العدد 2840 - الثلثاء 15 يونيو 2010م الموافق 02 رجب 1431هـ

وزارة الثقافة... «بانتظار غودو»!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في اللقاء المفتوح مع وزيرة الثقافة والإعلام الشيخة مي آل خليفة الإثنين الماضي، سيطر موضوعان رئيسيان على الجو العام: حرية التعبير في ظلّ الإعلام الجديد، والمحافظة على الآثار والتراث.

الوزيرة أشادت باهتمامات الصحيفة الثقافية وتغطياتها لـ «ربيع الثقافة»، وشهدت بحماسها في الدفاع عن المواقع الأثرية «ما يؤكد اهتمام كوادرها بذاكرة الزمان والمكان، وهو حرصٌ نتقاسمه معهم» كما قالت. وهو حماسٌ عفويٌ لحماية الأرض وغيرةٌ صادقةٌ على عذرية الوطن.

من بين الملفات التي دافعت عنها «الوسط» بحماسةٍ بالغةٍ، تلال عالي التي تمثل أكبر مقبرةٍ أثريةٍ في العالم، التي استباحها جيلنا الحالي بعد الاستقلال مباشرة، بعدما حفظتها لنا القرون على حالها البكر. حتى من الناحية الجمالية، صرّحت الوزيرة بأن «المنطقة كانت قبل خمسين عاماً أكثر جمالاً... بفعل المد العمراني»، وترى أن «المسئولية في المحافظة على التراث لا تقع فقط على الدولة بل على المواطن كذلك، فهناك الكثير من المواقع التي تتعرّض للتدمير بسبب غياب الوعي».

نحن لا نبرّئ المواطن، ولا نراهن على وعي زائف أو مُدّعى، ولكنّنا نحمّل الدولة المسئولية كاملةً في حفظ التراث الوطني، فهي تملك القدرة على حفظه من الضياع، وتملك تنفيذ ذلك بالقانون كما تفعل دول الجوار، ونلوم أجهزة الدولة التي سهّلت اقتطاع هذه الأراضي وتوزيعها كالغنائم على من يريد. وتأتي وزارة الثقافة في مقدمة الجهات المسئولة عن هذا الملف، ونأمل أن يتسع صدر الوزيرة لسماع مثل هذا الكلام المباشر والصريح.

الصحافة حين دافعت عن الآثار والقلاع والأراضي العامة المضاعة والبيئة المدمّرة... كانت تصطدم بالكثير من القوى النافذة، كما اصطدمت أحياناً بمواقف الشارع والنواب، كما حدث في تحريض بعضهم على إزالة تلال عالي أو بقية الآثار لإقامة مساكن شعبية. فالرهان على مجرد وعي الشارع في هذا الملف، إنّما هو رهانٌ خاسرٌ على عودة «غودو» في مسرحية بريخت الشهيرة.

إن على الوزارة أن تتحمل مسئوليتها كاملة في حفظ التراث والآثار، وستجد في الصحافة الوطنية خير ظهير، فنحن نتفق مع الوزيرة تماماً بأن تلفزيون البحرين قد ينتظر الإصلاح بضع سنوات، إلا أن أيّ أثرٍ تاريخي عندما يُدمَّر أو يُزال... فلا يمكن أن يعود إلى الحياة.

في هذا السياق، أعيد طرح الاقتراح، بضرورة تبنّي الوزارة مشروعاً خاصاً لحفظ بعض «القنوات المائية» التي كانت تغذّي كالشرايين جزيرة البحرين، في أروع طرق الريّ التي أبدعها البحريني. مثل هذا المشروع أهم وأولى من متحف للأطفال يمكن تأجيله، لأنه سيحفظ لنا وللعالم أثراً هندسياً فريداً باستغلال قوى الطبيعة قبل عصر الكهرباء، يعود تاريخه إلى مئات السنين.

القنوات الموجودة بالمحافظة الشمالية، تقع حالياً ضمن أملاكٍ ومزارع خاصة، ونشرت «الوسط» في بداية صدورها أكثر من تحقيق عنها، وكان لي شرف مرافقة المحرّر والمصوّر أثناء ذلك، حيث وجدنا صعوبة في دخولها. وكتبت حينها عدة مقالات داعياً لحفظها، ولكن كنا في وادٍ، والوزارة في وادٍ آخر، ونأمل أن تكون الفرصة سانحةً لتحقيق مثل هذه الهدف، إيماناً «بأننا نكمل بعضنا البعض» كما قالت الوزيرة، ولسنا أشراراً أو أعداء.

