العدد 2822 - الجمعة 28 مايو 2010م الموافق 14 جمادى الآخرة 1431هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

الأداء الحكومي بين الجودة والتميز

مازال مشوار تطوير الخدمات الحكومية في حاجة إلى الكثير من الجهد والمتابعة، وأعتقد أن أهم نقطة يجب الأخذ بها هي تدعيم فكرة أن المراجع / المواطن لأي دائرة أو مؤسسة حكومية هو العنصر المهم في معادلة الخدمات الحكومية، فالموظف الحكومي مازال يعتقد أنه هو المهم، وأن على المراجع / المواطن أن يستجدي الخدمة الحكومية منه، بدل أن يكون العكس صحيحاً!

هناك الكثير من المؤسسات الحكومية التي تحاول السير على نهج القطاع الخاص في إبراز خدمات الزبائن والمراجعين إلا أنها لم تنجح بسبب بسيط أن التركيبة الإدارية مشابهة للتركيبة الإدارية للوزارات الحكومية، والتي يغلب عليها وجود الواسطة والمحسوبية، فالكفاءة ليست دائماً هي المعيار للرئيس أو المدير أو المناصب الحكومية العليا، فالكفاءة تنحصر في القبيلة أو العائلة و مدى قربها من أصحاب القرار، فهذا ولدنا وهذا محسوب علينا وهذا من العائلة الفلانية وهذا ابن فلان وهذا من المقربين... إلخ

ولكشف هذا الخلل الإداري فهو، فيكفيك ملاحظة تلك الجموع من المراجعين لهذه الخدمة أو تلك المعاملة، فالوقوف في الطوابير الطويلة في انتظار الموظف الحكومي المحترم أصبح من الأمور الشائعة، فلا عجب أن تكون هناك 4 أو 5 مكاتب للمراجعة للبتّ في المعاملات، وتواجد موظف حكومي واحد فقط، نعم هناك من المواطنين أو المراجعين من يحتج على هذه الأمور الغير حضارية، البعض يحتج بصوت مسموع فيكون عرضة للعقاب والتأخير وآخرون بصوت لا يتعدى القصبة الهوائية!

نعم هناك مراكز للجودة ومراكز التميز، وجميعها تنادي لأهداف سامية وحضارية، ولكن يبقى هناك إشكاليات في الكفاءة الإدارية، فمثلاً كيف يتم اختيار المدير وكيف يتم اختيار الرئيس، فالقضية هي تحديد معايير الكفاءة ومدلولاتها ومدى الالتزام بها، ولكنها وبسبب وجود الواسطة والمحسوبية أو ما يسمي بالفساد الإداري، فإنها جميعها ستفشل، وعلى سبيل المثال منذ مدة صدر قرار لتسكين 3 أشخاص بوظائف شاغرة إدارية في إحدى الوزارات المهمة والمؤثرة في المجتمع، وعلى المكشوف، وبدون مراعاة لإحساس الشارع العام، فالقرار يعد فساداً إدارياً، وهو بلاشك غير مقبول، فالواسطة والمحسوبية تعد سمة غير حضارية بالإضافة إلى كونها تمثل تمييزاً وإجحافاً للنظم والقوانين وتعدياً على ما ورد في الدستور الذي ينص على وجوب تكافؤ الفرص، إن القرار الأخير (توظيف الأشخاص الثلاثة) كان معالجته بمجرد مكالمة هاتفية أو بمجرد مذكرة داخلية، ولكنها جاءت علنية.

فهناك الكثير من المسئولين في الدولة لم يتم توظيفهم لكفاءتهم وخبراتهم، فلذا فليس مستبعداً أن تطرب أذنك بسماع هذه التبريرات:

المدير في اجتماع، المدير في حفلة استقبال أو مؤتمر محلي، المدير في إجازة قصيرة، السكرتيرة في إجازة، المعاملة تنتظر التوقيع.

