العدد 2820 - الأربعاء 26 مايو 2010م الموافق 12 جمادى الآخرة 1431هـ

«ليش البَهْدَلَة؟!»

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الخامس عشر من الشهر الجاري حطّت طائرة تابعة لشركة طيران الإمارات في مطار الإمام الخميني بطهران. بعد مدّة أقلعت الطائرة وهي تُقِلُّ المواطنة الفرنسية كلوتيلد رايس متوجّهة إلى إمارة دبي، حيث ركبت رايس طائرة أخرى فرنسية رسمية كانت في انتظارها هناك، مُرافَقَةً من قِبَل السفير الفرنسي في طهران باتريس بوليتي.

أقلعت الطائرة الفرنسية بسرعة ووجهتها هذه المرّة باريس بعد مُضيّ كلوتيلد رايس في الاحتجاز (ما بين سجن إيفين ومقرّ السفارة الفرنسية في طهران) مدّة عشرة أشهر. الإقلاع تمّ بعد انقضاء يوم واحد فقط على صدور حكم قضائي بسجنها 10 سنوات، ثم استبداله بغرامة مالية قدرها ربع مليون يورو «دُفِعَت فوراً».

عند دخول الطائرة الأجواء الفرنسية أعطِيَ الطّيار أوامر بالهبوط في مطار فيلاكوبيله العسكري بجنوب غربي العاصمة باريس. ومن مطار فيلاكوبيله توجّه الموكب الذي يقلّ المواطنة الفرنسية إلى قصر الإليزيه، حيث كان في استقبالها الرئيس نيكولا ساركوزي، الذي جَلَسَ بجانبها مدة عشرين دقيقة، وهو يسبغ عليها نعوتاً وطنية.

بعدها قامت المراسم الرئاسية بالإليزيه بتخصيص قصر مارينيي (مقر الضيوف الرسميين لفرنسا) وجعله تحت تصرف رايس لغرض الاسترخاء والاستجمام، ولكي تلتقي فيه بعائلتها وأصدقائها. ثم أصدر الإليزيه بياناً شَكَرَ فيه رؤساء كل من سوريا والبرازيل والسنغال، على مساهمتهم في إطلاق سراح رايس. هذا ما نقلته وكالات الأنباء.

هنا نقطة نظام. لا نريد أن نُسيّس الموضوع، أو نحمّله تبعات «الخصوصية الإيرانية» في إدانة رايس، وكيف أن الفرنسيين أرادوها بمستوى «طائر الحريّة» عندما كانت في إيران قبل اعتقالها بُعيد تظاهرات المعارضة في يونيو/حزيران الماضي. فما يهمّنا هو التساؤل: لماذا لا يحظى المواطن العربي والمسلم بمثل هذا الاحتفاء عندما يتعرّض لأزمة «أمنيّة» في خارج وطنه بذات المِثْل التي حظِيَت به رايس؟!

باعتقادي أن هذا الموضوع مرتبط بطبيعة الفصل/ الرّتق ما بين الحكم السياسي وما يسوده من شعب. فحين تتقاطر على قمّة النظم السياسية شخوص تُنتجها المجتمعات المدنية وحراكها السياسي، فإن الارتباط ما بين الوظيفة العامّة والوظيفة الأهليّة يُصبح متلازماً وثنائياً من حيث الأدوار.

وحين تترسّخ تلك المعادلة، يُصبح مَنْ هو في الحكم متماثلاً في سلوكه وميوله مَعَ مَنْ هو في القاع أو في المرتبة الأهلية. لذا فإن الحاكم يرى في مشاكل مواطنيه ذات الرؤية التي يراها لنفسه بعد حين إن لم يكن قد جرّبها قبل هذه الحظوة في الحكم.

هذا التماثل يرتبط في تطوّره بطبيعة الانتماء القومي. وبأشكال متقدمة من حفظ الحقوق. والأكثر، هو قياس هيبة الدولة من حيث منبتها في الشّرعية وهي المكوّن الشعبي. ولم تنسج الدول الأوروبية هذه المعادلة إلاّ في بحر قرنين من الزمان على أقلّ تقدير، حين كانت الشعوب تكابد من أجل حياة عادلة ضد حكم مطلق يساوي نفسه بالسّماء.

