العدد 2822 - الجمعة 28 مايو 2010م الموافق 14 جمادى الآخرة 1431هـ

تسرُّب نفطي في خليج المكسيك

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

تُعتبر المنصات النفطية في خليج المكسيك إحدى وسائل تأمين أمن الطاقة من الوقود الأحفوري للولايات المتحدة الأميركية. لاشك أن اكتشاف النفط واستخراجه من الحقول النفطية البحرية تُعتبر إحدى التحديات المعقدة لشركات الطاقة الكبرى في هذا العصر بسبب عمق الآبار لكن في ظل اكتشاف معظم الحقول النفطية على اليابسة فإن أعماق البحر تُعتبر إحدى البدائل التي يجب سبر أغوارها.

في شهر سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، أعلنت شركة النفط البريطانية (بريتيش بتروليوم) عن نجاحها في اكتشاف حقل نفطي ضخم في خليج المكسيك وبعمق يقدر بـ 35 ألف قدم (10.6 ألف متر) ما يجعل البئر المكتشفة إحدى أعمق الآبار في العالم. تُعتبر هذه البئر العملاقة هي الثانية التي تُكتشف في الطبقة الجيولوجية العميقة لخليج المكسيك ويقدر الاحتياطي بنحو 3 مليارات من البراميل وبالتالي ستتمكن الشركة من ديمومة عملياتها في المنطقة إلى منتصف العقد المقبل.

هذا التفاؤل من نجاح الشركة البريطانية للبترول في استكشاف حقول ضخمة تحوّل إلى كابوس منذ تاريخ 20 أبريل/ نيسان الماضي حيث انفجرت المنصة البحرية لأحد الحقول النفطية مسببة مقتل 11 عاملاً وإصابة 17 آخرين وتسرب النفط الخام بكميات ضخمة قدّرتها الشركة بـ 5 آلاف برميل (790 ألف ليتر) في اليوم لكن بعض المراقبين يتوقعون 100 ألف برميل (15.8 مليون ليتر) في اليوم. هذا التباين في التوقعات نتيجة لعدم سماح الشركة لمراقبين أكاديميين أو خبراء في هذا الشأن بمعاينة موقع الانفجار ما دعاهم الى استخدام نماذج صور رقمية من الأقمار الصناعية لتخمين حجم تدفق النفط من البئر المنفجرة لكن في حكم المؤكد أن هذا التسرب النفطي يُعتبر أحد أضخم الحوادث البيئية في العالم.

ما هو مقدار الفاتورة المالية لهذه الشركة بسبب التسرب النفطي؟ سؤال حاول بعض محللي الأسواق المالية ورجال القانون في الشأن البيئي الإجابة عليه وقد وصلت التوقعات إلى عشرات المليارات من الدولارات والتي يجب على الشركة دفعها للجهات الفيدرالية أولاً ومن ثم دفع فاتورة تنظيف الخليج وتعويض الصيادين بسبب تدمير البيئة البحرية. القانون الأميركي يلزم بدفع 1000 دولار لقاء تسرب البرميل الواحد وبالتالي فإن الإسراع في غلق البئر هو الدافع الأساسي لخفض دفع فاتورة متخمة ومساعدة تماسك سعر سهمها في الأسواق العالمية بعد تهاويها إلى مستويات غير مسبوقة خلال شهر من الزمان، فقد لامس السهم سعر 60 دولاراً قبل حادث التسرب ومن ثم تهاوى إلى 41 دولاراً مسببة خسارة ثلث قيمتها السوقية. هناك مؤشرات على تحسن سعر السهم إلى 45 دولاراً بعد محاولات مهندسي الشركة لغلق التسرب لكن من المؤكد معاناة مستثمري الشركة خاصة أن رئيسها التنفيذي أعلن عن خسائر تقدر بمليار دولار حتى الآن.

على الرغم من الضغوط الإعلامية والبيئية على الرئيس الأميركي أوباما فلابد من التأكيد بأنه سيكون حذراً في التعامل مع الشركات النفطية الضخمة فإن قامت برفع فاتورة التعويضات إلى مستويات خيالية (يقدرها بعض وسائل الإعلام بـ 60 ملياراً) فإن هذه الشركات ستتردد في الاستثمار في استخراج النفط من أعماق غير مسبوقة في تاريخ عصر النفط في خليج المكسيك وستفضل الاستثمار بعيداً عن الدول الصناعية.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2822 - الجمعة 28 مايو 2010م الموافق 14 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:25 م

      سوال يطرح نفسه

      امبين من مقال الدكتور ان الشركة بتدفع التعويضات وهذا الامر لن يجعلها تعلن خسارها فيعني ميزانية الشركة كم؟؟؟

    • زائر 5 | 2:26 م

      شحوال

      المشكلة اذا مكتبك اللي في الجامعة وبريدك الالكتروني مغلقين في وجهنا..... وش الحل يا دكتوووووور؟

    • زائر 3 | 10:04 ص

      حكمة يادكتور

      القافلة تمشي و الكلاب تنبح

    • زائر 2 | 6:40 ص

      الرأي و الرأي الآخر

      جريدة الوسط تقوم مشكورة بإعطاء فسحة لقرائها لمناقشة أقلام محرريها في أفكارهم و إنتاجهم و قد يتم في بعض الأحيان تصفية بعض الردود لأسباب عديدة و لكن في بعض الأحيان تتسرب بعض الردود الشخصية الى هذا الموقع. أقول لهؤلاء ان مكتبي في الجامعة و بريدي الإلكتروني مفتوح لمناقشة الرأي الآخر. د. مجيد صفر

اقرأ ايضاً