المعاملة في حاجة إلى ختم، الكمبيوتر عطلان. لا يعمل، أمين الصندوق غير موجود، المراسل غير موجود، الموظف خرج وسيعود قريباً.

إلى آخره من التبريرات المضحكة! فهل سيتحسن الأداء الحكومي؟ وهل يصل إلى الجودة والتميز؟ ممكن جداً ولكن يجب أن يكون مبنياً على أسس قوية خالية من الشبهات والأهواء والتي على رأسها الواسطة والمحسوبية، أو ما يعرف بالفساد الإداري!

خالد قمبر


ثوب الفقير

 

الدهر والفقر صنوان إذا اجتمعا

يستعجلان الردى بالمرء والجزعا

الفقر يخفي خفايا في بطانته

لم يرع ذمة إنسان رأى الهلعا

ثوب عليه رزايا الدهر قد علقت

الجوع والفاقة الرعناء والوجعا

تبكي لأنته الأملاك إن هجعت

عين البرايا سواه ينطوي فزعا

يمسي بليلته الظلماء معتكفاً

بالجوع لله كف بالرجاء دعا

طاو لياليه لا زاد ولا مدد

ما ذاق زاداً هنيئاً منه قد شبعا

إن أسفر الصبح تلقاه بعزته

لا يشتكي فاقة أو يشتكي الضرعا

مستأزراً كلما أوتي من الجلد

يسعى لنيل رغيف بالحلال سعى

والناس ترنو له في بزة مزقت

أطرافها ناب دنياً والمآسي معا

الفقر والكفر إن حطا ركابهما

في أمة تصحب التلفيق والبدعا

الفقر مثل غراب الشؤم يبني أسىً

ما أنبأ الصدق كلا بالخراب نعى

لو جسّد الفقر في شخص لكان له

سيف الوصي علي رأسه اقتلعا

يرديه مثل ابن ودّ في معاركه

لا غرو فالفقر يخشى السيف إن لمعا

يخشى النفوس التي لا تحني هامتها

للذلّ تبقى بعز حفه الورعا

مرتضى الساكن


ذكريات زمان بين آمال الصغار وآلام الكبار

 

