يحتاج المشرعون وصناع السياسات إلى آليات للتعرف على احتياجات المواطنين ومصالحهم وأولياتهم، أو بمعنى آخر، يحتاج صناع القرار إلى معلومات شاملة وحديثة تبين لهم ما يريده الناس ويطلبونه بصفة منتظمة.ومن دون هذه المعلومات قد يقوم أفضل صناع القوانين وأفضل صناع السياسات بكل حسن نية بوضع قوانين ولوائح لا تفيد غالبية المواطنين.علاوة على ذلك، إذا لم تكن هناك مدخلات منتظمة من المواطنين، قد يقع النظام القضائي وصناع القرارات تحت سيطرة بعض الافراد أو المجموعات من أصحاب النفوذ الذين ينجحون دائما في إصدار قوانين ولوائح لا تخدم إلا مصالحهم الخاصة.
وفي مطلع التسعينيات وضع معهد الحرية والديمقراطية في بيرو استراتيجية لجعل عملية صنع القرار عملية ديمقراطية.وتضمنت تلك الاستراتيجية المكونات التالية:
توصيات بالسياسات التي تعمل على زيادة المشاركة العامة في صنع القرار:
- يتم نشر مسودات جميع القوانين واللوائح، باستثناء ما يتعلق منها بالأمن العام والشئون الخارجية، قبل أن تصدر كقوانين، ويشمل النشر شرحا لأهداف القانون أو السياسة، وتحليل لما يعود على المجتمع من فائدة وما يتحمله من كلفة، وإشارة إلى الجهة أو الجهات الحكومية أو ممثلي الحكومة الذين أعدوا المسودة.
- وبعد ذلك تعطي ووسائل الاعلام للمواطنين مدة شهر لتقديم ملاحظاتهم وتعليقاتهم إلى الممثل الحكومي أو الهيئة الحكومية المعنية. وتكون الحكومة ملزمة بتوفير الفرص للمواطنين لمناقشة مسودات القوانين واللوائح في جلسات عامة، ويتم في أماكن مناسبة بعد الإعلام عنها بطريقة جيدة أو من خلال المناقشات الإلكترونية على شبكة الانترنت. وكذلك يمكن لوسائل الاعلام ان تشجع هذه المناقشات بنشر المقالات التي تتضمن الآراء والتعليقات واستضافة أصحاب الرأي، كما تقوم المراكز البحثية بتحسين نوعية المناقشات عندما تنشر وتوزع على نطاق واسع ما تعده من تحليلات عما يترتب على القانون أو اللائحة موضوع التحليل من فوائد وتكاليف.
- يجب إعطاء المواطنين حق المشاركة في جلسات الاستماع العامة وفي اللجان الاستشارية الحكومية عند وضع القوانين واللوائح.
- يجب إعطاء المواطنين حق الاعتراض بسرعة على القوانين أو اللوائح التعسفية أو التي لا تلبي احتياجاتهم من خلال اجراءات محددة بوضوح، وللمواطنين أن يتوقعوا صدور القرار لصالحهم إذا أخفقت الحكومة في الرد خلال الإطار الزمني المحدد.
- يجب إعطاء المواطنين حق اجراء استفتاءات على القوانين واللوائح المقترحة أو على ما يستجد منها، ويجب ان تكون شروط الاستفتاء بسيطة ونزيهة وشفافة وسهلة التنفيذ بحيث يتمكن المواطنين من ممارسة هذا الخيار بطريقة معقولة.
-الحد من هيمنة المسئول الحكومي: الأنظمة الإدارية والقانونية التي تعطي المسئول الحكومي سلطة فردية واسعة النطاق تهيئ الأرض لنمو الفساد والحكم غير الصالح.وفي هذه الظروف يمكن لموظفي الحكومة استخدام سلطتهم في الحصول على الرشوة والصفقات الخفية.وقد وضع دانييل كوفمان خبير البنك الدولي (1999:94) قائمة توضح أهم المجالات التي تتضمن مجالات السلطة التي ينبغي ان تركز عليها جهود الإصلاح وهي:
- إصدار التراخيص والتصاريح وحصص الواردات والجوازات والجمارك ووثائق عبور الحدود وتراخيص البنوك.
- تنفيذ الرقابة على الاسعار.
- منع شركات جديدة ومستثمرين جدد من دخول الأسواق وإعطاء القوة للاحتكارات.
- منح الدعم والقروض الحسنة والإعفاءات الضريبية والمعاشات الكبيرة والسماح بالتهرب الضريبي.
- فرض الرقابة على النقد الأجنبي وما ينتج عنه من وجود تعدد في أسعار الصرف، والمغالاة في قيمة فواتير الواردات وهروب رأس المال.
- تخصيص العقارات وأماكن تخزين الحبوب والاتصالات السلكية واللاسلكية والبنية التحتية.
- الانتقائية في تنفيذ اللوائح المرغوبة اجتماعياً كتلك التي تطبق في مجالات الصحة العامة والبيئة.
