العدد 2389 - السبت 21 مارس 2009م الموافق 24 ربيع الاول 1430هـ

فراغ برنامج «خلنا على بالك» مازال شاغرا في الإذاعة البحرينية

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

لا نحتاج إلى مدح الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، فتألّقها كوزيرة للثقافة والإعلام يبرز دائما، من خلال العمل الذي تقوم به يوما بعد آخر، منذ توليها منصبها الحالي في وزارة الإعلام، وقبل ذلك في مشروعها الثقافي الجليل.

وإننا نجد الخطى البارزة في وزارتها لتطوير قطاع الثقافة والإذاعة والتلفزيون، ولكننا في هذا المحفل نتمنى تسليط الضوء على قطاع الإذاعة، الذي تشوبه بعض العراقيل في نوعية البرامج التي تُطرح على سمع المواطن البحريني.

وأصل الحديث يُرجعنا إلى وضع علامات استفهام، حول ماهية إيقاف برنامج لعمالقة الإذاعة في البحرين، يبدأ بفكرة وإعداد المبدع وليد الذوادي وإخراج المتألّق أحمد الشريان، ويقدّمه مَلك الصوت الحزين فايز السادة مع المبدعة نسرين معروف.

إذ بدأ برنامج «خلنا على بالك»، مساء كل يوم ولمدة سنة، يعرض مشكلات الناس ويتناول قضايا واقعية في المجتمع البحريني، ولأوّل مرة نجد أفرادا يتابعون البرنامج بشغف، فما أن تدق الساعة السادسة والنصف، حتى يتوجّه المواطن إلى سيارته أو غرفته، طمعا في الاستماع ورغبة في التواصل والاتصال.

وعالج البرنامج قضايا الأسر المتصدّعة ومدمني المخدرات وعبدة الشيطان، وكان لتألّق مذيع البرنامج وتعاطفه مع الناس، الأثر الكبير في توجّه القيادات المجتمعية ورجال الأعمال، إلى تبني بعض الحالات المحتاجة إلى الرعاية والحنان.

فعندما تناول البرنامج موضوع المخدرات، اتصل بهم مدمن من المدمنين وطلب منهم المساعدة للعلاج، فما كان من وزارة الداخلية إلا التدخل المباشر، ومساعدة الشاب من براثن وأوكار الإدمان والمدمنين، وعلاجه خارج البحرين، ومن ثم تمّ توظيفه في وزارة الداخلية.

وعندما فُتح ملف عبدة الشيطان في البحرين، حول حفلة أقيمت سرا في إحدى الصالات المشهورة للأفراح، قام 3 من البحرينيين ممن حضروا الحفلة بالاتصال بمعد البرنامج، والدفاع عن أنفسهم، وفي الحلقة الأخرى حضر رجل دين يدعو الشباب إلى الالتزام، وإلى البعد عن هذه المظاهر الخاطئة.

وسار البرنامج حول تناول قضية جحود الأبناء، وأبكتنا الأم التي أخذت تشعر أبياتا وهي تبكي أولادها الجاحدين، وتقول:

ربيت الأولاد يوم صباي وينوني

وحسبت الأولاد عند الكبر يغنوني

ومن ثمّ ناقش البرنامج جحود الآباء، فاتصلت إحدى الفتيات تطلب العون من البرنامج، إذ إن والدها طردها من المنزل، ومرّ الزمن دون أن تجتمع بوالدتها وإخوتها، وطلبت توفير العمل لها فطريق الشر الذي كانت تسلكه أتعبها، وقد نجح البرنامج بتوفير شقّة لها عن طريق تبرع إحدى الشخصيات البارزة في المجتمع، والتي كانت تسمع الفتاة وهي تصيح الآه وتناشد الناس، وتم لم شملها بعائلتها.

ثم انتقل البرنامج إلى قضية اللقطاء، وتواصل الأيتام في الاتصال بالبرنامج والحديث عن معاناتهم، وقسوة الحياة التي لا ترحم، فما كان من المجتمع كذلك إلا التدخّل ومساعدتهم بما يمكنهم من قوّة.