في يوم قدر لنا اللقاء مع أحد كبار السن الذي تجاوز عمره ثمانين عاما ،الذي لم أره منذ أربعين عاما على أقل تقدير، رأيته يقف على الرصيف المقابل لسوق السمك المركزي بالمنامة و بيده عصا يتعكز عليها ، رأيت ملامحه قد تغيرت وانتحل جسمه وضعف بصره وحدودب ظهره ولانت عظامه وبطء مشيه وأصبح يتلمس الأرض عدة مرات بعصاه قبل أن يخطو خطوة واحدة ، ورأيته لا يقوى على المشي أكثر من خطوتين متتاليتين ، ورأيته يمشي قليلا ويقف طويلا ، ورأيته يلتفت يمينا وشمالا كأنه يبحث عن شيء فقده قبل أن يخطو خطوة واحدة ، أقتربت منه قليلا وأديت له التحية بكل تقدير واحترام ، وسألته ، هل أنت الحجي فلان ، قبل أن يرد على سؤالي ، أخذ ينظر في وجهي ثواني و يتفحصه بنظراته، وهو ممسك بيده اليمنى زندي الأيسر ، وعندما لم يستطع التعرف على شخصيتي ، سألني ، من أنت ؟ وكيف عرفت أسمي ؟ من خلال جوابه تحول عندي الظن إلى يقين أن هذا الرجل هو الذي كنت أقصده ، فلهذا لم أتعبه كثيرا في التفكير ، أمسكت بيده ومشيت معه بالسرعة التي يريدها ، أقف معه إذا ما شاء التوقف ، وأمشي معه إذا ما قرر المشي ، وأنا أتبادل معه الحديث عن أيام زمان ، وأخذت أحرك شريط الذكريات في ذهنه ، وأذكره بالأيام التي كان فيها قويا في جسمه وحادا في بصره ، الأيام الذي كان يحمل على ظهره كيس الرز الذي يقدر وزنه بعشرات الكيلوغرامات ، أحسست وهو يسترجع تلك الذكريات متحسرا على تلك الأيام الزاهرة، وخصوصا إذا ما تذكر أصحابه الذين جلهم فارقوا هذه الدنيا ومن بقي على قيد الحياة أفترسه المرض وأقعده في بيته ، وعندما ذكرته بقوته اهتزت فرائصه وأخذ يرتعد كالسعفة ، ورأيت دموعه تنحدر كحبات اللؤلؤ على وجنتيه وعلى لحيته البيضاء ، وأخذت عبراته تتكسر في صدره ونبرات صوته تختنق في حلقه ، رأيته لا يقدر على المشي المتواصل ، ورأيت ذلك الرجل الذي كان في يوم من الأيام يتمتع بقوة غير طبيعية ، في ذلك الزمان رأيته وهو يضغط على أيدي أقرانه من الرجال الأقوياء وهم يتلوون عند مصافحته لهم من شدة قبضة يده ، رأيته في ذلك اليوم لا يتحمل الضغط البسيط جدا على يده مدة طويلة ، رأيته وهو يتخطى ببطء وكأنه يحمل الدنيا على رأسه ، أوصلته إلى المكان الذي يريده ، وأردت توديعه ، قال لي ، بالله عليك ، قل لي من أنت ؟ قلت له ، أنا أبن عبدالله بن سالم ، وعندما وصل أسم الوالد إلى سمعه ، سمعته يردد عبارة آه على تلك الأيام الحلوة ، وأخذ يسألني عن الأخوان فردا فردا ، حتى وصل إلى أسمي ، قلت له ، هو أنا ، عندها أخذ يتلمس وجهي ، ويمسح بيده على رأسي ، حتى كاد يسقط العقال و تنتزع الغترة من على رأسي ، وهو يقول هو أنت ذلك الصغير الذي كان يصحب والده ولا يفارقه ، قلت هو ذاك الذي تعنيه ، قال لي ، ما الذي فعل بك الزمن ؟قلت له لم بي إلا خير والحمد الله ، من دون مبالغة ، تألمت كثيرا لحاله ما جعلني أخرج من السوق من دون أن أشتري ما كنت أنوي ابتياعه ، أوصلته إلى المكان الذي يريده وأنا أفكر في الوضع الذي هو فيه ، وأنا أتذكر الحقيقة الثابتة التي أشارت إليها الآية الكريمة (ومن نعمره ننكسه في الخلق )، في حينها توجهت إلى من بيده خلق العباد وسألته أن يمن على جميع أهل هذا البلد الطيب بالصحة والعافية وأن يجعلهم المثال الذي يحتذى به في الأخلاق والعلم والثقافة ، وفي تآلفهم الإنساني والاجتماعي ، وفي مودتهم لبعضهم البعض ، ونبذهم لكل أمر يفرقهم ، وان يجعل أرواحهم تسمو وترتقي وتتعانق في حب الله ، جاعلة مسمياتها وعناوينها المذهبية والطائفية السبيل القوي لتلاحمها ووحدتها .

سلمان سالم


المؤهل العلمي في العلاقات العامة

 

من الواضح ما للعلاقات العامة من أهمية في نجاح وترسيخ دور وصورة المؤسسات بمختلف توجهاتها في مجتمعاتنا، ولا سيما أن جوهر مهمة العلاقات العامة الأولى هي تأسيس هوية المؤسسات وتطوير إنتاجها ومعالجة أزماتها وتحقيق سمعتها الطيبة بواسطة التفاهم الإنساني، وهذا ما يجعل من وظيفة موظف العلاقات العامة وظيفة ذات ثقل ومسئولية كبيرة تستلزم القدر الكافي من المؤهلات العلمية الشاهدة على اكتساب الموظف الخبرة والكفاءة الضروريتين لضمان سير نهج الوظيفة بيسر وسهولة وعلى أسس علمية واضحة تضمن له تحقيق أهداف المؤسسة بشكل صحيح.

