العدد 2822 - الجمعة 28 مايو 2010م الموافق 14 جمادى الآخرة 1431هـ

صفارات إنذار إسرائيلية

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

دوت صفارات الإنذار في «إسرائيل» في إطار مناورات ضخمة لفحص جاهزية الساحة الداخلية للحرب. هذا المشهد الذي تناقلته وكالات الأنباء ليس مسرحية جرى إظهارها للتسلية في عالم افتراضي. فالكلام عن المناورات جاء في سياق تدريبات متتالية بدأت تل أبيب اعتمادها دورياً للتأكد من استعدادها لمواجهات محتملة على مختلف الجبهات. والتدريبات الأخيرة التي حملت عنوان «تحول أربعة» بدأت الأحد الماضي وانتهت أمس لتتصادف مع الذكرى العاشرة لتحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي.

منذ مايو/ أيار العام 2000 لم تتوقف الآلات العسكرية الإسرائيلية عن الاستعداد لمواجهة تفترض تل أبيب أنها ستكون حاسمة وربما تساهم في تغيير الموازين وتعديل خريطة «الشرق الأوسط». و«إسرائيل» في هذا السياق أقدمت على إجراء اختبارين كبيرين لمدى جاهزية قواها العسكرية؛ الأول خلال العدوان على لبنان في العام 2006 حين أقدمت على امتحان مدى استعداد القوى الإقليمية على التدخل ونوعية الأسلحة التي يمكن أن تستخدم في حال توسع نطاق منطقة الاشتباك. والثاني خلال العدوان على غزة 2008 – 2009 الذي امتحنت فيه مدى تجاوب قوى المقاومة على الرد في حال تواصل الحصار على القطاع ومنع عنه دخول المواد الأولية المطلوبة لإعادة بناء ما دمرته الحرب.

الاختباران الإسرائيليان في لبنان وغزة ساهما ميدانياً في إعادة هيكلة الاستراتيجية العسكرية التي اعتمدتها تل أبيب منذ تأسيس الكيان العبري في العام 1948. وكشفت التجربة العملانية عن وجود ثغرات ناتجة أصلاً عن اختلاف قواعد الاشتباك. فالمواجهات التي دخلتها «إسرائيل» خلال العقود الستة تركزت بداية على نظرية التصادم مع جيوش نظامية تقليدية تأتمر من قيادات مركزية تأخذ شرعيتها من الدولة.

هذا الأمر الذي تعودت تل أبيب عليه خلال حروبها ضد دول الجوار دخلت عليه تعديلات حين أصبحت المواجهات تتركز على ساحات مفتوحة لمواقع عسكرية مرنة ومتحركة ولا تخضع لسلطة مركزية. الاختلاف في مشهد التصادم وغياب الدولة وحضور المقاومة وظهور عناصر إضافية في دائرة الاشتباك ساهم في إعادة تشكيل اجتهادات نظرية مغايرة لقانون اعتمدت تل أبيب عليه لتسديد الضربات على مدى أيام أو أسابيع ومن ثم تعلن عن وقف إطلاق النار من موقع المنتصر أو الطرف الأقوى في المعادلة.

قانون اصطدام دولة ضد دولة تراجع الآن لمصلحة نمو احتمالات حصول مواجهات بين دولة ومقاومة. وهذا الجديد الذي تمظهر في العقدين الأخيرين يفسر لماذا دأبت تل أبيب في السنوات الأخيرة على إجراء تدريبات دائمة لاختبار مدى جاهزية جبهتها الداخلية وقدرتها على التحمل. فالاستعداد النفسي لتلقي الرد بات يشكل نقطة مركزية في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية. وصفارات الإنذار التي دوت أمس الأول تعتبر أحد أشكال فحص جاهزية الساحة الداخلية في حال حصلت تلك المواجهة المنتظرة. فهل ستقع الحرب أم أن التدريبات مجرد مناورات للتسلية؟

الاحتمالات مفتوحة على أربع قراءات. الأولى أن الاستعدادات تدل على وجود مخاوف متنامية أخذت تتصاعد من تضاعيف مجتمع يتألف من مهاجرين تعود على الاستقرار والرفاهية. الثانية أنها ترسل إشارات للتخويف من خلال مواصلة استعراض العضلات العسكرية. الثالثة أنها تنبه دول الجوار إلى احتمال تعرضها للضرب في حال وقعت الحرب. الرابعة أنها تكشف عن وجود سيناريو عدواني بدأت «إسرائيل» تتدرب عليه آخذة في الاعتبار كل التفصيلات الصغيرة والكبيرة.

احتمالات الخوف أو التخويف أو الحرب أو العدوان كلها تندرج في سياق مشترك يدل على أن «إسرائيل» دخلت في طور إعادة هيكلة استراتيجيتها العسكرية حتى تكون متناسبة مع التعديل الذي جرى على قواعد اللعبة ودائرة الاشتباك. فالحرب المقبلة إذا وقعت ستكون كبيرة وحاسمة ويرجح ألا تقتصر على ساحات صغيرة كما كان الأمر في لبنان وغزة.

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 2822 - الجمعة 28 مايو 2010م الموافق 14 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:39 م

      شكرا

      اشكر الاستاذ و ارجو منه متابعة الموضوع لجزء ثاني على الاقل حتى تكون الصورة اكثر توضيحا في حال نشبت حرب جديدة ( لا سمح الله )

    • زائر 1 | 3:07 ص

      تحليل يختلف معه بشكل كبير جدا جدا جدا

      أختلف معك الغاصبون لايفكرون في الحرب أبدا أبدا ماشاهدوه من حصار غزة وعدم ركوعها وهش شريط ضيق واستخدام جميع الاسلحة بما فيها المحرم دوليا غير المعادلة التي تقول أن الحرب تحقق هدف القضاء او اسكات احد، المعادلة التي فرضها حزب الله معادلة جديدة في اسهدام الصواريخ لكل نقطة داخل فلسطين ودقة اصابة الاحداثيات الحساسة بعكس السابق يصيبون ولا يصابون اليوم لايستطيعون دخول الحرب لانه لم يوقفوا صاروخا بالخطأفي الحرب على الجنوب بل ان من نتائج الحرب الكارثية على العدو ثقت المجاهدين وهزيمتهم وتوثب المقاومة للنصر

اقرأ ايضاً