فاجأت القنوات والمحطات الفضائية العربية المنتجين بشروط جديدة لم تكن في حسبانهم لقبول أعمالهم والمسلسلات، وخصوصا لشهر رمضان المبارك، وأكدت القنوات ضرورة الالتزام بهذه الشروط سواء في الأعمال التي تنتج بطريقة المنتج المنفذ أو تلك التي تشتريها القنوات والمحطات.
ويعتبر الموضوع مفاجأة، لأن بعض المنتجين بدأوا تصوير أعمالهم للشهر الفضيل وقطعوا مشوارا لا بأس به في تصوير الكثير من اللقطات والمشاهد، وعليه فإن تغيير هذه اللقطات يعني كلفة مضاعفة عليهم وحملا غير متوقع على موازنة العمل، ولكن في النهاية عليهم أن يستجيبوا لطلب القنوات والمحطات الفضائية لأنها هي التي ستدفع وستشتري هذه الأعمال، وإلا فإنها ستبقى في الأدراج كما حدث لأعمال أخرى.
ومن أهم هذه الشروط التي وضعتها بعض القنوات الفضائية لشراء أو إنتاج المسلسلات هي الحشمة وعدم ارتداء الثياب الضيقة والفاضحة - كما وصفتها - بالنسبة إلى الفنانات، ولاسيما النجمات اللواتي يحظين بقبول كبير لدى المشاهدين، وأكدت هذه القنوات أن تلتزم الفنانات بالثياب والملابس التي لا تفصّل المرأة والفنانة وتظهر مفاتنها وجسدها بصورة مبالغ فيها، أما الشرط الثاني فهو التخفيف من المكياج بحيث يصبح منطقيا غير مبالغ فيه مما يثير الضحك أحيانا.
وأبلغت هذه القنوات المنتجين الذين ستتعامل معهم شفويا من دون قرار رسمي، واعتذرت بأنها تسعى من خلال الأعمال الدرامية والمسلسلات التي تقدمها وتعرضها على شاشتها إلى استقطاب أفراد الأسرة كلها، وظهور الفنانة بصورة غير محتشمة أو بثياب غير لائقة يسبب إحراجا لأفراد الأسرة الذين يجتمعون من أجل أن يشاهدوا المسلسل.
من جانبها، استطلعت إحدى الصحف الخليجية آراء بعض المنتجين، فكانت آراؤهم كالآتي:
قال أحمد جوهر وهو من المنتجين المهتمين بأعمال التراث: «أكدنا للفنانات المشاركات معنا في مسلسلنا الجديد ضرورة احترام المشاهد وعدم المبالغة في ارتداء الملابس الضيقة، وشخصيا أبلغتني بعض المحطات الفضائية عن هذا الموضوع، ولكنني بصراحة لست بحاجة إلى من يوجهني في هذا الموضوع، لأنني أحرص دائما وفي كل أعمالي على أن تكون جميع المشاهد التي أقدمها نقية وليست فيها أية مشكلة، ولكن يبدو أن القنوات الفضائية هذا العام حريصة أكثر من الأعوام السابقة على أن تكون الفنانة طبيعية في طلتها وظهورها على الشاشة، وأنا أؤيد هذا التوجه، لأنه من جهة يناسب بيئتنا العربية المحافظة، ومن جهة أخرى يخفف المبالغة في الأعمال التلفزيونية».
ومن جانبه، أكد هذا الرأي المدير الإقليمي لمحطة MBC أحمد العساف، وهي من المحطات التلفزيونية التي لها ثقل في الإنتاج الدرامي، وأشار إلى أنه شخصيا ومن دون قرارات رسمية يوصي المنتجين الذين يتم التعامل معهم بضرورة أن يقدموا صورة جيدة للمجتمع الخليجي خاصة، والعربي عامة، وقال: «تحدثت مع المنتجين الذين نتعامل معهم بضرورة الالتزام بالصورة الخليجية الصحيحة للمرأة، وعدم المبالغة في طريقة الثياب أو المكياج لأنها في النهاية لا تخدم الحدث ولا تخدم الفنانة نفسها، ونحن من جانبنا قناة ومسئولين فيها حريصون على أن تحافظ أعمالنا على مستواها وصدقيتها وواقعيتها، ولا نريد أن نعرض صورة غير الواقع».
وكان العساف أكثر صراحة حين قال إنه طلب من المنتج نايف الراشد أن يخفف مكياج إحدى الفنانات ويطلب من إحداهن ارتداء ثياب أخرى، وعلق على ذلك: «نعلم أن المنتجين حريصون أكثر منا على أعمالهم، ولكن من واجبنا أن نحافظ على هويتنا الدينية والعربية والخليجية. المسألة ليست فرض عضلات، ولكن العمل التلفزيوني خطير والظهور على الشاشة مسئولية وعلينا أن نكون على قدر هذه المسئولية».
وأما مدير إدارة الإنتاج في تلفزيون الكويت بندر المطيري فقال: «أبلغنا كل المنتجين الذين يودون التعامل معنا ضرورة التزام الفنانات بثياب الحشمة، أنا معك في أن بعضهن أصبحن كعارضات أزياء في الفترة الأخيرة، وهذا ما دعانا إلى أن نشدد على المنتجين وعلى لجان الرقابة في تلفزيون الكويت على أهمية ارتداء ملابس محتشمة».
واستحسن أحد المخرجين هذا الرأي وقال إنه يؤيده بصورة كبيرة لأنه واجه صعوبات في مثل هذا الموضوع، فالكثير من الفنانات يرفضن المكياج الخفيف، والأدهى من ذلك أنهن يرفضن أن يصورن أدوارهن من دون مكياج حتى إن كان الدور يتطلب غير ذلك، وضرب مثلا لهذا الموضوع وقال: «ينتقدنا كثير من المشاهدين وندخل في سين وجيم مع المنتجين لأن الفنانة استيقظت من النوم في أحد المشاهد وهي في كامل زينتها، هم يعتقدون أننا لم ننتبه لهذا الموضوع ولكنهم يجهلون في الوقت نفسه أن الفنانات يرفضن بشدة أن يمثلن أي دور من دون مكياج حتى إن استيقظت للتو من النوم. أنا معك في أن المكياج الصارخ يقلل من واقعية العمل والمشهد كأننا نعمل مع أراجوزات وليس فنانات، ولكن ماذا نفعل؟ إننا نواجه حربا ضروسا مع الفنانات في كل عمل، ولكن الجمهور والمشاهدين لا يعلمون».
وبطبيعة الحال كان الوصول إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما أسهل من الوصول إلى الفنانات الخليجيات حتى «الكومبارس» منهن، ورفضت الكثيرات التحدث في هذا الموضوع وتمنين أن ينشغل المسئولون والمنتجون بموضوعات أكثر أهمية من مكياج الفنانات، وعندما قلت لهن إن المكياج من أساسيات العمل الفني ولاسيما الدرامي، كنت كمن سكب الزيت على النار.
استشاطت إحداهن غضبا وهي تصور حاليا دور فتاة صغيرة مطلقة مع أحد المخرجين المخضرمين، وقالت: «المنتجون والمسئولون وبعض المخرجين لا يعرفون أسس العمل الدرامي وآخر صيحات الموضة، إن وجودنا كفنانات بالمكياج والثياب التي نرتديها هو الذي يحقق النجاح للعمل وليست أسماء المخرجين، وشخصيا لن أسمح لأحد بأن يفرض علي ما أرتديه».
العدد 2388 - الجمعة 20 مارس 2009م الموافق 23 ربيع الاول 1430هـ