تواجهت القوى النووية ودول عدم الانحياز الليلة قبل الماضية بخصوص كيفية التخلص من الأسلحة الذرية في الأيام الأخيرة لمؤتمر تنظمه الأمم المتحدة حول تحسين نظام الحد من انتشار السلاح النووي حول العالم.
وبرزت الهوة بين دول عدم الانحياز والدول النووية مع اقتراب ختام مؤتمر لمراجعة اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية اليوم (الجمعة) في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وتواصلت الاجتماعات المغلقة يوم (الأربعاء) الماضي. وقال دبلوماسي غربي «العمل جارٍ في العواصم وفي نيويورك» مشدداً على أن «المؤتمر لم ينتهِ بعد». وقال دبلوماسي آخر أنه على الرغم مما يبدو أنه طريق مسدود «كل شيء ممكن أن توافرت الإرادة السياسية».
ويتمثل نجاح المؤتمر في تبني مسودة إعلان ختامي تتضمن خطط عمل في المجالات الثلاثة لاتفاقية الحد من الانتشار، وهي نزع السلاح النووي، التحقق من أن الدول لا تعمل سراً لتطوير قنبلة نووية، وتعزيز استخدام التكنولوجيا النووية لأهداف مدنية.
والأهم يبدو إعادة التأكيد على فاعلية اتفاقية الحد من انتشار السلاح النووي التي خطت منذ 1970 مسار مكافحة انتشار الأسلحة.
واقترحت دول عدم الانحياز نحو 200 تعديل على المسودة التي تألفت من 28 صفحة، لا سيما من أجل الدفع بالدول النووية إلى القبول بمهلة زمنية لإحراز نزع الأسلحة، على ما أفاد دبلوماسيون وكالة فرانس برس. غير أن الدول النووية وهي بريطانيا، والصين، وفرنسا، وروسيا والولايات المتحدة ترفض ذلك.
واقترحت دول عدم الانحياز بقيادة مصر تعديلاً (الأربعاء) بإضافة عبارة «من ضمن مهلة زمنية محددة» في مسودة النص المتعلقة «بخطة عمل لنزع السلاح النووي تشمل إجراءات ملموسة لإلغاء الأسلحة النووية بالكامل»، بحسب دبلوماسي.
وقال إن المندوب الروسي اناتولي انتونوف أدلى «بتصريح واضح طالب حركة عدم الانحياز بالتحلي بالواقعية». وقال انتونوف إن أي مؤتمر حول الأسلحة النووية مرفق بتاريخ محدد ويضع مهلاً مصطنعة لتدمير الأسلحة النووية غير مقبول، بحسب الدبلوماسي.
وتابع أن انتونوف طلب من حركة عدم الانحياز «التفكير مجددا في هذه المسائل».
وأتى رد فعل دول عدم الانحياز حاداً حيث قالت جنوب إفريقيا إن مواقف الحركة «لا تستحق الاستخفاف لأنها نتيجة تفكير دقيق»، بحسب الدبلوماسي.
وتشهد اتفاقية الحد من الانتشار أزمة مع شكوى الدول غير النووية من إحجام الدول النووية عن الإيفاء بواجباتها في إطار التزامات الاتفاقية والبدء بتدمير ترسانتها، ومن أن حملات التحقق القسرية على غرار وضع إيران تهدد حقها في الحصول على التكنولوجيا النووية السلمية.
وفشلت المراجعة السابقة لاتفاق الحد من الانتشار العام 2005 في الاتفاق على وثيقة ختامية. أما مراجعة العام 2000 فأقرت إجراءات لنزع الأسلحة.
وفي مراجعة 1995 مددت مهلة الاتفاقية إلى ما لا نهاية وأطلقت الدعوة إلى شرق أوسط بلا أسلحة نووية، وهو وعد تسعى دول عدم الانحياز إلى الإيفاء به.
واعتمد الرئيس الأميركي باراك أوباما جدول أعمال طموحاً حيال عدم الانتشار النووي في إطار سياسته التي تحبذ الدبلوماسية المتعددة الأطراف على تكتيكات المواجهة التي طبقها سلفه جورج بوش.
وقال دبلوماسيون إن هذا أدى إلى تحسين الأجواء في مؤتمر الحد من الانتشار مقارنة بمؤتمر 2005. ويراهن المسئولون الغربيون على أن الدول ستحاول تجنب المسئولية عن إفشال المؤتمر.
وقامت مجموعة صغيرة أمس الأول على هامش المؤتمر وفي العواصم المعنية ببحث أهم المسائل الشائكة في المؤتمر وهي إقامة منطقة منزوعة السلاح النووي في الشرق الأوسط.
وتقود الولايات المتحدة ومصر المحادثات بين الدول النووية ودول عدم الانحياز للتوصل إلى طريقة للتقدم في هذا الملف. وتعارض إسرائيل فكرة المنطقة منزوعة السلاح قبل تحقيق السلام في الشرق الأوسط لكنها قد تقبل بمؤتمر غير ملزم.
وتدعو مسودة الإعلان الختامي إلى مؤتمر العام 2012 «تحضره جميع الدول في الشرق الأوسط، لتؤدي إلى إنشاء» منطقة منزوعة السلاح النووي. ولا يذكر النص إسرائيل أو إيران بالاسم، على الرغم من دعوة المسودة إسرائيل إلى الانضمام إلى الاتفاقية. وطالبت الدول العربية بالإعلان أن إسرائيل دولة نووية سرية.
كما أحجمت المسودة عن ذكر انتهاكات إيران للاتفاقية عبر إخفائها نشاطاتها النووية في تحد لقرارات الأمم المتحدة التي تطالبها بإثبات حصر نشاطاتها النووية بالأغراض المدنية.
ولكانت الدول الغربية سعت إلى عزل إيران لو لم تكن تحاول تجنب نسف فرص الإجماع في المؤتمر.
العدد 2821 - الخميس 27 مايو 2010م الموافق 13 جمادى الآخرة 1431هـ