ولكن انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة التوظيف دون إعطاء المؤهل العلمي حقه من الاعتبار، بل أضحت المؤهلات العلمية آخر ما يذكره المرء عند تقدمه لوظيفة ما في ظل شح الوظائف اللائقة كما يسميها العاطلون عن العمل فوظيفة العامل في قسم العلاقات العامة هي أيضاً جزء لا يتجزأ من هذه الظاهرة، ونتيجة لهذه الظاهرة نجد أن قسم العلاقات العامة - القائم على موظفين تم توظيفهم دون اعتبار للمؤهل - يتعثر ويعاني من إخفاقات تجابهه بها وسائل النقد المحلية وجمهور الشركة بل يمتد التأثير ليطال مستوى التطور الاجتماعي والاقتصادي وغيرها من الأصعدة.

ولاشك أن المؤهل العلمي المتخصص في أي مجال كان ليبرهن اكتساب الموظف للخبرات والمهارات وجميع الفنون النظرية والتطبيقية المتعلقة بالوظيفة، كما أنه من جهة أخرى يضفي شرعية لتأهل الفرد للوظيفة، كذلك الأمر بالنسبة لموظف العلاقات العامة فمن المهم جداً التريث في اختيار الموظف الكفء الذي سيحمل على كاهله مسئولية صورة وسمعة المؤسسة، فبمؤهلاته العلمية سيكون قادراً على تنظيم أعمال المؤسسة داخلياً وخارجياً وسيكون من اليسير عليه إجراء الأبحاث والدراسات لقاعدة معلومات الشركة وعلى أسس علمية واضحة وموجهة ومن السهل عليه أيضاً معالجة الأزمات الطارئة التي تمس صورة المؤسسة ولاسيما إن جاء ذلك ضمن جملة خبراته المكتسبة والتي أملتها عليه سنوات دراسته.

وتتمثل أهم سلبيات عدم امتلاك المؤهل لموظف العلاقات العامة في عدم قيام قسم العلاقات العامة بدوره وتنفيذ أهدافه وذلك عند قيامه بنشاطات وممارسات غير مدروسة صادرة عن الجهل ومحدودية تجاربهم الفنية والتنظيمية، كما أن إجراءات التوظيف على أسس غير علمية لا تحقق مبدأ تكافؤ الفرص ويخلق جواً منعدم الإيمان بالصالح العام والاستهتار وعدم الشعور بالمسئولية واللامبالاة للموظف مما ينعكس سلباً على المؤسسة فتنخفض إنتاجيتها، فيؤدي إلى عرقلة إدارة المنظمة أو المنشأة. وأكدت دراسات أن 91 في المئة من درجة نجاح منظمة ما تتوقف بشكل كبير جداً على ثقافة الموظف وكفاءته وخبرته، ومن ناحية أخرى يعد التوظيف دون أساس علمي خسارة لعقول مبدعة ذات خبرة مؤهلة ويعد تفريطاً في الموارد الإنسانية وهدراً لحقوقهم فتختل بذلك مسيرة التنمية والتطور في المجتمع.

الإنسان هو أساس التنمية والتطور، ولذلك فاختيار الإنسان المناسب يتطلب الكثير من التمحيص والتدقيق والصبر وسعة الصدر، فاختيار الإنسان المناسب واستثمار جهده بالكفاءة المطلوبة منه يضمن لنا قيمة تضاف لحركة التنمية والتطوير في مجتمعنا.

زينب النعار

طالبة إعلام بجامعة البحرين


تقليد العملة (2)

 

استكمالاً لمقالات تزييف العملة التي نسعى من خلالها إلى تسليط الضوء على أهم الجرائم المرتبطة بالأموال والنقود، سوف نتناول اليوم مفهوم تقليد العملة وأثره على الإضرار بالأمن الاقتصادي.

