العدد 2388 - الجمعة 20 مارس 2009م الموافق 23 ربيع الاول 1430هـ

الحكومة ترفض تكليف «النواب» لـ «الرقابة المالية» بأي مهمة

رأت أن وضع معايير «رئيس الديوان» تتعارض مع الدستور

قالت الحكومة في الرسالة التي أرسلها رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة إلى مجلس النواب مرفقة بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون ديوان الرقابة المالية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 16 لسنة 2002 والمعد بناء على اقتراحين بقانون من مجلس النواب إن: منح مجلس النواب بعض الاختصاصات في شأن مباشرة الديوان لأعماله الرقابية يتعارض مع الدستور فيما كفله للديوان من استقلالية، كما يتعارض مع تبعية الديوان قانونا للملك، وذلك أن المادة (116) من الدستور نصت على أن ينشأ بقانون ديوان للرقابة المالية يكفل القانون استقلاله، ويعاون الحكومة ومجلس النواب في رقابة تحصيل إيرادات الدولة وإنفاق مصروفاتها في حدود الموازنة (...) ومفاد هذا النص، على ما يبين من المذكرة التفسيرية لتعديلات الدستور، أن هذه المادة عدلت عما كانت عليه المادة المقابلة لها في دستور 1973 وهي المادة (97) التي كانت تنص على أن يكون الديوان «ملحقا بالمجلس الوطني»، وذلك لتحقيق استقلال الكامل لديوان الرقابة المالية، وهو ما رأت المذكرة التفسيرية للدستور تحقيقه بإلحاق الديوان بالملك مباشرة باعتباره رأس الدولة والحكم بين سلطاتها، توطئة لزيادة فاعلية الديوان. ونفاذا لذلك التوجيه الدستوري صدر قانون الرقابة المالية بالمرسوم بقانون رقم (16) لسنة 2002 ناصا في الفقرة الأولى من مادته الأولى على أن «ينشأ جهاز مستقل يتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة يسمي (ديوان الرقابة المالية)، ويتبع الملك».

وتابعت الحكومة «وبالتالي يتوجب كفالة الاستقلال الكامل لديوان الرقابة المالية في مباشرته كل المهام والاختصاصات المنوطة به، والمحافظة على هذا الاستقلال دوما بعدم إخضاع الديوان للإشراف أو الرقابة أو الوصاية من أي جهة وعلى أي نحو، كما يجب في الوقت ذاته عدم المساس بتبعية الديوان لجلالة الملك مباشرة، وذلك بعدم الإخلال بهذه التبعية بأي شكل من الأشكال سواء بالنص على إمكان توجيه تكليفات معينة إلى الديوان من جهة أخرى غير جلالة الملك، أو باشتراط عرض الديوان لبعض أعماله على جهة أخرى للتصديق أو الاعتماد أو ما شابه ذلك، لذلك فإن الحكومة ترى ضرورة حذف التعديلات التي يكون من شأنها المساس بتبعية الديوان لجلالة الملك أو الانتقاص من استقلالية الديوان».

وبينت الحكومة أن «التعديل الوارد على البند (8) من ثانيا من المادة الخامسة من القانون، فيما تضمنه من فحص الأوجه التي تستثمر فيها الأموال الواردة في موازنة الدولة، في الداخل والخارج، لا يتفق مع قانون الموازنة ويحول دون تفعيل الرقابة على تلك الأوجه»، وعن التعديل الذي ينص على الرقابة المسبقة، أوضحت الحكومة أن «استحداث الرقابة المسبقة ينطوي على شبهة رئاسية ويتعارض مع سلطة الجهات ذات الشخصية الاعتبارية المستقلة، كما أن إخضاع تلك الجهات للرقابة المسبقة من شأنه التأثير في سرعة اتخاذ القرار، الأمر الذي ينعكس سلبا على حسن الإدارة وسلامتها»،

