العدد 2824 - الأحد 30 مايو 2010م الموافق 16 جمادى الآخرة 1431هـ

ماذا تريد وزارة الثقافة والإعلام؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

سؤالٌ كبيرٌ يُطرح على الساحة الثقافية والإعلامية: ماذا تريد وزارة الثقافة والإعلام بالضبط؟

قبل أسبوعين سلّمت الوزارة «جائزة البحرين لحرية الصحافة»، لأحد الصحافيين العرب، فواجهت انتقاداتٍ شديدةً في مصر والبحرين، وكان أقوى دفاع عن اختياره أنه مهتم بالتثقيف «الجنسي». وفي الأسبوع التالي قرّرت منع كتاب «يوميات» يتناول تاريخ البحرين بيد أحد رجالات الحقبة الاستعمارية المؤثرين في مرحلة تأسيس الدولة.

وقبل يومين قرأنا أنها قرّرت رفع الرسوم على بعض المنشآت الفندقية والسياحية، وهو لفظٌ مخفّفٌ لتلك البؤر التي تستوطن فيها بعض أنواع تجارة البشر. ومقابل التقرير الذي تبنّاه مجلس النواب عن المخالفات الأخلاقية في هذا القطاع تحديداً؛ ما يسيء إلى سمعة البحرين، فإن الوزارة هربت من السؤال عن مسئوليتها إلى جوابٍ بعيد.

القرار الأكثر إثارةً للجدل ثقافياً، هو قرار منع يوميات المستشار بلغريف، وخصوصاً بعد نشر التعقيب الصحافي المتهافت على وكالة الأنباء الوطنية (بنا)، بما يضمره من استخفافٍ بعقل القارئ والمتلقي. ولو طُبّقت مثل هذه المعايير (خصوصاً شهرة دور النشر واستخدام علامات التنصيص) لوجب على الوزارة مصادرة ثلث الكتب الموجودة بالمكتبات التجارية والعامة والمدرسية على حدٍّ سواء.

قبل عدة ليالٍ، كنت أسير قرب مبنى المحكمة القديمة بشارع باب البحرين، وتوقفت أمام عبارةٍ منحوتةٍ على جدارها الجنوبي، بشأن عام تأسيسها، وأول ما تبادر إلى ذهني: انها تأسست في عهد بلغريف.

في مذكراته يسرد بلغريف الكثير من الوقائع والحكايات وربما الادعاءات أيضاً، من انبثاق مدينة عوالي النفطية في الصحراء، وطريقة تعيين القضاة، وسقوط طائرتين في البحر، وجمعه تبرعات مع ابنه جيمس لبناء كنيسة سانت كريستوفر. كما يروي قصةً طريفةً عن وقوعه في حفرة أثناء تجوله على الحصان، وأخرى عن وقوع أنور السادات في الوحل أثناء استقباله بالمطار، وكيف تم امتصاص غضبه وترضيته.

الرجل أول من وضع ميزانية للدولة، وقدرها 75 ألف جنيه استرليني، وأنشأ صندوقاً للأجيال، ولكنه لا يخفي تعاليه وطريقة تعامله الفظ مع التيارات السياسية في البلاد. ويعتبر أحداث الهيئة عودة بالبحرين إلى الوراء؛ والانسحاب البريطاني هروباً من المسئولية! فرجلٌ بهذه العقلية والتأثير، بحاجةٍ إلى معرفة أصول كتاباته، لا منعها عن الجمهور بمبرراتٍ مثيرةٍ للشفقة والضحك.

إن ما نكتبه دفاعٌ عن حقّ المعرفة الأصيل، وليس فقط لنقد عقلية المنع التي لم تكتفِ بغلق المواقع الالكترونية حتى مدت أصابعها لمنع الكتب ومنع دور النشر في معارض الكتاب. فمن الواضح أن ما تُرجم سابقاً، سواءً على يد الزميل مهدي عبدالله، أو الباحثة التاريخية مي آل خليفة (وزيرة الثقافة والاعلام حالياً)، مازال يواجه إشكالات الانتقائية وحذف بعض الفصول، لأسباب قد نتفهمها في سياقها التاريخي الخاص. وإن كان التاريخ، وخصوصاً الترجمة، يجب ألا يخضع للأهواء السياسية، فهو ليس قضية حب أو كره، وإنما يتعلق بمعرفة الحقيقة، فهي رائد الباحثين والمثقفين.

إن يوميات هذا الرجل الذي يعتبره الكاتب حافظ الشيخ «رجل شيوخ» وليس «رجل انجليز»، كان الأولى بوزارة الثقافة والإعلام أن تتولّى مشروع ترجمته بدقةٍ وأمانةٍ تاريخية، بدل محاربة مترجميه، بما يخدم الثقافة... أكثر بكثيرٍ من استيراد فرق الرقص الإفريقي والتانغو البرازيلي!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2824 - الأحد 30 مايو 2010م الموافق 16 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 2:39 م

      ويش مودنك داك الصوب يا سيد !!

      ويش مودنك دلك الصوب ياسيد ؟ أكيد رايح مكتبة أوال على كل ... لقد وضعت يدك على الجرح يا سيد ...

