العدد 2825 - الإثنين 31 مايو 2010م الموافق 17 جمادى الآخرة 1431هـ

دولةٌ دمويةٌ مارقة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

صُعق العالم أمس بالهجوم البربري الذي نفّذته البحرية الإسرائيلية على قافلة الحرية، التي ضمّت مئات من أحرار العالم من 32 دولة، في سعيهم النبيل لكسر الحصار الظالم عن قطاع غزة.

الكيان الصهيوني أراد أن يُظهِر قوته، فأرسل فرق الكوماندوز لاقتحام ست سفن تحمل 10 آلاف طن من المساعدات الطبية، وأخشاباً لمئة بيت خشبي، فضلاً عن 500 كرسي للمعوقين، أغلبهم من ضحايا الغارات البربرية الإسرائيلية ضد شعب محاصَر.

مثل هذه العملية ضد مدنيين بينهم نساءٌ وكبارُ سنٍ ورجالُ دين، لا تدل على شجاعةٍ في اتخاذ القرار، ولا حسن تقديرٍ للعواقب، بل تدل على دولةٍ مرعوبةٍ، ونخبةٍ سياسيةٍ مترهلة، وحكومةٍٍ طائشةٍ، تزداد عنفاً وتطرفاً كلما زاد الضغط الخارجي على سياساتها. وكان آخر هذه الضغوط الإجماع في مؤتمر نيويورك على مناداتها بالاسم، لإخضاع ترسانتها النووية للرقابة الدولية، ولم تمض غير ساعةٍ حتى أعلنت رفضها لذلك، لتبقى دولةً مارقةً فوق القانون.

يوم الحادي والثلاثين من مايو/ أيار 2010، لن يمرّ كغيره من الأيام، ففيه هاجمت القوات الإسرائيلية سفناً تحمل على ظهرها مئات المدنيين من جنسياتٍ ولغاتٍ وأديانٍ مختلفة، جمعهم هدفٌ إنسانيٌ نبيلٌ لكسر حصار غزة. وإذا شعر الإسرائيليون برائحة انتصارٍ خاطف يحتاجونه بعد انتكاساتهم في قضية المبحوح، فإنه «نصرٌ كاذبٌ» سيجر وراءه ذيلاً طويلاً من الندم.

الهجوم البربري بدأ فجراً، وقبل الضحى كانت ردود الأفعال تملأ الفضائيات. وكان أشدها من تركيا، التي تعرضت سفينتها (مرمرة) قائدة الأسطول للهجوم، وسقط من مواطنيها خمسة عشر من بين عشرين شهيداً. وسرعان ما قطع رئيس وزرائها زيارته لأميركا اللاتينية، وتشكلت خلية أزمة في أنقرة، وتوجه وزير خارجيتها إلى نيويورك لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لإدانة العدوان، وتقديم المسئولين عنه للعدالة. وهناك إشارات باحتمال طرد السفير الصهيوني بعد محاصرة بيته في الصباح، واستدعائه ظهر أمس.

منظمة المؤتمر الإسلامي دعت أعضاءها إلى اجتماع طارئ، ومثلها فعلت جامعة الدول العربية التي صمتت دهراً على حصار غزة وتجويع شعبها على أيدي بني قومنا منذ ثلاث سنوات، ونطقت عاراً وهي تُظهر غيرتها المفتعلة وتسكب دموعها المالحة على شهداء القافلة الأجانب. وأنظمة الاعتدال التي تريد «السلام» بأي ثمن، وحتى من دون ثمن، وجدت نفسها محرجة، فأي مفاوضات تبشّر بها مع حكومةٍ تملك كل هذا المقدار من الصلف السياسي، تهاجم المدنيين فجراً وسط البحر، وتدّعي أنهم بدأوا العنف وهدّدوا بالسكاكين حياة جنودها المدججين في الأسلحة الأوتوماتيكية!

من المواقف اللافتة حتى العصر، وصف أمير قطر ما جرى بالقرصنة، ودعوته لرفع الحصار العربي عن غزة فوراً، أما عمر البشير فقد دعا إلى شطب المبادرة العربية ودعم خيار المقاومة. وفيما أعربت الأمم المتحدة عن صدمتها، طالب الاتحاد الأوروبي بإجراء تحقيق، والأهم تصريح أكثر دولةٍ أوروبيةٍ تبريراً وتشجيعاً للإجرام الصهيوني (فرنسا)، بأن «لا شيء يبرّر كل هذا العنف ضد القافلة».