وأكدت أن «النص على عدم الارتباط بالمقاول أو الترسية عليه بالنسبة للعقود والعطاءات التي تبلغ مئة ألف دينار إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الديوان، ينطوي على تناقض مع قانون المناقصات والمشتريات الحكومية»، وتابعت «التعديل الوارد على المادة (11) من القانون فيما اشتمل عليه من إضافة عبارة «وله إحالة الأمر إلى مجلس النواب لإجراء تحقيق» لا يتفق مع طبيعة عمل الديوان، إذ إن طبيعة عمل ديوان الرقابة المالية، بحسبانه جهة رقابية مالية وإدارية مستقلة، تنحصر في تولي التحقق من تنفيذ الجهات الخاضعة لرقابته لخططها وبرامجها ولأمة ذلك التنفيذ ماليا وإداريا وفقا للقوانين واللوائح المعمول بها، وهو بهذه المثابة لا يعد البتة جهة سياسية ولا جزءا منها، حتى لو افترضنا إمكانية تكليفه من مجلس النواب بمهام محددة، (وهو ما لا تقره الحكومة ولا توافق عليه)، ونظرا لأن التحقيقات التي يجريها مجلس النواب تخضع لآلية معينة وتصطبغ بصبغة خاصة يغلب عليها الطابع السياسي، فإنه يكون من غير الجائز ولا الملائم أن يكون لديوان الرقابة المالية (والإدارية) حق إحالة أي موضوع إلى مجلس النواب للتحقيق أيا كان وجه المخالفة في ذلك الموضوع ومداها، لما ينطوي عليه ذلك من تدخل في صميم عمل مجلس النواب الذي يترخص هو دون غيره في إجراء أي تحقيق، ويختص وحده بتقدير أوجه ومبررات إجراء التحقيق في أي موضوع يراه»، رافضة وضع موازنة لديوان الرقابة تسمى موازنة ملحقة لأنه ذلك يفقده «استقلاليته».

وأفادت الحكومة أن «التعديل الذي ينص على إضافة فقرة أخيرة إليها تقضي بأن يكون للديوان الحق في الاتصال المباشر برؤساء الحسابات ومديريها في الوزارات والهيئات الخاضعة لرقابة الديوان، وله حق مراسلتهم والتفتيش المفاجئ عليهم ينطوي على مخالفة للقواعد القانونية في الاتصال بالهيئات والمصالح الحكومية وسائر الجهات الخاضعة للرقابة، إذ إن الأصل هو سلامة الإجراءات والتصرفات المالية والإدارية واتفاقها مع الشروط والأحكام القانونية ما لم يقم الدليل على العكس من خلال القنوات الشرعية، وإن أية مخالفة إدارية أو مالية يتم اكتشافها في أي من الجهات الخاضعة للرقابة تنسب إلى هذه الجهة ككل من خلال تقرير التفتيش الذي يبلغ إليها عن طريق الوزير الذي تتبعه عملا بالمادة 22 من القانون. ونظرا لأن كل وزير مسئول عن أعمال وزارته دستوريا، فإنه لا يكون سائغا ولا ملائما أن يكون لديوان الرقابة حق الاتصال بالوزارات والجهات الخاضعة للرقابة عن طريق رؤساء الحسابات ومديرها فيها وليس عن طريق الوزير أو المسئول قانونا عن هذه الجهة المعنية بالرقابة، ما لم يعين الوزير أو هذا المسئول شخصا معينا لغرض الاتصال بالديوان في كل ما ينطلق بأعمال التفتيش وشئون الرقابة».

وطالبت الحكومة بحذف التعديل الذي ينص على «ويجوز لرئيس الديوان الطعن في القرار لدي المحكمة المختصة في حالة عدم اقتناعه برد الجهة المعنية على طلب الديوان بإعادة النظر في الموضوع»، لأن هذه الفقرة الثالثة المقترح إضافتها لا محل لها أصلا، وأوضحت الحكومة أن «التعديل الوارد بالمادة الثالثة من مشروع القانون، فيما يتضمنه من إضافة فقرة ثانية إلى المادة (23) من قانون الديوان، تشتمل على اشتراطات معينة فيمن يعين رئيسا للديوان، ينطوي على تناقض مع صلاحيات جلالة الملك وانتقاص منها، إذ إن المشرع عامل رئيس الديوان معاملة الوزير فضلا عن تعيينه بأمر ملكي وليس بمرسوم كما هو الشأن بالنسبة لسائر موظفي الدولة من موظفي الإدارة العليا، الأمر الذي يجعل منصب رئيس الديوان منصبا خاصا متميزا أقرب إلى المنصب السياسي منه إلى المنصب الوظيفي، ومن ثم ينبغي عدم تقييد سلطة جلالة الملك في تعيين رئيس الديوان، وترك هذه السلطة مطلقة لجلالته يمارسها وفقا للضوابط والمعايير التي يراها جلالته ملائمة دون قيد مسبق أو شرط محدد».

العدد 2388 - الجمعة 20 مارس 2009م الموافق 23 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً