العدد 2838 - الأحد 13 يونيو 2010م الموافق 29 جمادى الآخرة 1431هـ

1000 مرتزق يستحقّون 3 مليارات دولار سنوياً!

حرب الثلاثة تريليونات دولار (3)

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في هذه الحلقة من قراءة كتاب حرب التريليونات دولار، تظهر لنا مجموعة العوامل التي تجعل من طريقة قراءة الإنفاق خاطئة. وخصوصاً أنها لا تعالج ما تُنفقه الولايات المتحدة بشكل آجل أو غير مباشر، مع أن تلك النفقات ذات صلة عضويّة بالميدان، وقد تكاد تكون مباشرة. بالإضافة إلى كون تلك التقديرات بعيدة عن الواقع.

كانت المؤسسة العسكرية الأميركية مُطالَبة بدفع 900 ألف دولار كتعويض لورثة جندي أميركي قُتِل في العراق. إلاّ أن التثمين الفعلي كان يلوح حول 7 ملايين دولار، ليتحوّل الحديث لاحقاً عن ضرورة دفع 28 مليار دولار لـ 4000 جندي أميركي قُتِلُوا في العراق. أما فيما خصّ الإصابات التي تقع في الجنود تبيّن أن ضعفها يقع في حوادث أمراض، بعضها ظهرت أعراضه بعد رجوع الجنود إلى الولايات المتحدة. وفي كلتا الحالتين، فإن البنتاغون مطالب بتقديم عمليات تعويض مُجزية.

وأمام هذه الفاتورة الباهظة فقد وَجَدَ الباحثان أن نظام المحاسبة النقدية التي تتبعها الإدارة الأميركية خاطئة؛ لأنها تُهمِل الالتزامات المالية الآجلة ولا تحتكم إلى «قيود حسابية تراكميّة». فالحَسْبَة النقدية لا تُظهر معادلة الإنفاق «الحقيقي» الذي يتوجّب أن يلاحق آخر دولار تمّ إنفاقه حتى اللحظة. لذا فإن وزارة الدفاع وما بين الفترة 1997 - 2007 لم تستطع اجتياز خط الاختيار التدقيقي في مجال المصروفات.

قبل العام 2002 كانت مُخصصات وزارة الدفاع الأميركية (دون احتساب تكاليف الحروب) 500 مليار دولار. ومنذ ذلك العام وحتى العام 2008 زاد المبلغ بأكثر من 600 مليار دولار. وبالتالي فإن المشكلة أن التكاليف «الكُلِّيَّة» هي مُوزّعة ما بين وزارة الدفاع وهيئة الضمان الاجتماعي والتطوير المدني وغيرها. وما يزيد من غُموض الإنفاق هو «الزيادات الطارئة» في الموازنات. لقد قفز المبلغ المرصود لعمليات قتالية فعّالة في العام 2008 من 141.7 مليار دولار إلى 190 مليار دولار.

القانون الأميركي للمخصصات المالية، يشترط أن يكون التمويل للحرب منفصلاً عن الاعتمادات العادية للدفاع. لذا فإن إحدى أهم طرق ضرب الشفافية في معركة التكاليف هي إخفاء نفقات الحرب داخل موازنة الدفاع «العادية». بمعنى عدم معرفة البرزخ الفاصل بين الاعتماد العادي، والاعتماد الإضافي، وما إذا أُخِذَ من الأول لصالح الثاني، ومدياته القانونية والطارئة.

الأعباء على فروع الحكومة الأخرى

يُظهِر البحث خريطة مُعقّدة لعملية توسع الإنفاق على المستوى البيروقراطي. فالموضوع غير متعلق بوزارة الخارجية والدفاع والضمان الاجتماعي فقط، بل امتد إلى الإسكان والعمل. والأكثر إرهاقاً هو قضايا التأمين على الحياة بالنسبة إلى المتعهدين. فشركات التأمين تُحجم عن تقديم غطاء تأميني خلال الحروب بسبب الأخطار المباشرة ذات الفرص الكبيرة، الأمر الذي يدفع بالحكومة الأميركية إلى تقديم علاوة أخرى وفلكيّة لكي تقبل تلك الشركات بفتح سقوفها التأمينية على أولئك المتعهدين الموجودين في ميادين الحرب.

وحسب تقدير ستيغلتز/ بيلمز فإنها تُكلّف ما نسبته 10 - 20 في المئة من الرواتب. بمعنى أن الإدارة الأميركية تدفع 10 - 21 ألف دولار كأقساط تأمين لرجل الأمن الخاص الذي يتقاضى 100 ألف دولار سنوياً. في المحصلة، وفي أدنى التوقعات (1000 دولار أسبوعي) فإن ذلك يعني أن الإدارة الأميركية ستدفع 780 مليون دولار سنوياً. هذه الأرقام مفصولة عن السقف الذي يلي التأمين. فمقتل 1000 متعهد سيعني ثلاثة مليارات دولار تُدفع لذويهم بشكل سنوي. بالإضافة إلى الفقد الضريبي الذي سيصل إلى 368 مليار دولار.