تعريف تقليد العملة:

تقليد العملة هو صناعة عملة مقلدة على مثال العملة الصحيحة، فالجاني يعالج المعدن فيشكل قطعه على نحو تصير به مماثلة للقطع النقدية المتداولة الحقيقية التي تصدر من مصرف البحرين المركزي حيث يصنع الجاني عليها النقوش والألفاظ التي تحملها العملة المعدنية الصحيحة وهذه طريقة نادراً ما تحدث وذلك لصعوبة التعامل مع المعدن ومن جهة أخرى لتدني القيمة النقدية للنقود المعدنية فمجهود الجاني لا يتناسب مع الفائدة من الجريمة وأما التقليد الشائع فهو تقليد العملة الورقية ذلك لأن قيمة النقود الورقية أعلى بكثير من النقود المعدنية لذلك يجد الجاني غايته في النقود الورقية المقلدة، ويكون التقليد على قطع من الورق يطبع عليها نقوش وألفاظ وصور وعلامات مماثلة لما تحمله العملة الورقية الصحيحة، ولا يفرق المشرع بين تقليد استخدمت فيه الأساليب الفنية الحديثة أو تقليد بدائي.

أما التقليد فيتميز بخاصيتين: أنه ينصب على العملة المعدنية والورقية على السواء, و يعنى بإنشاء عملة غير صحيحة لم يكن لها من قبل وجود وبمعنى آخر ليس لها أصل في مصرف البحرين المركزي.


حالات التقليد

 

إلى جانب الحالات الواضحة للتقليد التي تخضع مباشرة للتعريف السابق والتي يعالج فيها الجاني مواد أولية فيصنع منها نقوداً، وتقل قيمة هذه المواد عن قيمة المواد التي تصنع منها العملات الصحيحة، فإن للتقليد حالات أخرى، وإن كانت أقل وضوحاً يصدق عليها التعريف السابق للتقليد فيعتبر تقليداً وضع علامات النقود على قطع نقدية قديمة لا تستعمل أو زالت نقوشها، أو رفع سطحي قطعة نقد صحيحة ووضعها على قطعة من المعدن مماثلة في الحجم ولكن ذات قيمة أقل، ويعد تقليداً كذلك جمع أجزاء ورقة نقدية ممزقة وردها إلى صورتها الأصلية وذلك لأن العلامات المائية في الورقة الأصلية تكون قد ضاعت معالمها، إذاً يجب على كل من تتلف نقود عنده ضرورة التوجه بها إلى مصرف البحرين المركزي لاستبدالها وعدم العبث بها، ويرتكب التقليد من يعالج نقوداً مقلدة من قبل فيعطيها مظهر النقود الصحيحة أو يقرب ما بين مظهريهما، ولا يحول دون وصف الفعل بأنه تقليد أن العملة التي أنتجها الجاني تماثل تماماً العملة الصحيحة من حيث نوع معدنها ووزنه وقيمته الفعلية ومن حيث حجمها ومظهرها فإنه بذلك قد اعتدى على سلطة الدولة في إصدار النقود واعتدى على مصلحة الدولة المالية المتمثلة في الفرق بين القيمة الاسمية للعملة والقيمة الحقيقية لمادتها، بالإضافة إلى الضرر الذي يحتمل أن يصيب من يتلقى هذه العملة ثم يثبت بعد ذلك عدم صحتها.

لذا يجب على الجميع عند الاشتباه بعملة مقلدة سرعة إبلاغ الجهات الأمنية أو إدارة الجرائم الاقتصادية بالإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية وعدم المجازفة باستعمال هذه الأموال غير الشرعية.

وزارة الداخلية


كيف يرحلون؟

 

الأشياء الجميلة في حياتنا لا تبقى، ترحل بسرعة دون ان نشعر بها او نستلذ بجمالها، نحزن اذا فقدناها، نحزن عليها وهي مجرد «جمادات»!

