العدد 2389 - السبت 21 مارس 2009م الموافق 24 ربيع الاول 1430هـ

باقر النجار «مغنية الحي التي لا تطرب»!

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حاز باقر النجار-البحريني الجنسية- مع ستة آخرين جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الثالثة، عن فرع التنمية وبناء الدولة، التي وصفها الأمين العام للجائزة راشد العريمي، في كلمته الافتتاحية في حفل الجائزة «إنها محاولة من البلد العربي، المفعم بالأمل والطموح، لتكريم القابضين على جمر الكتابة في العالم العربي، متحدين صعوباتها، عابرين فوق أشواكها، حالمين في صنع غد أكثر رقيا وأكثر إنسانية».

وعبرت وزيرة الإعلام البحرينية الشيخة مي آل خليفة وعضو مجلس أمناء الجائزة عن فرحتها المضاعفة «أولا بالجائزة وثانيا لفوز بحريني بأحد فروعها».

وتشمل الجائزة تسعة فروع تغطي: التنمية وبناء الدولة، أدب الأطفال، الآداب، الفنون، وأفضل تقنية في المجال الثقافي، إضافة إلى جوائز تقدم للمؤلف الشاب، وشخصية العام الثقافي، والنشر والتوزيع.

جميل جدا أن يشارك باحث اجتماعي - سياسي من مستوى باقر النجار في مثل هذه الجوائز، وأجمل من ذلك أن نعلم عن فوزه في مسابقة عربية، ففي ذلك تأكيد على أن هناك في البحرين الصغيرة في مساحتها الجغرافية، المحدودة بعدد سكانها الذين يقتربون من المليون، من يمتلكون الموهبة والكفاءة والقدرة على المنافسة في مسابقات دولية أو إقليمية. تهنئ البحرين نفسها قبل أن تهنئ باقر نفسه بالفوز الذي أهداه إياها كأحد أبنائها البررة.

ولكي لا يكتم أنفاس الفرحة البحرينية بالفوز من ينبري ليقول بأن فوز باقر النجار لا يعدو كونه استثناء يؤكد قاعدة عقم البحرين وعدم قدرتها على إنجاب من يستحقون الفوز، نذكره بأنه قد سبق باقر إلى ميادين الفوز الشاعر قاسم حداد بفوزه في جائزة العويس الثقافية، وكذلك محمد جابر الأنصاري، ولا تحضرني هنا قائمة الفائزين البحرينيين، بمن فيهم أولئك الرياضيين من أمثال العدّاءة رقية الغسرة.

القصد من وراء ذلك أن هناك في البحرين من الكفاءات مَن بوسعها أن تساهم بشكل علمي، ومن منطلقات وطنية في مشاريع التنمية والتطور التي نسمع عنها بين الحين والآخر، لكننا غالبا ما نراها -أي تلك الكفاءات- مركونة جانبا، وقلّما يُلتفت نحوها، وهناك قائمة بأسماءٍ بحرينية تفوقت على مقاعد الدراسة، وتبوأت فيما بعد مناصب قيادية تمتلك صنع القرار في مؤسسات إقليمية وعالمية.

ليس الخطأ في أن يتقدم النجار وسواه من الكفاءات البحرينية للدخول في مسابقات إقليمية أو عالمية، بل إن ذلك عين الصواب، حيث تتلاشى أمام المعايير العلمية كل المقاييس الأخرى، بقدر ما يكمن الخطأ في حالة التهميش المستمرة التي تعاني منها مثل هذه الكفاءات العلمية في بلدها البحرين.

