حُلوُ الشباب من الدنيا أوائله بدء الربيع من الأيام نوروز
لقد اقترن عيد النوروز( أول أيام السنة الشمسية الجديدة) بالربيع وبالورد والجمال والفرح والأنس والمحبة والتسامح. ومنذ يوم أمس بدأت البحرين تشهد عدة احتفالات بمناسبة النوروز سواء لعدد من المواطنين أو لبعض أفراد الجاليات الشرقية المقيمة في المملكة.
وأقامت السفارة الإيرانية في البحرين احتفالا بهذه المناسبة مساء أمس في فندق الخليج بمشاركة طاقم السفارة و أفراد الجالية الإيرانية وأسرهم وعدد من الشخصيات البحرينية.
وقال أحد منظمي الاحتفال لـ»الوسط «بأن «سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنامة حرصت على الاحتفاء بمناسبة النوروز، لأن هذه المناسبة تعبّر عن العادات والتقاليد الإيرانية المتجذرة والضاربة في أعماق التاريخ، كما أنها فرصة اجتماعية مناسبة للتلاقي بين أفراد الجالية في جو عائلي مميز».
وأضاف: «جميع المشاركين في هذا الاحتفال يلتمسون البركة من الله سبحانه وتعالى بأن يجعل العام الجديد عام يمن وخير وسعادة على الأمة الإسلامية والعالم قاطعة وأن يسود السلام أرجاء المعمورة».موضحا بأنه تم توجيه الدعوة لبعض الشخصيات البحرينية للتعرف على العادات والتقاليد الإيرانية المميزة في هذه المناسبة.
وتعود تقاليد الإيرانيين في الاحتفال إلى العصر الساساني الذي بدأ فيه التأريخ للسنة الفارسية في اللحظة التي يتساوى فيها الليل والنهار. وتقوم فيها الأسر بإعادة ترتيب وتأثيث محل السكن، والاستغناء عن الأشياء البالية، وغسل السجاد والستائر أو استبدالها، مع طلاء الجدران بألوان جديدة، وفي الغالب يتم اختيار مشتقات اللون الأخضر تناغما مع اخضرار الأرض في الربيع.
وتبدأ أعداد كبيرة من العوائل البحرينية- وخصوصا المنحدرة من أصول فارسية- الاحتفال بمناسبة عيد «النوروز» أو مقدم الربيع كما في تراث بعض الشعوب الشرقية.وتبدأ مئات هذه العوائل الاحتفال بهذه المناسبة بمظاهر مميزة ، وتستهل الاحتفالات بـالدعاء المأثور بهذه المناسبة :«يامقلب القلوب والأبصار يا مُدبر الليل والنهار، يا محوّل الحول والأحوال، حولّ حالنا إلى أحسن حال». وينظر منظمو هذه الاحتفالات على أن الاحتفاء بالنوروز يعبّر عن الانفتاح والتنوع الثقافي والعرقي الذي تتميز بها البحرين منذ القدم، فعلى رغم صغر المساحة الجغرافية وقلة عدد السكان فإن البحرين كانت ولا تزال موئلا للتنوع والتسامح الثقافي، وهي أقرب إلى فسيفساء جميلة، كما يرون أن لكل فئة الحق في أن تحتفظ على خصوصيتها لتضيف لونا جميلا ومميزا إلى الطيف البحريني.
وفي ليلة حلول السنة الجديدة تجتمع العائلة حول سُفرة خاصة تسمى بسفرة «هفت سين» (أي السينات السبع)، وتتوسط السفرة نسخة من المصحف الشريف طلبا للبركة وسعة الرزق، وتضم 7 مواد يبدأ اسمها بحرف «السين»، وهي: «سبزي (خضراوات)، سيب (تفاح)، سنجد (تمر)، سير (ثوم)، سكة (قطعة نقد معدنية)، سركه (خل)، وسمنو (حنطة)».
ويشير رئيس الهيئة الاستشارية بجمعية الإخاء الوطني موسى الأنصاري إلى أن جمعية «الإخاء» ستقيم احتفالا كبيرا بهذه المناسبة في قاعة مرمريز ويتخلله عقد الجمعية العمومية السنوية، وانتخابات الأمانة العامة للجمعية.
غير أن الاحتفال بالنوروز يأخذ مظاهر مختلفة، وكثير من العوائل تفضل الاحتفال في المنازل طبقا للعادات المرعية، ويوضح الأنصاري أن الاحتفال بالنوروز يمثل عادة قديمة لدى المواطنين البحرينيين من أصول فارسية، فهي موجودة حتى قبل عهد الاستقلال، ومازالت مستمرة حتى الآن، وحتى لو تكن موجودة في الإعلام لكنها كانت تقام طوال السنوات الماضية.
ويرى الأنصاري «أن هذا الاحتفال لا يتعارض مع القيم الإسلامية أو الأعراف الوطنية، إنما ينصب الاحتفال بعيد النوروز في حقل الخصوصية الثقافية، ولذلك نحن كجمعية سياسية ندعو الأعضاء والمنتسبين والأصدقاء وبعض النشطاء السياسيين الذين يؤمنون بالآخر لمشاطرتنا الاحتفال بهذه المناسبة التي تشكل فرصة لتوحيد الصف وترسيخ الوحدة الوطنية ، حتى نكون مثلا للعالم في التسامح والحريات الدينية والتنوع الثقافي.
وينقل بعض الباحثين بأن البحرينيين القدامى كانوا يحتفلون بعيد النوروز على بساطتهم وعفويتهم، مضيفا «في كتاب ماضي البحرين وحاضرها للشيخ إبراهيم المبارك يروي أن البحرينيين القدامى يحتلفون بماء النيسان وماء الدواء ومطر الرحمة».
ورغم أن العرب قليلا ما كانوا يحتفلون بهذه المناسبة، إلا أن التراث الأدبي العربي لم يغفلها ،ومنهم الشاعر الوليد البحتري الذي أشار إلى الاحتفاء بالنوروز حين أعجب بالطبيعة الباسمة فأنشد قائلا:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا
من الحُسن حتى كاد أن يتكلّما
وقد نبه النوروز في غسق الدجى
أوائل ورد كُن بالأمس نوّما
العدد 2388 - الجمعة 20 مارس 2009م الموافق 23 ربيع الاول 1430هـ