بقي الموقف الأميركي الذي يقدّم أوضح نماذج النفاق في السياسة الدولية، فالبيت الأبيض «يشعر بأسفٍ بالغٍ نتيجة الخسارة في الأرواح والإصابات، وهو يعمل على معرفة ملابسات هذه المأساة»! وهي العبارات التي سبقه إليها الناطق الرسمي باسم الجيش الصهيوني، الذي قتل الضحايا وبعث بتعازيه إلى أهاليهم.

إنها دولةٌ عنصريةٌ مارقةٌ منذ ستين عاماً... لا تعيش إلا على لعق الدماء.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2825 - الإثنين 31 مايو 2010م الموافق 17 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 12:24 م

      بو يعقوووب

      لا احد يلوم العرب فالشعب العربى ليس فى يده حيله - اللوم يقع على على الانظمه الحاكمه التى احتلت البلاد العربيه وتمسكت بالكراسى

    • زائر 13 | 7:45 ص

      جد

      *سُئِل حكيم : *
      *بم ينتقم الإنسان من عدوه.....؟ *
      *فقال : بإصلاح نفسه *
      الى الأخوان الأ ما يعجبهم كلام الحق.

    • زائر 12 | 3:13 ص

      هل بقي لكم قناع يا عرب تتسترون خلفه

      ما حدث من قبل الصهاينة كان متوقع ، فجزا الله الشدائد كل خير عرفت بها عدوي من صديقي ، هذه الأحداث ما هي إلا بمثابة كشف لحقيقتكم أيها الأعراب المستعربين لكي تبينون علي حقيقتكم لكل المنصفون الأحرار عندما تهادنون أميركا وإسرائيل من تحت الستار وتتشدقون بعروبتكم وإسلامكم المزعوم والإسلام منكم براء ما أنتم إلا منافقون ومدلسون تتخذون من الإسلام غطاء لحفظ كراسيكم فهل بقي لكم قناع تتسرون خلفه

    • زائر 11 | 3:02 ص

      مو جديد

      منذ آلاف السنين و الصهاينة كما هم و العرب كما هم فالصهاينة قتلة للأنبياء و محترفوا القتل و الإجرام و الإرهاب و العرب أمة جبانة لم تجرؤ أن تقول لا في وجه أي ظالم و لكنها إعتادت على الشجب و الإستنكار و التديد فلأرواح الشهدا الذين قضوا جراء هذه الهجمة و لأرواح شهدائنا و شهداء المقاومة الإسلامية ألف سلام و تحية و العار كل العار لأنظمتنا العربية الفاسدة .

    • زائر 10 | 2:50 ص

      ماالفرق بين اسرائيل وائمة الطلام سنة 2006 ضد الجنوب

      الصهاينة ويهود خيبر وائمة الظلام هم سبب كل ماسي الفلسطنين والعرب -هل نسيتم صيف 2006 عندما شان العدو الحرب على لبنان وكيف ائمة الطلام حرموا حتى الدعاء الى المجاهدين في حزب اللة وكيف هي المساعدات والدعم من قبل البعض والمقابلات السرية مابين الصهاينة ويهود خيبر وهدا ماتم الاعلان عنة من قبل الصهايبنة-

    • زائر 9 | 1:40 ص

      لم يأت الصهاينة بجديد

      يا عيب الشوم عليكم يا عرب وين الكرامة؟ أين وأدتموها أين العزة قبرتموها؟
      حتى الشعوب العربية مستوى ردت فعلها وغضبها
      أقل بكثر من مستوى الحدث أين 22 عاصمة عربية
      وأين الإحتجاجات والمظاهرات؟
      خلاص بعنا كرامتنا وعزتنا واشترينا بدلا رضا امريكا
      وأتباعها
      لكن كما قال الله (العزة لله وللرسول وللمؤمين) وأين نحن من الإيمان

    • زائر 8 | 1:37 ص

      نبض الاحرار

      شكرا للوسط على اهتمامها بالحدث وتغطيته في ملحق خاص، ما يدل على نبضكم الانساني الحر.