لم نكن طرفاً في النزاع بين الوزارة والمجلس البلدي الذي فرّط يوماً في الدفاع عن هذه المواقع، فأينما تكن الأرض والتراث والتاريخ ومصلحة الوطن... ستجدون الصحافة وأصحاب الأقلام.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2840 - الثلثاء 15 يونيو 2010م الموافق 02 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • حسين المرخي | 7:05 ص

      عين عليوه

      نتمني من الوزيرة ارجاع عين عليوه التاريخية لاهالي المرخ .. عين من الالاف السنين .. بامكانك الاطلاع عليها يا وزيرة

    • زائر 11 | 2:09 ص

      الحكومة ترفض تشييد جامع العالي بـ «السيف» وتعرض إقامته بالدراز

      أن الحكومة رفضت تشييد «جامع الحاج حسن العالي» بضاحية السيف رغم صدور ترخيص البناء قبل عدة سنوات، ورغم ترسية مناقصة المشروع على أحد المعماريين.
      وكان المرحوم الحاج حسن العالي قد دفن في الأرض المخصصة للجامع في العام 2003، وقد أوصى ببناء الجامع وخصص له الأرض وما يتطلبه من تمويل واستعدادات.

    • زائر 10 | 1:39 ص

      الحدود

      زحف عمراني مذهل في ما يسمى بهورة عالي .. يعني الفلل اللي تنبني على قدم و ساق و آخره قبل عدة أسابيع .. يعني هل هذه المنطقة مخططة و مقسمة و ما هي حدودها .. بتوصل الفلل الى قصر منصور العالي ..

    • زائر 8 | 12:51 ص

      أذا حاضرنا لم يسلم فكيف بالماضي!

      اليوم نعيش في سجن كبير، لا سواحل ولا بحار ولا شواطئ ولا جزر ولا نخيل ولا أماكن ترفيه فقط توجد أسوار وأملاك خاصة وسواحل خاصة، أذا اجتهدت في الحصول على (بقعة) بحرية تطل عليها سترى من بعيد الجرافات وكأنها وحوش خرجت من أعماق البحر لدفن ما تبقى، فإذا كانت البيئة والإنسان اليوم تطاله يد التدمير وخطط التخريب فكيف بتاريخ وماضي الوطن!؟ لابعد من محو كل ما يرتبط بماضي وتاريخ هذا الشعب بل وحتى ما يرتبط بحاضره حتى الجغرافيا يجب أن تتبدل، شعب مغلوب على أمره وبالله المستعان.

    • زائر 7 | 12:34 ص

      الى متى

      أما حرية الصحافة فخير مثال عليها قبر وتغيب ومحاكمة من ينطق بإسم م التقرير المثير للجدل وأما المحافظة على التراث فمتمثلة بالمحافظة على أسماء القرى والمحافظة على القبور الموغلة في القدم وعدم إزالتها لبناء وحدات سكنية للمجنسين وفي المحافظة على هوية المنامة وعدم تحويلها إلى ولاية هندية والمحافظة على النسيج الوطني وعدم العبث في التركيبة السكانية عن طريق تجنيس الهنود والباكستانيين

    • زائر 6 | 12:06 ص

      ولسنا أشراراً أو أعداء !!!!!!!!!

      كما قا لوا ( اللسان ما له عظم ). نسمع و نقراء شىء و نرى العمل شىء أخر .كما قلت بأن الدوله ككل هم بلفعل فى واد و الناس فى واد.

    • زائر 5 | 12:00 ص

      شكرا سيدنا

      شكرا سيدنا

    • زائر 4 | 11:42 م

      وزارة الثقافة ... بإنتظار غودو

      الأخ الفاضل شكرا لإهتمامك بهذه القضايا الحيوية . ولكني أعتب على كاتب أكن له كل الإحترام أن لا يتوخى التدقيقي فيما يقدمه من معلومة حتى و إن كانت صغيرة .
      أستاذنا العزيز مسرحية في إنتظار غودو ليست لبريخت بل هي للكاتب الإيرلندي صمويل بكيت وقد كتبها اولا باللغة الفرنسية ما بين سنة 1948 -
      1949
      ثم ترجمها بنفسه إلى الإنجليزية و تعتبر أهم عمل مسرحي كتب بهذه اللغة في القرن العشرين . صباحك مسرح

    • زائر 3 | 11:38 م

      الله يساعدك ياسيد

      نتامل خير في الحفاض على ما تبقى من اثار هذا الشعب الاصيل

    • زائر 2 | 11:05 م

      سنوات الجريش

      حتى المواقع الي تتكلم عن تاريخ البحرين أغلقوها حتى لا يطلع الأجيال على تاريخهم

    • زائر 1 | 10:36 م

      تأذن في خرابه

      تأذن في خرابه يا استاذ قاسم
      وزارة الثقافه حالها حال باقي الوزارات و المؤسسات
      التابعه للدوله تنفذ اوامر و مصالح الي فوق يعني بختصار لو لكباريه بغوي يشيلون قلعة البرتقال و قلعة عراد و يخلون مكانهم فندق سياحي ما في وزاره و لا احد من الناس يقدر يقول ثلث الثلاثه كم؟؟
      و اكبر مقبره عرفها التاريخ ممكن تزال بلمحة بصر لو لكباريه حبو يسونه ملعب للقولف .
      وين انت عايش يا استاذ عبالك؟؟
      هذه ديره منهوبه و يكفيك ترجع الى ملف الاراض المسروقه من الدوله و تعرف انت مع منو عايش .

اقرأ ايضاً