وتلت ذلك العديد من القضايا كالجنس الثالث -أي اللواط-، والجنس الرابع كما أطلقوا عليه في البرنامج -أي المسترجلات-، واتصل العديد من الناس والشخصيات التي تكلّمت عن هؤلاء، ووصلت المداخلات ذروتها عندما بدأ أصحاب المشكلة أنفسهم يفضون ما بجعبتهم، ويتكلّمون عما يواجهونه في حياتهم، فما كان في اليوم التالي إلاّ حضور رجل دين يناقش القضية مع الجمهور داخل البرنامج.

أيضا تناول برنامجنا الجميل «خلنا على بالك» قضايا أخرى، كالطلاق وحقوق المطلّقات، وهروب الفتيات، وسفاح المحارم، وعلاقة الآباء بأبنائهم، والانحرافات الأخلاقية واللفظية، والطابور الخامس وتأثيره على المجتمع، وتنظيم المسيرات، والفتنة، وعن تأثيرات الفضائيات، والآثار المترتبة عن الفيزا كارد، وهموم المواطن مع القروض وغرقه فيها، وعن زحمة السير وربطها بعدد السيارات الجديدة، وعدد رجال المرور المتوفرين في الشوارع، وتغطيتهم لتنظيم السير والسيارات في الشوارع، وناقش المسئول عن ضياع اللغة العربية، وغطى البرنامج موضوع السحر والشعوذة، وعن تحقيق السعادة داخل المنزل، وغيرها من المواضيع الحساسة والمهمة في حياة كل مواطن بحريني.

وكذلك اتجه البرنامج نحو تعزيز المواطنة والانتماء والولاء للوطن، وفي إحدى المرات ناقش مسألة رد الجميل للوطن، وناقش حرية الصحافة والصحافيين والقوانين المناطة بهم، كما عزز مسألة وجود شراكة المجتمع ودورها في خدمة المواطن البحريني، وانتقل إلى الخدمات التي تعرضها خدمة 999.

لقد كانت رسالة البرنامج واضحة، وهي توعية المجتمع البحريني بالمشكلات الاجتماعية، والاعتراف المجتمعي بوجودها، وعرض الحلول الواقعية لها، وكانت الرسالة كذلك على قدر من المسئولية والدقّة في توصيل المعلومة إلى المسئولين في الدولة.

إن دليل نجاح هذا البرنامج تواصُل الناس معه، وتخطي الحدود الحمراء والحواجز غير المقنعة، ليدخل إلى قلب المواطن البحريني، ويمس قضاياه الساخنة يوما بعد يوم.

بالمقابل وبعد توقّف البرنامج رحنا نتابع بعض البرامج الأخرى، التي لا تغني ولا تسمن من جوع، وبهفوات مذيعيها، فتارة يتم الضحك على المتصل، وتارة أخرى نجد الكلام غير رصين، وبرنامج نجد فيه تطاولا على الإمام البخاري، كما وجدنا الأمثال الهابطة تُقال على الهواء، والتي لا تناسب سمع الناس ولا مكانتهم، ولا تقال للناس بهذه الطريقة البشعة، وكذلك انتشر استخدام الاسم المستعار والأسماء الرخيصة من قبل المستمعين!

ألا يجدر بنا الحصول على برنامج «خلنا على بالك» يا وزيرة الثقافة مرة أخرى، وخاصة أنه أثبت نجاحه لمدة عام، حتى عندما أذاع فايز: اليوم آخر حلقة، توقّف الناس عن التحدث بموضوع الحلقة، وناشدوا المسئولين بعدم قطع برنامج متميّز كهذا البرنامج.

نتمنى من وزيرة الثقافة والإعلام، وهي السبّاقة إلى التميز والإبداع إلى رجوع هذا البرنامج، أو حصولنا على برنامج هادف كهذا البرنامج، حتى يستفيد الآباء والأبناء، ويتواصل الناس مع المسئولين تحقيقا لتوثيق العلاقة بين الجميع، وإحقاقا للشراكة المجتمعية، وزرع المسئولية الاجتماعية في جوف من لا يعرف المسئولية! وليكن هدفنا دائما هو تصحيح الوضع الخاطئ

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2389 - السبت 21 مارس 2009م الموافق 24 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً