نقلت صحيفة «الوسط»، في عددها الصادر بالأمس عن مصادر وثيقة «أن بعض شركات الاتصالات الصغيرة التي تقدم الخدمات الدولية مدفوعة الأجر مسبقاً بدأت تعاني صعوبات من المنافسة الشرسة في قطاع الاتصالات في البحرين، وأن واحدة منها على الأقل ظهرت عليها بوادر التعثر بعد إخفاقها في تسديد مستحقات شركة رئيسية مزودة للخدمة... وأن اجتماعاً ينتظر أن يعقد بين بعض المسئولين في هذه الشركات وهيئة تنظيم الاتصالات (الهيئة)، المسئولة عن القطاع، بهدف تدارس موضوع المنافسة وآثارها على الشركات الصغيرة المرخص لها من قبل الهيئة، في ظل الانفتاح الشامل لقطاع الاتصالات... وأن التعثر قد بدأ يصيب هذه الشركات الصغيرة، وما لم يتم تدارك الوضع فبالتأكيد ستخرج من سوق البحرين في وقت قصير جدا، وطالبت رسالة وجهت إلى الهيئة من قبل 10 شركات مزودة للاتصالات استعجال العمل على وقف ما أسموه خروق شركة الاتصالات الرئيسية في البحرين لشروط المنافسة، والذي يدفع الشركات الصغيرة وشركات الوساطة أما العمل بخسائر للاحتفاظ بحصتها في السوق أو الارتكان إلى عدم المنافسة والخروج من السوق».
وفي محاولة لجس نبض الشارع من هذا الخبر، عدت إلى جميع مداخلات القراء على الموقع الإلكتروني لـ «الوسط»، فوجدتها تتفق جميعاً وبتعبيرات مختلفة، على استفادتها من تحرير سوق الاتصالات البحرينية، واستمتاعها بالعروض التنافسية التي تقدمها الشركات المختلفة، من نمط: «إن شاء الله تكون فيه منافسه شديدة بين الشركات وإحنا المواطنين في الفايدة»، و«فعلاً المنافسة حلوة» ، و«واحنا اشعلينا أهم شي احنا مستانسين بالعروض ويالسين نوفر جمن بيزة «.
عندما ندمج ما نقلته «الوسط»، مع ما حملته تلك التعليقات، وأخرى كثيرة غيرها، نكتشف أنه بقدر ما كان تحرير سوق الاتصالات البحرينية قبل عدة سنوات خطوة في الاتجاه الصحيح، وبأن المواطن ربح كثيراً من وراء ذلك، حيث بات قادراً على الاختيار، بدلاً من إرغامه على القبول بما تقرره له شركة واحدة فقط تنفرد بتقديم خدماتها للسوق المحلية، وبأن تشكيل «هيئة الاتصالات» التي جاءت كي تتولى تنظيم هذه السوق، ومراقبة آليات تنفيذ سير الأعمال فيه، والتحكم السليم في تطوراته، كان هو الآخر أيضاً قراراً لا ينبغي التراجع عنه. بقدر ما وجدنا علامات دامغة على استغلال بعض الشركات لهذه الحرية المعطاة لها على نحو سيئ، بات يضر بمصلحة المواطن، ويشوه سمعة السوق البحرينية. وهنا لابد من التأكيد على أنه هناك فرق شاسع بين تحرير الاقتصاد، وترك الحبل على الغارب. فهكذا وجدنا شركات معينة، قد قررت، وبوعي، أن تستفيد من تلك الحريات والتلاعب بالصيغ الإعلانية، من أجل «غش» الزبون، أو استغلال جهله ببعض التعابير الفنية التي وردت في حزم الخدمات التي تعرضها، كي توسع من حيز حصتها في السوق، وهذا هو الأمر الذي بحاجة إلى وقفة جادة ومسئولة للأسباب التالية:
1. صغر حجم سوق البحرين مقارنة بالأسواق الخليجية الأخرى المحيطة بها، الأمر الذي لا يتيح مساحة واسعة لارتكاب الأخطاء، دع عنك تكرارها. ومن ثم فلاينبغي السكوت عن أي خطأ، مقصوداً كان أم عفوياً ترتكبه أي من تلك الشركات بحق المواطن أو بمستوى الخدمات التي تقدمها، لأنه، أي ذلك الخطأ، كفيل بزعزعة الثقة في هذه السوق الصغيرة، ومن ثم إرباك حركتها. وهذا من شأنه أن يعيق تطور السوق أو تحسين خدماتها.
