العدد 2826 - الثلثاء 01 يونيو 2010م الموافق 18 جمادى الآخرة 1431هـ

ويستبدل قوماً غيركم

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اختتمت الدولة الصهيونية شهر فبراير/ شباط بجريمة قتل أحد قياديي حماس (المبحوح) في الخليج، واختتمت شهر مايو/ أيار بمذبحةٍٍٍ أمميةٍ جماعيةٍ في البحر المتوسط.

في المعركة الأولى أرادت أن تثبت للعالم طول ذراعها الاستخباراتي، لكنها انقلبت إلى فضيحةٍ مدويةٍ، بعدما اكتشف العالم أن هذا الأخطبوط الورقي احتاج إلى عدة أشهر من المراقبة، وإلى أربعين مجنداً ومجندة، للقضاء على رجلٍ واحد. وفي مذبحة «قافلة الحرية» أرادتها ترهيباًً وردعاً لمن يفكّر بكسر حصار غزة، ولم يمضِ نصف نهارٍ حتى انتفض العالم احتجاجاً على هذه القرصنة البحرية.

الحدث الدامي لم يكن عادياًًً، على كثرة جرائم الكيان الغاصب وكثرة ما سفك من دماء. ففي هذه المرة تورطت الحكومة الإسرائيلية باستهداف نشطاء من دول غير عربية، للمواطنين فيها قيمة، وللكرامة البشرية معنى مقدّس، وهذا تفسير ردة الفعل التركية الغاضبة، رسمياً وشعبياً.

بعيداً عن الانفعالات اللحظية، فإن خطاب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمام برلمان بلاده، سيدخل التاريخ، كأحد وثائق المواجهة في هذه المرحلة من الصراع. فقد رفع الخطاب سقف المطالب المتدنية التي اعتدناها في السنوات الأخيرة، إلى قمةٍ جديدةٍ، بحيث ظهرت تركيا أكثر عروبةً من جامعة الدول العربية.

ليس بأيدينا عدد المشاهدين العرب الذين تسمّروا ظهر أمس أمام الفضائيات لمتابعة خطاب أردوغان، لكنهم حتماً بعشرات الملايين، ممن لم يعودوا يسمعون خطباً بلغتهم تتردد فيها كلمات العزة والكرامة. فالرجل الممتلئ فخراً بقوميته وتاريخه، تحدّث عن رفضه العرض الإسرائيلي بعلاج جرحاه، وتعهد بعلاجهم في بلاده، فتركيا «ليست دولة قبيلة وليست بلداً بلا جذور... فلا تتصوروها مثل الآخرين» كما قال.

وتحدّث عن المذبحة قائلاً: «إن ما فعلته (إسرائيل) عملٌ دنيء، وعليها أن تفهم العواقب ولا تواصل ارتكاب الأخطاء... فلا يمكن لها أن تنظر في وجه العالم بعد اليوم إذا لم تعتذر وتُحاسَب على ما فعلته من إصابة السلام العالمي بجرح غائر، فموقفهم يدنِّس الفضائل الإنسانية، ويجعل عقابهم أمراً واجباً». وفي تفنيده لمزاعم الإسرائيليين بتصدي نشطاء السلام للكوماندوز الذي اقتحم السفن، ردّ وهو يشدّ ملابسه غضباً: «لقد سئمنا أكاذيبكم، كونوا نزهاء! وعليكم أن تطلقوا الرهائن فوراً».

الأهم في خطابه والأخطر، إصراره على كسر الحصار الظالم على غزة، وهو موقفٌ قد يغيّر كثيراً من معادلات الذل في المنطقة، إذ قال مخاطباً الجميع: «إذا تجاهل العالم كله قضية فلسطين، فإننا لن نغلق أعيننا وندير ظهرنا لغزة، فكل من يغضّ النظر عن الاعتداءات الإسرائيلية يُعتبر شريكاً فيها، فلا يمكن لـ (إسرائيل) أن تبرّر الدماء التي لطخت أيديها في البحر المتوسط».

مذبحة قافلة الحرية ليست حدثاً عابراً، ولن يكون يوماً أسود آخر في تاريخ المنطقة المنكوبة بهذا الكيان العدواني، بل هو يومٌ له ما بعده، والدنيا دول. ولعلها من عبر التاريخ الكبرى أنه في اللحظة التي جثا العرب على ركبهم طلباً لسلامٍٍٍ تافهٍ رخيص، وتورّط أكابرهم في إحكام الحصار وتجويع غزة هاشم كما فعل أشياعهم في شِعْبِ أبي طالب... أرسل الله من ينقض اتفاقات العار، ويحمل عنهم الأمانة بشرفٍ، ويعلّمهم دروساً في الكرامة التي تخلوا عنها قرناً من الزمان. وصدق الله: «وإن تتولوا يستبدل قوماًً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم»، ولله الحكمة البالغة... ولو شاء لهداكم أجمعين.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2826 - الثلثاء 01 يونيو 2010م الموافق 18 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 9:52 ص

      انها فعلا من عبر التاريخ

      صدقت والله، إنها من عبر التاريخ الكبرى، في الوقت الذي جثا العرب على ركبهم طلباً لسلامٍٍٍ تافهٍ رخيص، وتورّط حكامهم في فرض الحصار المحكم وتجويع أهل غزة، تكراراً لما فعل اجداد هؤلاء الحكام في شِعْبِ أبي طالب ضد رسول الله (ص) واصحابه واهل بيته، يرسل الله للشعب المظلوم في فلسطين من يدافع عنه من أتراك وايرانيين ويونانيين واسبان و.......

    • زائر 8 | 7:44 ص

      رجب طيب أردوغان : أن ''الجريمة'' التي ارتكبتها اسرائيل ضد سفن الإغاثة في المياه الدولية ''عمل دنيء وغير مقبول''، وأن عليها دفع ثمن ذلك ............. ام محمود

      المذابح الصهيونية الوحشية ستستمر ما دامت الدول العربية لا تحرك ساكناً وأصابها العجز والصمت القاتل حتى لم تعد تجرؤ على الشجب والاستنكار والادانة وأصبحت دماء المسلمين رخيصة برخص التراب في فلسطين والعراق وفي كل مكان ... خطاب رئيس الوزراء التركي بالأمس كان مزلزلا ويحرك العواطف والشجون المتجمدة ومن قبل كانت جميع مواقف أردوغان مشرفة وترفع الرأس .. اسرائيل أصابها الغرور والخيلاء بقوتها ودائما تستعرض عضلاتها على الآمنين والغير مسلحين لو كانت الأساطيل لحزب الله ومسلحة بصواريخ سجيل او سكود لما اقتربت منها

    • زائر 7 | 3:58 ص

      ABU ZINA

      PREISDENT OF EGYPT SAYING IF YOU GIVE ME 70 MILIN I WILL LIBERATION PALESTINE WHY NOT GIVE HIM THIS MONY

    • زائر 6 | 12:48 ص

      اتراك و عجم

      لو كان الاتراك الذين قضوا في هذه المدبحه هم ايرانيون لكان السبب واضحاً من هذا الصمت العربي الرسمي التي يبدو لي انهم اختاروه لخجلهم من الشعوب العربيه، لقد اتهموا ايران و جيشوا ضدها و اخرجوها من الاسلام لانها اخجلتهم ، ولكن بماذا سيتهمون تركيا ربما بالعلمانيه و الفسوق و الرده. لقد شاء الله ان ياتي باناس يفضحونكم و لا تستطيعون ردهم حتى لو تئامرتم عليهم.

    • زائر 4 | 12:08 ص

      اللسان ما له ....؟؟؟؟؟؟؟

      يفعلون ما يشائون و نحن نتكلم و نكتب ما نشاء ... اكثر من 60 سنه و لن يبدل شىء فى تركيبة الكيان الصهيونى و لا يهزهم الريح . لأنهم يعلمون خير علم بأن من يعاندهم اصحاب صفحات من الكتب ألأنشاء و التعبير . الفعل ..هو تحريك و تغير الطبيعه و هذا من صفة الكيان الأسرائيلى .. و التعبير ..تعنى حركة اللسان او القلم ( الصامت) و هذا من طبعنا . و نرجع من بعد اشهر قليله و نرى ماذا يحدث و ما المفاجئه الأسرائيليه التاليه . لماذا لا نفاجئهم نحن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 3 | 11:51 م

      أبو صالح

      لنا في رسول الله (ص)خير اسوه حيث حاصر اليهود عندما نقضو العهود وأجبرهم على الخروج من المدينة المورة, أما الأن فنعكست الآية أصبح الصهاينة هم الذين يحاصرون المسلمين .

    • زائر 2 | 10:19 م

      العزة والكرامة لغير العرب

      الحمد لله الذي ازاح الأقنعة وأظهر لنا الحقائق وأبدى لنا زيف الأنظمة العربية كما أوضح لنا مدى هجانة هذه الشعوب واستكانتها إلا ما ندر منها
      لا ادري ما هي النسبة المئوية والفارق بين مسؤلية الحكومات العربية ومسئولية شعوبها
      لأنه من المطلوب في هكذا مواقف أن يكون هناك تحرك شعبي واسع وضاغط على هذه الحكومات الفارغة من كل القيم فهذه الحكومات لن تتحرك إلا لنصرة العدو والوقوف معه خوفا على كراسيهم وعليه فآن على الشعوب واجب ممارسة الضغط
      رأينا كيف حاولت مصر فتح معبر رفح آخيرا لذر الرماد في العيون فقط

    • زائر 1 | 9:38 م

      اسمعوا ما قال الرجل الرجل ياشباه الرجال ....

      انها العزة انها الكرامة اذا اضاعها الانسان لن يبقى له في هذه الحياة شئ فكيف بمن اراد اضاعتها خوفا وطمعا اموال بشر سلاح لكن لا عزة ولا كرامة ماذا سيقول عنكم التاريخ قضيتكم الاولى كما تزعمون تركتموها لغيركم لمن تحركت غيرته وانتم نيام على اسرتكم الناعمة كيف يغمض لكم جفن وشعب باكماه يتضور جوعا والما على مسمع ومرى منكم اليوم عاركم وغدا حسابكم يامن تشدقتم بالعروبة والعزة والكرامة اين كرمكم اين قيمكم اين دينكم ؟

اقرأ ايضاً