النقطة الأهم في هذا الموضوع، أن منتسبي تلك الشركات الأمنية ومتعهديها، أشخاص متمرّسون في القتال، إلاّ أنهم غير ملتزمين بشرف القتال العسكري المعهود. لذا فإن معاركهم ضد الخصم والتي عادة ما تخلق تقديراتها «آنيّة المعركة» لا تشتمل إلاّ على وجهتين أمنِيَّتَيْن فقط إما النصر بالقتل، أو الهزيمة «المحروقة» عبر الانتقام من أكبر عدد ممكن من الخصم (حادثة ساحة النسور ببغداد مثالاً).

كلفة الاستدانة ودفع الفوائد على الدَّيْن

تصِل مديونية الولايات المتحدة إلى 9 تريليونات دولار. ومع بقاء نسبة الضرائب مستقرة مع زيادة مطردة في نفقات الحرب، يُصبح الأمر محل اهتمام وقلق. هنا يتحدث الباحثان عن أمر في غاية الأهميّة، وهو الفئات الثلاث من المدفوعات والتي حان استحقاق فائدتها. الأولى: الفوائد التي سُدِّدَت بالفعل على المال الذي اقتُرِضَ بالفعل. الثانية: فوائد ما سبق اقتراضه. الثالثة: ما سيتعيّن استدانته لدفع المصاريف المستقبلية للعمليات الحربية، بما في ذلك الفوائد المتوجّبة السداد على القروض المستقبلية.

المشكلة هي أن مدفوعات الفائدة ستصل بعد سبعة أعوام إلى تريليون دولار. ولأن الدَّيْن الأميركي سيصل في ذلك العام إلى 3.6 تريليونات دولار، ولأن الحرب فاجعة التكاليف فإن الأجيال هي التي ستتحمّل ذلك العبء حين يُحتسب الثمن الإضافي للعبء الضريبي من أجل تسديد الدَّيْن. في المحصلة فإن المفاضلة ما بين سيناريو الحالة الفُضلى والسيناريو الواقعي المعتدل الذي تمّ وضعهما من قِبَل الباحثَيْن لا يُوفّران أقل من هزيمة مالية مُهلكة.

الكلفة الحقيقية للعناية بالجنود المُسرّحين

في الحديث عن التكاليف الباهظة التي يتطلبها إسعاف ومعالجة الجرحى، فإننا نتحدث عن جانب أساسي من تلك التكاليف. فحتى نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2007 أصيب 67 ألف جندي بإصابات مختلفة. ورغم أن سجل وزارة الدفاع مليء بهذه الجُملة المُزمنة والتضليلية: الإصابات غير القتالية، كتحطّم المروحيات ليلاً أو نهاراً، لأنها لا تريد أن تنسب (للمقاومة العراقية) لأيّ مكسب، إلاّ أن السجلاّت الطبية، في مراكز العناية الطبية تُظهر عكس ذلك وبشكل يكاد أن يكون مُغايراً تماماً.

الغريب، بأنه وكما تمّ الاعتماد في عمليات الصّيانة للعتاد الحربي المعطوب على التصليحات العاجلة في الميدان وأثناء المعارك، فإن الأمر ذاته حدث للجنود الأميركيين والمتعهدين. الفارق هو أن الإسعافات التي كان يتلقاها الجنود خلال المعارك وبشكل مباشر كانت تقِيهم من «الموت المُحتَّم» فقط وليس التعافي القادر على جعلهم جنوداً أسوياء، وكامِلِي القوّة. كان على الجنود المصابين أن يتلقّوا بقيّة العلاج في الولايات المتحدة، أو في قاعدة لاندشتول بألمانيا. وهو في حدّ ذاته عنصر مُكلِف للغاية، وخصوصاً أن هناك 751 ألف جندي قد تمّ تسريحهم من العراق وأفغانستان، وأعداداً كبيرة منهم يحتاجون إلى رعاية طبيّة. (للحديث صلة)

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2838 - الأحد 13 يونيو 2010م الموافق 29 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 4:14 ص

      دافع الضرائب

      المشكلة ان الفاتورة لن يدفعها دافعي الضرائب الامريكي وانما المواطن العربي عبر استنزاف ثروة الدول العربية

    • زائر 3 | 3:34 ص

      وشعاد

      وفي البحرين 300 الف مجنس يسحقون نصف الميزانية واكثر

    • زائر 2 | 2:33 ص

      ربك مايطق بعصى

      خلهم يدفعون فاتورة الحروب التي يخوضونها شرق وغرب شمال وجنوب ماخلوا أحد في حاله عبالهم القوة العسكرية كل شي قوة بدون عقل مصيبة هم مثل الدب الذي أراد أن يطرد الذبابة عن صاحبه وهشم راسه بالحجارة.

    • زائر 1 | 12:02 ص

      راحت عليكم

      ارقام خيالية . راحت عليكم يالامريكان

اقرأ ايضاً