العدد 2820 - الأربعاء 26 مايو 2010م الموافق 12 جمادى الآخرة 1431هـ

الانتخابات البريطانية والانتخابات الخليجية (1)

أحمد سلمان النصوح comments [at] alwasatnews.com

بتاريخ 6 مايو/ أيار الجاري انتهت الانتخابات في الجزر البريطانية، التي تسمى حسب عرف القانون الدولي العام «المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال ايرلندا».

تبلغ مساحة المملكة المتحدة نحو 240 ألف كيلومتر مربع، وعدد سكانها يقدر بنحو 60 مليوناً، وهم خليط من الانجليز والأوروبيين والمهاجرين من مختلف الدول التي سبق لبريطانيا أن استعمرتها في جميع أصقاع العالم.

وتتشكل المملكة المتحدة اليوم من أربعة أقاليم هي إقليم إنجلترا وعاصمته لندن التي تعد عاصمة الاتحاد البريطاني، وإقليم ويلز وعاصمته كارديف، وإقليم اسكوتلندا وعاصمته أدنبره، وإقليم شمال ايرلندا وعاصمته بلفاست وهو يبعد عن الجزر البريطانية نحو ساعة طيران، وهو ملتصق باليابسة مع جمهورية ايرلندا التي تحررت من الاستعمار البريطاني في العام 1921، ويلاحظ أن إقليم استكوتلندا بالإضافة إلى أهل ايرلندا يتحدثون لغة غير الانجليزية وهي لغة الجيلك «GALLIC»، لكن اللغة الإنجليزية هي اللغة الدارجة في التعاملات الرسمية لهذه الأقاليم، بخلاف الاتحاد البريطاني الذي تسود فيه اللغة الإنجليزية.

يذكر التاريخ أن بريطانيا العظمى استعمرت ثلاثة أرباع العالم، وسميت قديماً بالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس لسعة الأراضي التي استعمرتها، لذلك سادت اللغة الإنجليزية وهي اليوم تعتبر اللغة الأولى في العالم بلا منازع حيث يفوق عدد متحدثيها ملياري إنسان.

ملكة بريطانيا الحالية هي إليزابيث الثانية، وهي أيضاً ملكة على كلٍ من كندا، أستراليا، نيوزلندا، فيجي، جزر فوكلند، مع التذكير بأن جزر فوكلند تبعد عن الجزر البريطانية نحو سبعة آلاف ميل بحري وقد احتلتها جمهورية الأرجنتين العام 1982 وقام الجيش البريطاني بتحريرها من الأرجنتين خلال رئاسة مارغريت ثاتشر في العام نفسه. والملكة اليزابيث هي التي تعين الحاكم العام لكل هذه الدول أو المناطق حتى لو كانت دولاً مستقلة ولديها مطلق الحرية في اختيار رئيس وزرائها عبر انتخابات حرة ونزيهة، وتعلق المحاكم في هذه الدول صورة الملكة البريطانية وتعزف لها موسيقاها، وتلصق صور الملكة على طوابع هذه الدول، التي يحتفل شعوبها بعيد ميلاد ملكة بريطانيا العظمى كل عام.

نعود الى الانتخابات الأخيرة التي حصلت في بريطانيا العظمى والتي وصفت بأنها زلزال بالنسبة إلى عالم السياسة البريطانية، حيث تنافست ثلاثة أحزاب رئيسية فيها، خاضت لأول مرة في تاريخ الانتخابات العامة في بريطانيا 3 مناظرات تلفزيونية مباشرة بين رؤساء الأحزاب وهم غوردون براون عن حزب العمال، ديفيد كامرون عن حزب المحافظين، ونيك كليغ عن حزب الليبراليين الأحرار.