    • زائر 17 | 12:47 م

      بو يعقووووب

      حركات وزارة الاعلام وخاصه مع المطبوعات وحجب المواقع وتبريراتها الباهته جدا هى نفس حركاتها يوم ان انتشرت الصحون اللاقطه للقنوات الفضائيه بينما كانت ممنوعه فى البحرين بدعوى انها تشوه اسطح المبانى حتى ابتدا الناس يتحايلون ويبتكرون ووجدت الوزاره ان الامر قد فلت من يدها ورضخت للامر الواقع

    • زائر 15 | 5:37 ص

      العدل

      لاتريد سوى دفن الحقايق والاخبار وعدم اضهار الحقبة الماضية وبشعتها وايضا اخفاء حقوق الاخرين وما وصلت الامور الية من داك الزمن الى الان هو على نفس الاطار والنهج والى دلك الشعب يدفع الثمن والاجيال القادمة لترى المصايب.
      ابوالسادة

    • زائر 14 | 4:42 ص

      طمس التاريخ

      هي محاولة لطمس التاريخ و مسخه اكثر مما هو عليه ، لماذا كل هذا الخوف والفزع من سرد التاريخ كما هو؟
      لماذا يخضعون التاريخ لعمليات التجميل ؟
      اسئلة بحاجة للأجابة عليها.
      ملاحظة : بخصوص التانغو هي ارجنتينية ، اما الرقصة البرازيلية فهي السامبا.

    • زائر 11 | 2:35 ص

      بليغريف والقرى والبحارنة وسرقتهم

      بليغريف يعرض موضوع سرقة املاك الدولة مابين 1926 الى 1957 -هدا الموضوع يعتبر اروع واكثر موضوع يشد القارى الى يوميات بليغريف وكيف كان السطو والنهب والسلب واعمال شريرة مارسة بحق رجال وتجار امثال احمد بن خميس وكيف تم سلب الممتلكات وبعض اللؤللؤ -اقتراح ان يكون هناك عمل مسرحي او فيلم وثائقي ويعرض هدا العمل في ايام المحرم حيث التواجد ليعلم الناس والجميع ماهي الحقيقة الغائبة عن البعض وحتى يعلم الجيل القادم الحقيقة والماسي والمصائب التى حدثت ابان تلك الفترة

    • زائر 10 | 2:25 ص

      تخبط

      تبقى مهمة وزارة الإعلام بائسة وفاشلة لمحاولتها طمس الحقائق وغلق الأفواه. فهذا الزمن لا ينفع معه أسلوب القمع السابق فلا تستطيع أي وزارة مهما أوتيت من قوة أن تخفي أي حقيقة في زمن طفرة المعلومات وانفتاح وسائل الإتصال مهما أغلقوا ومهما حالوا فإن من ينشد حقيقة معينة من السهل عليه الوصول إليها ومسألة تكميم الأفواه بالنتيجة والمحصلة النهائية يكون مردودها سلبي على الوزارة وسمعتها لذلك الأفضل لها التعامل بشفافية تامة وأن تترك إرث الماضي الذي هو محط سخط وشجب من كل الناس

    • زائر 9 | 2:08 ص

      وزارتنا يرأسها ابن تيمية

      هذه سياسة الأمويين لا تقرأ الا ما نريد ولا تعرف الا ما نريدك ان تعرفه (فالشعب يعتبر محض تباع لهم)
      ملأها التناقض مثل غيرها من مؤسسات الدولة.

    • زائر 8 | 1:43 ص

      من اهم ماكتب بليغريف عن عاشوراء

      سنة 1935 عندما حدث ماحدث في بيت محمد الطيب وكان دلك اليوم يوم عاشر من المحرم -القصة والحادثة معروفة لدى جميع شعب البحرين وكيف تحولت الحفلة والفرح والسرور فى داك اليوم وهو يوم العاشر من المحرام الى ماساة عندما شاهد الناس القتلة والاموات في داك البيت-هو بليغريف لم يصدق ماحدث

    • زائر 7 | 12:56 ص

      جنود العقل و جنود الجهل

      في وصية الامام الكاظم (ع) لاحد تلاميذه هشام بن الحكم يعلمه فيه أن للعقل جنود و للجهل جنود ذاتية في الانسان و بعد ذلك في النظام فيقول
      يا هشام اعرف العقل وجنده، والجهل وجنده تكن من المهتدين،
      أنصح الوزارة أن تقرأ، و ان كنت اظنها لا تقرأ، الوصية كي تعرف أهم للعقل اقرب أم للجهل أقرب

    • زائر 6 | 12:30 ص

      نتمني ان نشوف المزيد

      اتمنى ان تصدر مذكرات هندرسون مدير المخابرات في البحرين

    • زائر 4 | 12:17 ص

      مهرجان القراءة

      تتذكرون قبل كم شهر سووا لنا هيصة على تشجيع القراءة؟ مهرجان اقرأ ما اعرف شنو. كان كله هدره، ولكن الكتاب والمعلومات التاريخية التي تكشف المخبا ممنوعة.

    • زائر 2 | 10:20 م

      نحو الهاوية . . .

      وزارة الإعلام تسير نحو الهاوية بسبب تخبطات و تعسف وزيرة الإعلام ففي الدول المتقدمة يرون أن تثقيف الشعوب و جذبها نحو القراءة و الإطلاع و تحليل التاريخ يصب في صالح الوطن و المواطن بينما في بلداننا العربية المتقدمة جدا جدا جدا يرون أن تنوير الشعوب و تثقيفها خطر على الدولة و النظام فالأنظمة القمعية هي التي تريد لشعوبها في الرزوح في الظلام و التخلف كي لا تطالب الشعوب بحقوقها التي تقرها الشرائع السماوية كافة و جميع الأعراف و القوانين البشرية.

    • زائر 1 | 10:06 م

      لو........كان

      لو ان المترجم قام بترجمة الفصل الخاص بعاشوراء والشعائر الحسينية......
      لكان
      وزع الكتاب بالمجان
      حصل على جائزة افضل الكتب المترجمة
      امرت الحكومة بتدريسه في مدارسها

اقرأ ايضاً