وكانت الثورات الحمراء والثورات المضادة، ومواقف الليبراليين المتواطئة مع الأنظمة المحافظة، ونكوص الفقراء، واستغلال الكنيسة أثماناً دُفِعَت للمساواة وتثبيت الحقوق العامّة والخاصة للمواطن الأوروبي. وللعِلم فإن الثورات لم تكن سياسية صرفة، وإنما كان جزء مهم منها اجتماعياً، وضد مسلك برجوازي فاحش، اجتاح العالم الأوروبي.

باختصار، لن يحظى المواطن العربي بأهميّة تُذكر من حُكّامه، إلاّ إذا اقتنع هؤلاء الحكّام من أنهم متساوون معه في المواطنة والحقوق. وأنهم سيُبلَوْن كما بُلِيَ مواطنهم المسكين حين تمنحهم سَوَاقِي السياسة فرصة العيش بالمثل، حتى ولو بالمجاز وفي الأحلام. فالعُمدة هو أن يُدرك الجميع أنهم متساوون لا أكثر ولا أقل.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2820 - الأربعاء 26 مايو 2010م الموافق 12 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 3:52 ص

      الى ابرهيم الجنوسانى

      انا من جنوسان اتحداك تكون من جنوسان انت عميل مدسوس وكلامى صح 100% لانة جنوسان ما فيها هذة الاشكال

    • زائر 9 | 2:53 ص

      مشاكل في غنى غنها

      المقال جميل لكن عندي ملاحظة على بعض العرب ساعات يروحون بلدان غيرهم ويسوون لهم مشاكل هم في غنى عنها وبعدين ما يصير أحد عند وجه يطالب بهم . شكرا

    • زائر 8 | 1:11 ص

      مع الاسف

      مع الاسف هناك الكثير من البحرينيين يتم اعتقالهم في الخارج و منهم من يدخل بالعلم او الخطأ الى المياه الاقليمية القطرية يتم و تم اعتقال الكثير من البحرينيين في قطر و لكن لم نرى اي تحرك رسمي يطالب بهم و يهتم فيهم الا في اخر و ليس لسواد عيون المعتقلين و انما السياسة و المواجهة بين البلدين

    • زائر 7 | 12:32 ص

      و لا تنسى المساومه

      طائرات الخاصه الرسميه او غير رسميه قد تهبط فى اى مطار من الدول الخليج بدون جداول المتفق مسبقاً و خصوصاً من الدول الغربيه الكبرى ولكن طهران لا تقبل بهذا و هذا جواب العنوان لموضوعك ( ليش البهدله ).

    • زائر 6 | 12:06 ص

      المساواة

      بالمناسبة فان موضوع المواساة لن يتحقق ومثلما قال جورج اورويل بان الناس جميعهم متساوون ولكن هناك اشخاص اكثر مساواة من الاخرين

    • زائر 5 | 12:04 ص

      الدول العربية والاسلامية

      الكاتب المحترم
      في دولنا العربية القضية ليست مرتبطة بالسلطة فقط وانما مرتبطه بحجم التشكيك والولاء للاوطان وهم بذلك يريدون الولاء للشخص لكنهم يتذرعون بنقص الولاء للوطن وعندما ينظر الحكام العرب بمثل هذا التفكير تراهم يقولون ويفعلون بالمواطن وكانهم في حرب معه

    • زائر 4 | 11:58 م

      رائع

      الموضوع رااااائع يابو عبدالله

    • زائر 3 | 11:16 م

      إبراهيم الجنوساني رد على رقم 2 الكذاب

      رقم 2 دخل بأسمي المستعار وكتب بأسمي

    • زائر 2 | 10:40 م

      إبراهيم الجنوساني

      شوف ياقنصل ايران الموضوع جميل لكن هيهات يحضى المواطن العربي بذلك

    • زائر 1 | 10:38 م

      بويوسف

      لن يحظى المواطن العربي بأهميّة خله على الله

اقرأ ايضاً