    • زائر 7 | 1:08 ص

      فكر سياسي مشوه

      رحم الله الامام الخميني الذي كان يدعو لدفع الخمس والحقوق الشرعية للفلسطينيين المجاهدين، بينكا يخرج هذا الجيل المتخلف من أبناء ما يسمى ب (الصحوة)، الذين رجعوا بنا إلى القرون الوسطى، بما يحملون من أغلال فكرية وعقلية وتشوهات سياسية. لم يفهموا في السياسة غير: (ركزوا على مشاكلنا الداخلية). مالت عليكم. اكتبوا يا احرار الوسط والله معكم.

    • زائر 6 | 1:03 ص

      عبد علي عباس البصري

      فاقد الشيئ لايعطي ، عندما تمتلك الحريه فأنت مستطيع ، وعندما تمتلك القوه فأنت مستطيع ، وعندما تمتلك المهارات فأنت مستطيع . وأذا فقدت
      الكل فأنت كمثل الماكينه التي تطحن مالا تجد (جعجع بلا طحين)) او مثل ما اقول الهندي ( ارباب انته خالي بس كلام)

    • زائر 5 | 12:34 ص

      نرجسية لا تحتمل

      خمسة مقالات في الوسط اليوم عن مجزرة غزة، أشكر الوسط وكتابها على وقفتهم الانسانية، فهذا واجبهم الديني والوطني والانساني، ولا تلتفتوا لبعض الأصوات الشاذة المنحرفة عن الفطرة التي فطر الناس عليها، التي تدعو للتركيز على مشاكلنا الداخلية التافهة أمام هذه المجازر الفظيعة. وهل قصر كتاب الويسط في ذلك طوال العام حتى تريد إسكاتهم وقمعهم؟ أي دكتاتورية هذه التي تمارسها؟ وبأي حق؟ إذهب للمنتديات الطائفية لتشبع. أسأل الله أن يصلح فكر هؤلاء المتخمين بالأفكار النرجسية.

    • زائر 4 | 12:28 ص

      الزائر المنغلق 2

      اذهب انت وأصلح مشاكلنا الاخلاقية والادبية، ودع الكاتب الحر يعبر عنا، فهذه جريمة يهتز لها الضمير الانساني الحر في كل مكان وأنت تتفاخر بانها لا تهز شعرة من بدنك. أي صلف وعنجهية وخيلاء هذه التي تعيشها. إذا مو عاجبك روح احرق تايرات وفكنا من فكرك العنصري المغلق. اكتب يا سيد أيها الحر ولا تهتم لهؤلاء المتخلفين.

    • زائر 3 | 12:21 ص

      لا تنسو مشاكلنا

      مشاكلنا الأدبيه و الأخلاقيه الداخليه اهم , الرجاء التركيز و لا يجب الأنحراف الى جادة اسرائيل , هذا النوع من العمليات ليست مفاجئه و لا هم يحزنون , عمليه يوميه تعودنا ان نسمع و نقراء و نشاهد . حلقات عاديه تعودنا عليها ( 65 سنه) لا يهز لا مشاعر و لا شعره من البدن. كما تعودنا على الأستنكار.

    • زائر 2 | 10:32 م

      العرب ( شاهد ما شفت حاجة)دنه غلبان!!!

      شى طبيعى من الكيان الصهيونى القيام بالقرصنة!!! اذا الجيران العرب يقتلون من يسترزق من اجل لقمة العيش !!!فما بالكم بمن كيانه قائم على القتل والارهاب!!! لن يحدث شى جديد ستعود العلاقات الحميمة كما كانت مجرد نفاق من قبل الدول العربية!!! تمت... لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم...

    • زائر 1 | 10:21 م

      زائر رقم ن

      إنها دولةٌ عنصريةٌ مارقةٌ منذ ستين عاماً... لا تعيش إلا على لعق الدماء... وعلى لحس مبادىء الإنسانية... وعلى دعم و مؤازرة شريكتها في الجريمة "ماما أمريكا" التي يتوسع أسطولها الخامس على أراضينا !

اقرأ ايضاً