فكيف نصف فقدنا للبشر؟ لا نحزن، فشعورنا أكبر من أن يسمى حزناً، ألمٌ يفتت قلوبنا وضلوعنا. «شــــوق»يقطع، لا فهو أشد من يقطع أوصالنا، يمزق ما بقي في أوردتنا، يمر مرور الموت في جسدنا، كلا بل هو أكثر وأشد قسوة و ألماً من ذلك.

لِمَّ لم تشاطرينا مرارة فقدانك؟ أبيت المجيء واستقبال «مُعزينك»، فضلت البقاء تحت التــراب الذي طالما حسدته لأنه احتضن جســدك، روحــك الطاهرة عبــقٌ يعطـر هذا التراب.دفنــــوك، (مازلت أتساءل، كــيف؟)، مزجوا شوقي لحنانك بالتراب، حسبــوا صمتــي صبراً على أدمعي التي تفجر بركاناً يأبى الهدوء في داخلي، ربــاه، أســألك رفقاً بذلك القلب الحنون، ورفقاً بجسدها الضئيل، خالتــي، سأتــلو لك تراتيلي وصلواتي كل صباح ومســاء...إلهــي ألهِّــم قلــوبنا صبــراً، وادخل عليها روحاً منك وسلاماً مني.

فاطمة الجزيري


بكـاء الأطفـال

 

ليس موضوعاً عابراً... إنها تلك الدمعة الحارقة التي تنزل من مآقينا كباراً وصغاراً عند شعورنا بأي ألم، البعض يكتمها لتكون أنيناً ويمنع خروجها كسائل ينساب معلناً احتراق قلبه ألماً وحزناً على أمر ما مهما كان هذا الأمر الذي نبكي لأجله كبيراً أم صغيراً فطالما أنه آلمنا واستدرّ دموعنا فهو همٌّ وألم ومشكلة وجرح يجب تضميده مهما كان حجمه وعمره ومداه، يرى علماء النفس بأن بكاء الكبار هو عودة للطفولة إذ إنهم يبكون لأنهم بحاجة إلى عطف من حولهم كما أن المرأة تبكي أكثر من الرجل بسبب هرمون يدعى (البرولاكتين) وهذا الهرمون يفرزه الجسم كرد فعل للتوتر والأحزان ومشاعر الاكتئاب التي تنتاب المرأة وبذلك يرى العلماء بأن عمر المرأة أطول من عمر الرجل لأنها تترك العنان لدموعها ولا تكتمها.

ومن منا لا يبكي؟ البعض يبكي بصوت خافت والبعض يبكي بصمت، أما الأطفال فيجهشون بالبكاء لأتفه الأسباب، لكنها ليست كذلك فطالما أنه يتألم لأجلها فهي بالنسبة له أمر مهم وكبير وذو أثر في حياته البريئة. إن الطفل يبكي عند الولادة لأنه يتنفس لأول مرة التنفس الحر ولأنه يخرج إلى عالم أوسع من عالمه الجنيني الضيق إلى عالمنا الدنيوي الواسع فيستشعر الغربة عند وصوله للحياة ولا يهدأ إلا حين يوضع بالقرب من والدته فهي مأمنه وملاذه.

ولكن هل تعلمون بأن الطفل يبكي قبل ذلك؟ نعم ... لقد أثبت العلم بأن بعض الأطفال يبكون في مرحلة ما قبل الولادة أي (المرحلة الجنينية) ترى لماذا يبكي وهو في رحم أمه وقريباً منها حد الالتصاق؟ تلك ملحمة البكاء التي فطرنا الله عليها وميّزنا بها عن سائر المخلوقات فالإنسان عقل وقلب وعاطفة، تقول إحدى الأمهات... وهي أم لطفل في الثالثة من عمره... بأن طفلها يبكي طوال الوقت وبشكل هستيري يفقدها صوابها فتضربه فهو حين يرغب بشرب الماء يطلبه باكياً وحين تتأخر عليه في تلبية طلب ما فهو يحطم الأشياء من حوله فهو لا يتكلم معبراً عن رغباته بقدر ما يبكي ويتذمر ويأنّ حتى أنه أثناء نومه تسمعه يبكي بصوت وهو نائم، فقد أصبحت تلك سيمفونيته التي لا يكفّ عن تلحينها.

