ثروة البلاد من ضياع، فنحن نقول لكم ما لم تتدارك هذه الثروة وتوضع الآليات...

لقد زارنا صاحب السمو الأمير خليفة بن سلمان مشكوراً في جمعية الصيادين، وحقيقة شكرنا على ما قمنا به وصدر في اليوم الثاني أوامر في مجلس الوزراء وقال إن الصيادين أظهروا حساً وموقفاً راقياً في إيصال صوتهم، وقال فعلاً إنه جرت على البيئة البحرية أضرار ويجب تعويض الصيادين عن هذه الأضرار ووضع الاستراتيجية لحماية هذا المخزون السمكي، وصدرت توجيهات من سموه لكن للأسف بعد هذه المدة لا نرى شيئاً يظهر على السطح.

فإذا لم يتدارك شعب البحرين ويضع يده، الشعب بالكامل، يداً بيد، جميع القوى السياسية، كبيئيين، كحكومة، لإنقاذ هذه الكارثة فإن شعب البحرين سوف يفقد الأمن الغذائي في البلاد وسوف يضطر إلى أن يستورد، والاستيراد ليس في صالح البحرين. اليوم نحن في البحرين الدجاج الذي توفره الدول الفقيرة، البرادات هنا لا توفر الدجاج، فكيف بالأسماك؟! فشعب البحرين افتخر واشتهر بصيد الأسماك، سمك سترة، سمك البديع، سمك الزلاق، مواطنو دول الخليج يأتون لأخذ الأسماك من عندنا لجودته، أما اليوم فسمكنا لا توجد فيه جودة لأن الأسماك هذه الأطنان التي انبعثت من هذه الدفانات قضت على الأعشاب وعلى المرجان، فالأسماك اليوم ترعى في أشياء متعفنة، فلا تجد طعماً في أسماك البحرين، تلك الأسماك التي لها الرائحة ولها الطعم والذوق الرفيع، اليوم لا يوجد لها ذوق بسبب هذه الأطيان والتسربات التي قضت على جميع المصائد.