العدد 2823 - السبت 29 مايو 2010م الموافق 15 جمادى الآخرة 1431هـ

الامتيازات التجارية... ما لها وما عليها

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

على مدى يومي 27 - 28 مايو/ أيار 2009، احتضنت بيروت «منتدى ومعرض بيروت الدولي للامتيازات التجارية (الفرانشايز FRINCHIZING)»، الذي شاركت فيه شركات عالمية كبرى من حجم مكدونالدز، و»دونكينز دونتس وباسكين روبنز»، سوية مع شركات لبنانية محلية متميزة مثل «كفالات» و»سمسم».

ساد الجلسة الافتتاحية الأولى، مسحة سياسية، إلى حد بعيد، لكنها، في الوقت ذاته، ألقت الكثير من الضوء على هذه الصناعة، ودورها في تعزيز الاقتصاد الوطني، كما ورد في كلمات ألقتها في هذه الجلسة ثلاث قيادات لبنانية استهلها وزير الدولة اللبناني، رئيس الاتحاد العام للغرف العربية عدنان القصار الذي أكد أن «صناعة تراخيص الامتياز «الفرنشايز» المتطورة بسرعة على الصعيدين الدولي والعربي، لها دور أساسي في تطوير الأعمال التجارية والاستثمارية العربية، وفي فتح مزيد من الآفاق أمام المؤسسات العربية المتوسطة والصغيرة لتطوير أعمالها وخلق فرص عمل جديدة، من خلال تخفيض الكلفة والمخاطر المرتبطة بالإنتاج والتسويق والترويج، واستقطاب التكنولوجيا المتطورة، واعتماد أساليب الإدارة الحديثة والحصول على التسهيلات الائتمانية.

كما أن منح تراخيص الامتياز للمنتجات العربية، من سلع وخدمات ذات جودة ونوعية عالية، تشكل فرصة مهمة للترويج لهذه المنتجات في الأسواق الخارجية».

تلاه في الكلام رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز رئيس الاتحاد المتوسطي لتراخيص الامتياز شارل عربيد، الذي نوه إلى أن «منظومة الامتيازات بدأت تشق طريقها في اقتصادنا العربي لذلك علينا أن نطور ونعمم هذه الثقافة وخصوصا أن عالمنا العربي يزخر بالطاقات والإمكانيات ما يجعله قادراً على ابتكار مفاهيم تسويقية جديدة تطلق علامات تجارية عربية وتظهر قدرة الاقتصاد العربي على الإبداع والخلق لدخول الأسواق العالمية وإبرازها كظاهرة إنتاجية تؤكد أن مجتمعنا ليس مجتمعاً استهلاكياً فحسب وإنما مجتمع منتج مبادر خلاق مميز». واختتم وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني محمد الصفدي هذه الجلسة بكلمة قصيرة مكثفة أوضح فيها العلاقة بين استعادة بيروت لموقع «المدينة الجاذبة لحركة الاستثمارات، وقدرتها على التحول إلى محور رئيسي في استقطاب الامتيازات التجارية العربية والدولية وتصدير امتيازات تجارية لبنانية احتل بعضها مكانة عربية ودولية رفيعة المستوى».

ليست لبنان هي الدولة العربية التي تولي مسألة «التراخيص التجارية» اهتماما متزايدا، فهناك دول عربية أخرى مثل الأردن التي لديها اليوم جمعية خاصة بالتراخيص التجارية. وكان موضوع التراخيص التجارية من أهم القضايا التي تناولها اللقاء بين رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي, ورئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير خلال تلك الزيارة التي قام بها وفد، اعتبر حينها من أكبر الوفود اللبنانية، حيث ضم 60 رجل أعمال يمثلون مختلف القطاعات الاقتصادية في العام 2008، إذ ركز شقير في ذلك اللقاء على ضرورة «التعاون في تسويق منتجات البلدين وخدماتهما، في الأسواق العالمية والتعاون في المجال السياحي وتسويق لبنان والأردن على المستوى الدولي بشكل مشترك ضمن رؤية موحدة مساعدة للأردن في مجال إنشاء جمعية تراخيص الامتياز وتعيين منسقين من الجانبين لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه».