بعد هذه المناظرات التلفزيونية معظم المتابعين تنبأوا بفوز حزب المحافظين على العمال الذي بقي في السلطة لمدة 13 عاماً، وإن حزب العمال فقد الزخم في نظر الشعب والناخب البريطاني لسببين رئيسيين هما «تخلي طوني بلير عن زعامة الحزب، حيث يعتقد على نطاق واسع أنه كان شخصاً صاحب طلة جذابة ومحبوبة، بخلاف الشخص الذي خلفه في زعامة حزب العمال وهو غوردون براون، والسبب الآخر الذي ساهم في عزوف الجماهير عن هذا الحزب هو اعتقاد الكثير من الناخبين البريطانيين بأن حزب العمال جر البلاد إلى حربين في أفغانستان والعراق كلفتا ومازالتا تكلف الخزينة ودافع الضرائب البريطاني الملايين من الجنيهات الإسترلينية من دون أن تكون هناك مصلحة واضحة لبريطانيا، سوى أن الحزب انقاد وبشكلٍ كامل وغير مبرر بالنسبة إلى الناخب البريطاني وراء الولايات المتحدة الأميركية في تلك الحربين.

وغير هذين السببين نعتقد أيضاً أن هناك أسباباً أخرى جعلت الناخب البريطاني يتحول عن ترشيح حزب العمال إلى الحزبين المنافسين الآخرين، من هذه الأسباب حب تغيير الحزب الذي قاد البلاد منذ 13 عاماً، بالإضافة الى عدم تنفيذ حزب العمال لوعوده التي قطعها إلى الناخب البريطاني طوال تلك المدة، وكذلك إغراق البلاد في ديون وعجز مالي كبير فاق الـ 900 مليار جنيه إسترليني، على الرغم من أن دخل المملكة المتحدة القومي يفوق الـ 1،200 تريليون جنيه استرليني.

المهم إن الانتخابات البريطانية التي حدثت في 6 مايو الجاري أفرزت نتائج كبيرة، حيث حصل حزب العمال على 258 مقعداً، وحزب المحافظين على 306 مقاعد، وحزب الليبراليين الأحرار على 70 مقعداً، وتبقى 16 مقعداً حصلت عليها بقية الأحزاب الصغيرة مثل الخضر والبيئة... وإلخ، وبالتالي لم يستطع أيٌ من الأحزاب الفائزة أن يشكل حكومة لمفرده بسبب عدم حصول أيٍّ من الأحزاب الثلاثة على 326 مقعداً (أي نصف عدد مقاعد البرلمان + 1) لتشكيل حكومة أغلبية، علماً أن البرلمان البريطاني يتشكل من 650 مقعداً، وهو يعد أقدم برلمان في العالم أجمع، حيث يعود تاريخه إلى العام 1200م. تعاقبت عليه عشرات الدورات الانتخابية من دون مشاكل كبيرة، على الرغم من أن بريطانيا ليس لديها دستور مكتوب وتحتكم الى عرف قانوني ملزم ولم يحدث أن تجاوزته على رغم مرور كل هذه السنين، بخلاف الكثير من الدول التي لديها دساتير ولا تلتزم بها وأيضاً دساتيرها عرضة للتغيير والتبديل من حين لآخر من قبل حكامها. أما بالنسبة الى العائلة المالكة البريطانية فهي تملك ولا تحكم، فالشعب هو الذي يختار الحاكم الفعلي وهو رئيس الوزراء كل أربع سنوات عبر انتخابات حرة ونزيهة يحضرها ويراقبها بشكلٍ عصري وتام مراقبون من منسوبي الأحزاب المتنافسة ومراقبون من الاتحاد الأوروبي وغيرهم من المراقبين الدوليين، ولم يحدث قط أن شكك أيٌ من الأحزاب المتنافسة في نزاهتها.

إقرأ أيضا لـ "أحمد سلمان النصوح "

العدد 2820 - الأربعاء 26 مايو 2010م الموافق 12 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 9:31 ص

      تنويه

      * أولا: أريد أن أنوه بأن ثالث أكبر حزب في بريطانيا ليس الليبراليين الأحرار و إنما الديمقراطيين الأحرار ..
      * ثانيا: حزب الديمقراطيين الأحرار لم يحصل على 70 مقعدا كما أشرت و إنما حصل على 57 مقعدا .. و الأحزاب الصغيرة الأخرى حصلت بمجموعها على 28 مقعدا و ليس 16 مقعدا كما أشرت ..
      و شكرا ..

اقرأ ايضاً