- الاحتفاظ بحسابات غامضة أو سرية تتعلف بالموازنة، أو تسهيل «تسريب» الأموال من الموازنة إلى الحسابات الخاصة.
توصيات بالسياسات التي تعمل على الحد من هيمنة المسئول الحكومي:
- يحب توضيح القوانين واللوائح بحيث تكون الحقوق والقواعد محددة بوضوح وتكون إجراءات التنفيذ والإجراءات الإدارية مستقيمة وألا تكون هناك ثغرة تسمح بتعدد تفسير اللوائح أو القوانين.
- يجب إلغاء القوانين واللوائح المزدوجة والسطحية والمعقدة والمتضاربة، ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة لتسهيل الالتزام بالقوانين.
- يجب إصدار إرشادات واضحة تتطلب الإفصاح، ووضع معايير يمكن ان تستخدمها الهيئات الحكومية لمنح الدعم وتحديد الحصص والاعفاءات من الغرامات.
- تقليل الأعباء القانونية:هناك قوانين ولوائح لا تتوافق مع مصالح الأفراد بشكل عام لانها تتضمن قيودا وشروطا قانونية وإدارية تجعلهم يتحملون تكاليف باهضة وتستهلك الكثير من وقتهم.
ومن أمثلة ذلك عدد الخطوات والمبالغ اللازمة لتأسيس شركة جديدة.وقد كشفت دراسة حديثة أجريت على 85 دولة أن هذه العملية تحتاج في المتوسط إلى 10.17 خطوات تستغرق 63.05 يوم عمل.وفي أسوأ الحالات تتضمن هذه العملية في بوليفيا 20 إجراء وتستغرق 82 يوم عمل.وفي مثل هذه الظروف تفشل الحكومة في تقديم الخدمات وإصدار التصاريح في الوقت المناسب وبكلفة مناسبة.
وبذلك يصبح الحصول على التصاريح والرخص بيئة خصبة للفساد والرشوة.
وتؤكد دراسة البنك الدولي (أداء الاعمال سنة 2004) وجود علاقة وثيقة بين عدد اللوائح والفساد.ويشير التقرير إلى أن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأقل فسادا هي تلك الدول التي تحتوي على عدد من إجراءات التأسيس يقل عن العدد الموجود في الدول النامية.وتزيد تكاليف تأسيس شركة في إفريقيا مثلا 20 مرة عن التكاليف في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
أما تسجيل شركة في اميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي فيستغرق وقتا أطول ما يستغرقه في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ذات الدخل الأعلى بمقدار 2.5 مرة.
وقد وضع معهد الحرية والديمقراطية في بيرو استراتيجية للقضاء على الاجراءات البيروقراطية والمراسلات الورقية وصفوف الانتظار ومدة الانتظار الزائدة عن الحد.ونظم المعهد جلسات استماع عامة وندوات في مختلف أنحاء الدولة شارك فيها خبراء القانون واعضاء من الكونغرس لمناقشة المشاكل والاختناقات الإدارية.واستخدم المعهد النتائج التي تم التوصل عليها في وضع مشروع قانون يقضي على القيود التي لا داعي لوجودها ويسهل تطبيق الإدارة العامة ويخفض تكاليف العمليات والصفقات.
توصيات بالسياسات التي تعمل على تقليل الأعباء القانونية:
- القضاء على الشروط المسبقة التي تؤدي إلى حدوث اختناقات قانونية، ووضع انظمة للرقابة تجعل تكاليف العمل بموجب القانون أقل من تكاليف العمل بمخالفة القانون.
- تطبيق اللامركزية في عملية صنع القرارات.
- تشجيع مشاركة مستخدمي النظام في الرقابة على تنفيذ جميع القرارات
إقرأ أيضا لـ "جون سوليفان "العدد 2835 - الخميس 10 يونيو 2010م الموافق 27 جمادى الآخرة 1431هـ
العدل
الحكم العادل يتحقق عندما تتغير العقول وتزيد مساحة الايمان والاعتراف بلغير وان الشعوب لها الحق فى المشاركة فى اصدار القرار والمشاركة فى الحكم والقانون هو الركيزة والكل تحت القانون بمعنى . ابو السادة
الحكم الصالح
لتحقيق الحكم الصالح يجب بتر و استأصال الانظمة الفاسدة وهم طبعا المتحكمون و المسيطرون في مصائر الشعوب و كل ماذكر في المقال هباء لان العالم يعرف بأن الانظمة المجرمة ستلبس ثوب الاصلاح و ممارسة بعض القضايا اعلاميا لتقنع العالم بأنها تنتهج طريق الحكم الصالح و كذلك لا ننسا بأن الغرب و على رأسهم امريكا تعي ذلك جيدا و لكن من أجل مصالحها تدعم الانظمة الفاسدة و تجملها من أجل السطرة على الشعوب التي تتطلع الى الحرية و الكرامة و الى الحكم الصالح الصحيح.هل فهمت يا جون؟