ماذا لو قَتَلَ أحدهم أباك ثم جاءك مُعزّياً، يستجذي المغفرة والعذر. فهو يقول بأنه قد أخطأ الحساب والتقدير، وهو الآن يرى أن ما قام به كان خطأً. تتذكّر أنه لم يفعل ذلك معك فقط، وإنما فعلها مع آخرين. لتكتشف بأن القضية «مُبتَذَلة» بامتياز. ويُصبح عفوك عنه «مذلّة». هذا بالضبط ما يفعله كثير من المسئولين الغربيين، ليس آخرهم بول بريمر الحاكم المدني لسلطة الائتلاف المؤقت (6 مايو/ أيار 2003 – 27 يونيو/ حزيران 2004).
السفير بريمر قال في تحقيق بريطاني قبل أيام بأن التخطيط «لغزو العراق لم يكن ملائماً». «وأن التحالف لم يكن قادراً على توفير الأمن المناسب للمواطنين العراقيين، وكان من الواضح أن التخطيط قبل الحرب لم يكن كافياً» لأنه «كان مبنياً على افتراضات غير صحيحة». مضيفاً بأن «الفشل في كبح أعمال العنف والنهب عقب سقوط صدام حسين كلف الاقتصاد العراقي نحو 12 مليار دولار».
أسمع هذا الكلام من بريمر وأنا أتذكر ما قال في كتاب سابق له، بأنه وحين سأله الرئيس الأميركي السابق جورج بوش: لماذا ترغب في هذه المهمّة المستحيلة (حاكِماً مدنياً في العراق)؟ أجاب «لأنني أعتقد أن أميركا قد قامت بعمل عظيم في تحريرها للعراقيين!»، ويُضيف «سيدي، إنني أعتقد أن في مقدوري تقديم يد المساعدة». ثم يُسبغ على بوش النعوت والتمجيد، وأنه «شخص نشط وحازم، يحاول أن يحرك البلاد، ويحشد قواها في أعقاب 11 سبتمبر».
في الغرب يبدو أن المنصب مُرتبط بنظام المصالح. وبشبكة من العلاقات الناظِمة لها. عندما يكون أحد الجنرالات أو السفراء أو المسؤولين التنفيذيين في موقع القرار، تراه يُنافِح من أجل السياسات التي هو بصددها. يُحسّن من ظروف تحقيقها للنتائج. ويمنحها أكبر مساحة من فرص التقابل مع الخصم، لتبرير آلياتها على الأرض مهما كانت قسوتها.
نستحضر ما كان يقوله ويقدّمه هانس بليكس كبير مفتشي الأمم المتّحدة للبحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق من تقارير للأسرة الدولية وللحكومة الأميركية. لقد قال في العراق وأسلحته المزعومة ما قال، ثم وبعد أن جُيِّشَت الجيوش وأسرِجت الخيول، وتشيطَن العراق قال مُستدركاً «أعتقد أنه لا يستطيع أن يقول أحد أن العراق كان يُشكّل خطراً في ربيع 2003».
المحافظ الصهيوني ريتشارد بيرل عضو اللجنة الاستشارية للسياسة الدفاعية بالبنتاغون هو الآخر قام بتجييش مؤسسات الدولة الأميركية وحلفائها في أوروبا وآسيا ومجلس الأمن وتحريضهم على العراق والدخول في مشروع «حرب التحرير» الفاشلة، ثم وبعد أن أظهرت النتائج مدى الكارثة التي وقعوا (وأوقعوا العالم) فيها قال «ما كنت لأؤيّد غزو العراق لو علِمت حينها بمدى تدنّي مستوى تعامل بوش مع الحرب».
عضو اللجنة الآخر كينيث أدلمان وأحد أهم عرّابي الحرب «الكونية» على العراق قال بعد أن وقع الفأس في الرأس «لقد بيّن أن جورج بوش ودونالد رامسفيلد من أقلّ الفرق كفاءة، ويعملان معاً بصورة قاتلة وفاشلة». أما كاتب خطابات بوش الناريّة ديفيد فرام فقال «على الرغم من أن الرئيس نَطَقَ بالكلمات، إلاّ أنه لم يكن يستوعب الأفكار».
هنا نتساءل: هل من المعقول أن يأتي هؤلاء النّفر بعد أن قُتِلَ مليون عراقي، وتيتّم خمسة ملايين طفل، وترمّلت مليونا امرأة، وهُجّر ستة ملايين عراقي ليقولوا لنا اليوم: بأن تقديراتهم كانت خطأً؟! هذه سماجة. وهم بذلك يُذكّروننا باعتذار الأميركيين عن سَوْأَتِهِم في قتل 112 مليون هندي أحمر. وباعتذر الأستراليين عن إبادة سكان البلاد الأصليين (الآبوريجينال) بكلمة «آسِفين». وهو في كلّ الأحوال تهكّم بالبشر لا يقلّ سوءاً عن أصل الذنب.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 2827 - الأربعاء 02 يونيو 2010م الموافق 19 جمادى الآخرة 1431هـ
سين سؤال
شنو دخل الوفاق في الموضوع يا أخ العرب
قول هالكلام حق جمعية الوفاق
التي تستجدي الكونغرس ليدين حالة حقوق الإنسان في البحرين... تروحون الكونغرس و بعد ذلك تقولون الغرب منافق و مزدوج المعايير.
المصلحة
المواقففي الغرب مرتبطة بالمصلحة وقد تكون المصلحة أن يشتم موقفه السابق اذا تطلبت المصلحة ان يصطف مع أحزاب معارضة
حتى دمهم مزيف
و على هذا الأساس سمية الغرب و خصوصاً امريكا بشيطان الأكبر . و كما يقال ايضاُ للذى يضع يده فى يد الشيطان ولد الشيطان ....
صح
بارك الله فيك
الدموع وليس الكحة
الكاتب المحترم . ليس فقط كحة الغرب مزيفة بل حتى دموعه وبكاءه فهو في الاخير يحترم مصالحه اكثر مما يحترم البشر وحقوقهم