وباقر النجار وفوزه اليوم هو أحد الدلائل على ذلك. النجار الفائز بجائزة زايد، وإذا لم تخني الذاكرة، لم يكمل دورة واحدة في مجلس الشورى الذي يفترض أن يكون إحدى الدعامات الرئيسة في بناء دولة البحرين الحديثة القائمة على السلطات الثلاث. فعندما حل مجلس الشورى، وقبل أن يكمل دورته، من أجل التحضير للدورة التي شهدت أول دورة للمجلس النيابي، كان باقر النجار ممن اُقصوا من القائمة. الأمر من ذلك أنه كان بين المعينين ممن لم ترق مؤهلاتهم العلمية ولا السياسية إلى ما يتمتع به باقر النجار الفائز بجائزة الشيخ زايد عن مساهماته الفكرية في «التنمية وبناء الدولة».

من الخطأ، أن تقوم هذه الالتفاتة نحو الإطارات البشرية البحرينية الكفوءة على التقديرات الفردية، أو التعيينات العشوائية، بل إن الخطأ بعينه أن يكون فوز النجار هو المعيار الوحيد الذي يحكم بموجبه على كفاءته، التي ليست سوى خطوة واحدة على طريق شقها النجار بكده وتعبه.

المطلوب هنا إلقاء هذه المسئولية على مؤسسات -كل منها يحتضن الخبرات ذات العلاقة- قادرة على التقاط مثل تلك الكفاءات ووضعها في خاناتها الصحيحة، كي تقوم بواجبها المهني والوطني على النحو الصحيح.

وطالما أنّ مثل هذه المهمة هي مهمة وطنية بالأساس، فمن الخطأ ان تنحصر مسئوليتها في الدولة ومؤسساتها، إذ لابد وأن يكون للقطاع الخاص، ممثلا في غرفة تجارة وصناعة البحرين دورا ملموسا فيه، ومؤثرا في استمراره وتطوره.

بل ولربما حان الوقت كي تتقدم الغرفة الصفوف وتطرح مشروعا وطنيا عاما لا يحصر نفسه في المسابقات والجوائز، بقدر ما يوسع من نطاق المساهمة كي تشمل إعداد تلك الإطارات، وخاصة الشابة منها، وتهيئتها كي تتأهل للمساهمة في مشروعات ومؤسسات بناء الوطن وتحديثه من جهة، والمشاركة في المسابقات، من نمط «جائزة الشيخ زايد» من جهة ثانية.

وإلى أن يتم ذلك، ستواصل البحرين في تهميش أبنائها، من أمثال ومستوى باقر النجار وسواه من الكفاءات البشرية، والاستعاضة عنهم بكوادر أخرى غير بحرينية تأكيدا للقول الشعبي المشهور بأن «مغنّية الحي لا تطرب»، مهما كان حسن شدوها وجمال صوتها.

الملفت للنظر في جائزة هذا العام أنها حجبت جائزتين هما فرعي أدب الطفل وأفضل تقنية في المجال الثقافي. وأرجع العريمي قرار الحجب هذا إلى أن <>الأعمال المتقدمة لم تتطابق مع التوصيف المعلن عنه في فرع أفضل تقنية في المجال الثقافي. أما بما يتعلق بأدب الطفل، فالأعمال المتقدمة لم ترق إلى المستوى المنشود في الجائزة».

ودون الدخول في الكثير من التفاصيل، ففي ذلك إشارة إلى مسألتين في غاية الأهمية: الأولى أن اهتماماتنا بالمستقبل والتخطيط له لاتزال دون المستوى المطلوب، والثانية أن مستوى التقنية العربي، هو الآخر، لم يرق إلى مستوى يؤهله استحقاق الفوز بجوائز من مستوى «جائزة الشيخ زايد».

وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن هذه المسابقة التي تبلغ قيمة جوائزها 7 ملايين درهم، تقدم للفائز، بالإضافة إلى القيمة المعنوية، مبلغا من المال، يساعده كثيرا، إما في تحسين ظروف معيشته، أو في تحسين ظروف العمل والإنتاج التي ساعدته على نيل الجائزة، أو ربما كانت -نظرا لترديها- سببا لمنعه عن المشاركة في مسابقات أخرى

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2389 - السبت 21 مارس 2009م الموافق 24 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً