في ضوء كل ما تقدم، من الطبيعي الآن أن تقفز علامة الاستفهام المتوقعة... ما العمل؟
قبل الإجابة على هذا السؤال الصعب والمعقد لابد لنا من لفت النظر إلى مجموعة من القضايا:
1. أهمية ما جاء في مقابلة رئيس التجمع القومي الديمقراطي حسن العالي، وضرورة قراءتها بشيء من التمعن والمسئولية، نظراً لما ورد فيها من أفكار جريئة تصدر عن شخصية قيادية في إحدى الجمعيات الثلاث التي يتشكل منها التيار الوطني الديمقراطي المنظم، ومن ثم فهي تصب في صميم العلاقة مع واقع التيار الوطني الديمقراطي ومستقبله. لقد شخص العالي بشكل جريء وإيجابي في آنٍ رؤيته لواقع التحالفات القائمة بين هذا التيار أولاً، ثم من بينه وبين القوى الأخرى ثانياً. ومن الطبيعي أن يسلط بعض ما جاء في تلك المقابلة الضوء على بعض التحولات الإيجابية النوعية في فكر قطاع مهم من صفوف التيار الوطني الديمقراطي الذي نتحدث عنه.
2. إن الجمعيات السياسية الثلاث، وبغض النظر عما يوجه لها من ملاحظات أو انتقادات، تبقى في نهاية المطاف هي الجهة الأكثر أهلية لأن تقود هذا التيار، وإن الاختلاف معها في الأسلوب، أو المدخل، بل وحتى الوتيرة، لا يمكن أن يقودنا أو يعطينا حق تجريدها من هذا الدور المناط بها، والذي انتزعته، شاء البعض أم رفضوا الاعتراف بذلك، بفضل تضحيات جماهيرنا وقواها السياسية. ربما نختلف معها في الأولويات، وقد تتباين وجهات نظرنا حول الآليات والمداخل لطرق تأسيس هذا التيار، لكن ذلك لا ينبغي أن يبيح للفرد أن يصادر دور المؤسسة، أو حتى يقزّمه. فيبقى دور المؤسسة، ومسئوليتها التاريخية، متجاوزاً لدور الأفراد. لكننا رغم تأكيدنا على هذا الدور، نرفض أيضاً، ومن منطلق ديمقراطي، أي شكل من أشكال التسلط أو الأبوية غير المبررة التي يمكن أن تسيطر على سلوكها أو على سلوك أي منها.
3. إن القبول الريادي للجمعيات الثلاث: «وعد والمنبر التقدمي، والتجمع القومي»، لا يعني، بأي شكل من الأشكال، تهميش، دع عنك إقصاء أو إلغاء، دور مؤسسات المجتمع المدني، أو تقزيم حضورها السياسي، فبالإضافة إلى كونها تحتضن العديد من قيادات العمل الوطني التاريخية، فهي تشكل في نهاية المطاف السياج الذي يحمي المؤسسات السياسية، والمعين الذي لا ينضب القادر على مدّها بالعناصر المؤطرة التي هي في أمسّ الحاجة لها.
4. إن ما سوف يرد أدناه لا يعدو كونه مبادرة فردية، لا أنكر، في الوقت ذاته، إسهامات بعض الأصدقاء والصديقات أيضاً في بعض ما سوف تطرحه، تحاول أن تتلمس طريقها كي تكون قادرة على الإجابة على ما نطمح من التيار الوطني الديمقراطي أن يبادر للقيام في الفترة المقبلة. من هنا لا يجب أن تتجاوز حدودها الاجتهاد الباحث عن مخرج البعيد كل البعد عن مدخل متعالٍ، أو نظرة فوقية، يدفعها في كل ذلك قناعة مطلقة بالدور الريادي/ القيادي الذي يمكن أن يضطلع به التيار الوطني الديمقراطي البحريني، فيما لو نجح في تجاوز بعض المسلمات الموروثة من مرحلة «قانون أمن الدولة» السيئ الصيت.
أخذاً بعين الاعتبار كل ما سبق طرحه، بوسعنا أن نضع الخطوط العامة، دون أن ندعي أنها برنامج متكامل، للخطوة الأولى، والتي نعتقد أنها ضرورية، على طريق التأسيس لتيار وطني ديمقراطي بحريني. إن الخطوة الأولى، التي في اعتقادنا ملحة و صحيحة على هذا الطريق، هي إقناع، والأفضل، اقتناع الجمعيات الثلاث بمسألتين أساسيتين: إن هناك كتلة سياسية تاريخية أفرزتها تجربة الحركة الوطنية البحرينية من ما يزيد على نصف قرن قادرة، وتمتلك المقومات الذاتية التي تمكنها من المشاركة الفعلية الإيجابية والبناءة، وفي المراحل المبكرة من حياة إنشاء الهيكل «التنظيمي»، أو الإطار السياسي الذي يسير هذا التنظيم، سوية مع برامجه السياسية، وخططه النضالية. أما المسألة الثانية وهي أن الوقت ليس في صالح المشروع ذاته، ولا الجمعيات نفسها، وبالتالي فمن الضرورة بمكان حث الخطى، والإسراع بإنجاز هذه المهمة.
أما الخطوة الثانية فهي أن تبادر الجمعيات الثلاث ذاتها بتشكيل لجنة تحضيرية قوامها عناصر من الجمعيات الثلاث، تشاركهم مجموعة أخرى من منظمات المجتمع المدني ذات التوجه الليبرالي، ويطعم ذلك بمجموعة ثالثة من الأفراد الذين يقعون في دائرة التصنيف التي تؤهلهم لأن يكونوا أعضاء في قافلة العمل الوطني الديمقراطي، تتولى تنفيذ المهام التالية:
1. تحديد الشكل التنظيمي الذي سيتم تحت مظلته عقد اللقاء الأول لتأسيس التيار: ورشة عمل، أو مؤتمر، أو لقاء تشاوري... إلخ
2. وضع ورقة عمل متكاملة تضم في طياتها برنامج عمل المرحلة، والشكل التنظيمي المناسب لتنفيذ ذلك البرنامج.
3. وضع الضمانات التنظيمية التي تكفل مشاركة أكبر قطاع من المنظمات السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني، والأفراد، ممن ينتمون لهذا التيار، وتشكل مشاركتهم إضافة نوعية لما سيخرج به اللقاء من قرارات أو توصيات، وفي الوقت ذاته، تشكل صمام أمان ذاتي داخلي، يضمن، قدر المستطاع، سير أعمال ذلك اللقاء وفق آليات ديمقراطية صحيحة.
4. الحرص على مشاركة بعض المنظمات والكفاءات الفردية السياسية الخليجية والعربية، ممن لها، بشكل أو بآخر، علاقة بالحراك السياسي البحريني، ويهمها أن يحقق التيار الوطني الديمقراطي المزيد من المكاسب في نطاق هامش الحريات المتاح، وفي ظل المنافسة السياسية الشرسة التي يناضل في إطارها.
هذه صيغة واحدة، من الطبيعي أن يكون لدى الآخرين صيغ أخرى تقترب منها أو تبتعد عنها، فليس هناك من يحق له ادعاء ملك الحقيقة والمدخل الصحيح اللذين لا يأتيهما الباطل من أمامهما أو من خلفهما.
أكثر من ذلك، ربما تجد الجمعيات الثلاث، ولأسباب هي أكثر القادرين على تقويمها، أنها غير قادرة على التراجع عما أقرته، حينها من الخطأ مقاطعة ذلك الخيار، بل تقع على عاتق الأطراف الأخرى، وحفاظاً على وحدة صف التيار، ومنعاً لأي شكل من أشكال تمزيقه، الموافقة على ذلك الخيار، وقبول دعوة الجمعيات، لا لشيء سوى أن هذا التيار هو اليوم في أمسّ الحاجة إلى مساهمة كل فرد من أفراده، ومن الجريمة أن يقودنا الاختلاف على بعض القضايا، مهما بلغت جوهريتها، إلى مقاطعة بعضنا البعض.
بقيت نقطة واحدة هنا، وهي أنه في حال وصولنا إلى هذه النقطة، فما يتطلع المواطن إليه حينها، أن تساعده الجمعيات الثلاث بحث خطاها والإسراع في إنجاز متطلبات عقد اللقاء، فليس هناك من مستفيد من أي تأخير سوى أولئك ممن تتضرر مصالحهم من بروز هذا التيار الذي تشكل انطلاقته التي نحن في انتظارها تحدياً سياسياً لهم ولآخرين غيرهم.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2826 - الثلثاء 01 يونيو 2010م الموافق 18 جمادى الآخرة 1431هـ
ربما لأن المصلحين والصادقين هم حجر عثرة على مر السنين ..
ربما لأن المصلحين والصادقين هم حجر عثرة على مر السنين ولو جريت جري الوحوش غير رزقك ماتحوش ..مقيوله
رسالة من تحت الماء للزائر (1)
حاولت أفك الطلاسم اللى قاعد تكتب عنها وماعرفت ما الذي تريد أن توصل له ... الطيور طارت بأرزاقها إلى ألحين مافهمت الدرس ؟؟وفر وقتك ومجهودك ترى الساحة العربية ماقصرت ... ورب البيت
شكرا للأستاذ عبيدلي ولا بد من وضع آليات للعقوبة والمراقبة على المسار الديمقراطي
شكرا للأستاذ عبيدلي والذي يسعى من خلال مقالاته للوصول للمجتمع المثالي وإنه لاشك بأن هناك أيديولوجيات متصارعه وإن وضع أطر لقواعد تحد من العنف أولا وكانت هناك جهود لهيئات حكومية وأخرى من مؤسسات المجتمع المدني تسعى لخدمة الوطن وإن ظاهرة الصرع هي إحدى الحقائق الثابته في الواقع الإنساني وإن المساعدات الغذائية والماديةشكلت عائقا تجاه الإنتاجية الحقيفية إذ خلفت التكاسل والتقاعس عن الإجتهاد في العمل والتنمية وإنها لايمكن أن تلعب دور نصير العدالة وذلك دليل واضخ مع خريجي الكوبونات مع تحيات Nadaly Ahmed