2. انعكاس ذلك على الأنشطة الاقتصادية والمالية الأخرى، مثل تلك التي تقدمها المصارف وخدمات البيع بالتجزئة، ففي اقتصاد اليوم، لم تعد الاتصالات مجرد قناة تربط بين طرفين، أو خطوط مشبكة بين مجموعة من المستخدمين، لقد أصبحت الاتصالات تحتل مساحة مركزية من تلك الأنشطة، ومن ثم فأي ضرر يلحق بها ينتقل تلقائياً إلى تلك الأنشطة. نكتفي بالحديث عن الخدمات المصرفية التي تبدأ بخدمات بطاقات الائتمان التقليدية من مختلف الفئات، كي نصل إلى تسديد الفواتير على الإنترنت، مروراً بالتحويلات المالية عبر شبكات الاتصالات الخاصة مثل «سويفت»، والعامة مثل «الإنترنت».
3. عدم الاستفادة الكاملة من خدمات البطاقات المسبوقة الدفع، وسوقها كبير وآفاق تطورها واسعة، واضطرار المستخدم، نظراً للتلاعب بالخدمات في السوق المحلية، إلى الاعتماد على بطاقته الأصلية التي يحملها من مزوده الأصلي بالخدمة، رغم ارتفاع كلفة استخدامها مقارنة بتلك المحلية، وهذا يفقد الاقتصاد البحريني دخلاً لا يستهان به، ويفتح السوق البحرينية لاختراق الشركات غير المحلية.
لذلك، فقد بات المطلوب من هيئة الاتصالات أن تأخذ موقفاً مسئولاً ينطلق أساساً من الدفاع عن مصلحة المستخدم أولاً، وحماية الاقتصاد البحريني ثانياً، من خلال مجموعة حازمة من الإجراءات، ترتكز على صلاحيات مهنية صحيحة، تحقق ما يلي:
1. التريث والحزم في إصدار تراخيص الشركات، قبل السماح لها بمزاولة أعمالها، بحيث لا تضطر في مراحل لاحقة إلى مصادرة ذلك الترخيص، أو الدخول في مشكلات إدارية وقانونية وإجرائية، مع ملاك ذلك الترخيص. ولدى مملكة البحرين خبرة دولية غنية اكتسبتها في مجال الخدمات المصرفية، يمكن الاستفادة منها على صعيد الاتصالات، آخذين بيعين الاعتبار الفوارق في قوانين وتشريعات القطاعين.
2. المراقبة الدورية والمستمرة لأنشطة تلك الشركات والعروض التي تقدمها، والتأكد من تقيدها بالأنظمة والقوانين المعمول بها في البحرين من جهة، والتزامها بما تدعيه في عروضها طيلة مدد تلك العروض، وليس في بدايتها فحسب، من جهة ثانية.
3. التأكد من عدم اللجوء إلى سياسة حرق أسعار عشوائية تضر بالسوق من جانب، وتكون على حساب مستوى الخدمات من جانب آخر. وهنا ينبغي توخي الحيطة والحذر للوصول إلى سياسة رقابية صارمة، لكنها منصفة أيضاً، بحيث تكفل الرقابة الضرورية دون ان تحرم السوق من خدمات متطورة وبأسعار ليست مكلفة.
وهذا كله، لا يمكن ان يتم إلا في نطاق وقفة جادة ومسئولة تنظم هذه السوق وتحول دون أي تلاعب فيها
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2835 - الخميس 10 يونيو 2010م الموافق 27 جمادى الآخرة 1431هـ
it is an era of clean Competition
thank you Mr. Obaidly ...it is an era of clean Competition
..with compliments of Nadaly Ahmed