ترى ماهي أسباب بكاء الأطفال المتواصل والذي يجعل الأهل في حالة توتر طوال الوقت؟ يقول الدكتور علي القائمي «بأن أسباب بكاء الأطفال متنوعة منها مادي جسدي، ومعنوي نفسي، وعاطفي، فالنوع المادي الجسدي يتمثل في: التعبير عن الجوع، والإفصاح عن الألم، الانزعاج ممَّا يرتديه مثلاً، أو هو مقدمة للمرض، الشعور بالتعب والإرهاق، تغير الحالة أو المكان... أو عدم الشعور بالشبع والاكتفاء، أما من الناحية المعنوية النفسية فهي تتمثل في: عدم الشعور بالأمان، عدم الرضا عن الأوضاع، العقد النفسية، عدم الرضا عن النفس، أما الأسباب العاطفية فتكمن في: الشعور بالوحدة، فقدان الملاذ، الحاجة إلى الملاطفة والحنان، الشعور بالغضب والعصبية، الخيبة واليأس، تفريغ شحناته وثورته، الخوف من أمر ما. إذن الأسباب كثيرة... فالطفل لا يبكي بدون سبب فهو بالطبع لا يهوى البكاء ولا يتخذه وسيلة للتسلية أو اللعب بل على العكس فالبكاء يرهقه ويضعف قواه، وهذا يمكن ملاحظته حينما يبكي الطفل لفترة طويلة فإنه يغفو بعدها، صحيح أن هناك بعض الأطفال يتخذون من البكاء وسيلة لاستدرار عطف الأهل والحصول على ما يريدون لكنه أمر يمكن اكتشافه بسهولة وخصوصاً مع تكرار حدوثه. ولكن البكاء في النهاية حق وحاجة ضرورية وملحة بالنسب للطفل... كيف ذلك؟ يقول الإمام الصادق (ع): (إن في دماغ الطفل رطوبة يؤدي بقاؤها في الجسم إلى نشوء آلم عظيمة يجليها البكاء). صحيح أن تلك الرطوبة قد تخرج عن طريق المخاط أواللعاب ولكنه بالبكاء ينجلي كما ذكر إمامنا (ع)، إذن متى سنكفّ جميعاً عن ضرب أطفالنا حين يبكون؟ فالبكاء مفيد لهم... دعوهم يبكون ولكن من الضروري أن نواسيهم عند البكاء ونشعرهم بمدى اهتمامنا بهم عند فرحهم وعند حزنهم فذلك من شأنه أن يشعرهم بالأمان ووجود الملاذ فالطفل الذي يفتقد المواساة والاهتمام حين بكائه يشعر بأنه بلا قيمة ويفقد الأمل بالحياة تدريجياً ثم يتحول فيما بعد إلى طفل حاد المزاج... تابع لغيره... سيء الظن بالآخرين... ويعيش منزوياً... فهل هذا ما نتمناه ونأمله لأطفالنا؟ بالطبع لا. وختاماً: ابكوا جميعاً، كباراً وصغاراً ففي البكاء راحة وتنفيس عن الضغوط النفسية التي نعيشها يومياً ودعوا الأطفال يبكون ولكن دون أن نتركهم وحدهم يتجرّعون من كأس المرارة دون وجود من يواسيهم، ودعوهم بالحب والحنان والدمعة الرقيقة يكبرون، ليكبر الأمل معهم.

نوال الحوطه

العدد 2822 - الجمعة 28 مايو 2010م الموافق 14 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 7:55 ص

      شكرا للكاتبة نوال على الابداع

      ابداع بلا حدود للكاتبة نوال

اقرأ ايضاً