وإلى جانب الأردن ولبنان، هناك الجزائر، حيث يعتبر الكاتب الجزائري سعيد جامع أن الاستقرار الأمني الذي سادها مؤخرا أدى إلى تنامي وتنامي حركة تسجيل الامتيازات الخاصة. ويذهب جامع، في نطاق رؤيته لأهمية تلك التراخيص في تنمية مسيرة الاقتصاد الوطني، فيقول إن «التغيير الاقتصادي الإيجابي وما تطرحه حكومة الجزائر من حوافز للمستثمرين لا يشكلان لوحدهما سببا في الطفرة التجارية التي تشهدها تراخيص الامتياز بمطاعم الوجبات السريعة وغيرها من المطاعم المستقلة في البلاد، فالأمر يُعزى أيضا لتحسّن الأوضاع الأمنية بحيث دفعت عددا متزايدا من الجزائريين إلى التردد باستمرار على محلات المأكولات السريعة هذه».

و»الامتيازات الخاصة أو التجارية»، كما يعتبرها الخبير في قانون التجارة الدولية محمد عبدالرحمن الشمري، هي بمثابة «عقد مستحدث بموجبه تقوم شركة أو مؤسسة بإعطاء شركة أو مؤسسة أخرى حق استخدام اسمها التجاري وعلامتها التجارية في نطاق زمني ومكاني محدد، مقابل مزايا معلومة». ويميز الشمري بين «الترخيص في استخدام العلامة التجارية وعقد الامتياز التجاري، حيث إن عقد الترخيص التجاري أشمل وأعم من مجرد الترخيص باستخدام العلامة التجارية، فهو يتضمن بالإضافة للترخيص باستخدام العلامة، استخدام الوسائل الفنية التي يستعملها المرخص في توزيع المنتجات أو الخدمات، وأسلوب التسويق، أو تقديم الخدمة، بحيث يظهر المحل الممنوح له الامتياز تجاه الجمهور بنفس المظهر والهوية العامة الموحدة لكل محلات مانح الحق. كما يتضمن عادة استعمال بعض حقوق الملكية الفكرية، وبعض المعارف التقنية (Know How) فالعلامة التجارية بموجب عقود الامتياز هي جزء من منافع أخرى يتمتع بها المرخص له».

وكغيرها من الظواهر التجارية أو الصناعية الحديثة، تثير «الامتيازات التجارية» بعض الجدل، فبينما يعتبرها البعض إحدى إفرازات العولمة السلبية، نظرا لما تشكله من تحد ومنافسة غير عادلة لصالحها مع المنتجات المحلية التقليدية، كما هو الحال في «امتيازات» المقاهي والوجبات السريعة، نرى أن شركاتها ترى فيها الكثير من العناصر الإيجابية، بما فيها ذلك الربح المالي العالي الذي تحققه الشركات المحلية. وقد شددت مداخلتا «ماكدونالدز ودونكينز دونتس وباسكين روبنز»، على هذه المسألة بالذات من خلال إلقاء الضوء على طبيعة العقود التي تنظم العلاقة بين الطرفين.

وغالبا ما تثير العلاقات المتولدة بين الشركات العالمية المانحة للتراخيص التجارية والشركات المحلية المتلقية لها بعض المشكلات السياسية، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، حيث يجري الربط بين تلك الشركات ومواقف دولها المعلنة، أو سياساتها الخارجية من الصراعات في هذه المنطقة، الأمر الذي يدعو إلى الحرص على توخي الموضوعية والدقة عند معالجة الموضوع، والأخذ بعين الاعتبار، ومن منظور شمولي الإيجابيات والسلبيات التي تولدها علاقات «الامتيازات التجارية».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2823 - السبت 29 مايو 2010م الموافق 15 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:41 م

      جشع التجار

      شكرا للأستاذ عبيدلي .. هذا المقال رائع جدا ولكن حبذا لو تطرقتم بشكل مفصل عن جشع التجار مع تحيات Nadaly Ahmed

اقرأ ايضاً