العدد 2820 - الأربعاء 26 مايو 2010م الموافق 12 جمادى الآخرة 1431هـ

ورق الفضاء الافتراضي

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

لولا الورق والمداد والقلم لكان الطغاة في سعة من أمرهم. أدوات ثلاث تضع الطغاة في مهب حرج، ومن ورائهم ضمير لا يحفل كثيراً بمآلات الرصد.

منذ أن تأسست اللغة. منذ اتضح الاتصال، كان الورق جوهرة المحاولات، بدءاً بجدران الكهوف (الورق الأول) مروراً بالجلود، وليس انتهاء بالاكتشاف الأعظم منذ وعي البشرية الأول (الورق). من يومها قامت سوقان؛ سوق تروج للسلطة وتهتم بمآكلها ومشاربها ودعارتها ومداراة قمعها؛ وسوق على النقيض من ذلك.

بعد عشرات الآلاف من السنوات برز الفضاء الافتراضي كورق من نوع آخر. ورق يمكن مسحه وحجبه واستدعاؤه بكبسة زر؛ لكن اللاعبين في الفضاء الافتراضي لهم حيلهم ومكرهم بحيث يتجاوزون كل ذلك المسح والحجب، ليسطروا على الفضاء الافتراضي حضورهم واحتجاجهم وحتى قرفهم من سلطات بهكذا مستوى من ضيق الأفق. وأستدرك هنا: لا أفق لسلطات بتلك المواصفات. إنها عينة من بئر مهجورة. إنها عينة من مقبرة من دون فاتحات وورود وأدعية.

***

لكأن الورق ومن ورائه ضمائر تحيا وعياً، أكبر كارثة حلت على جوقة الطارئين على الحس والضمير. كارثة تضعهم في حيزهم الطبيعي من دون زيادة أو نقصان. لكأن الورق قنبلة نووية بما سُطر ويُسطر فيه، بحيث يبرز وهن الطغيان وآلاته.

في المحاولة الأولى لاكتشاف الورق، نية لإعادة تأسيس حضور الوعي. توجه إلى العمل على رصد قوائم من المسكوت عنه والذي يراد له أن يكون مسكوتاً عنه.

***

الورق. إنه الكتاب، خريطة وعي منتهب، ودليل في متاهات شتى، وعنوان لتغييب أو مصادرة.

***

ثمة ورق في الصدور. الرسالات كانت في اللب من إقرار المناهج وبالحفظ. لم يتلق الرسل كتباً من ورق، تلقوها نصوصاً قرَّت في الصدور تماشياً مع وعي العرب، وخصوصاً في مقولتهم الشهيرة: «ما كُتب قرَّ وما حفظ فرَّ» فكانت الكتابة حرزاً لضمان عدم فرار ما حفظ. لكأن اكتشاف الورق، تأسيس لنظام آخر بات يرصد حركة وأنفاس العالم!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 2820 - الأربعاء 26 مايو 2010م الموافق 12 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:18 ص

      الدرايـــــــــة ... والاســـــــتجهال

      هل سمعتم .. بهذا ؟! من الناس من يدري ،ويدري أنه يدري؛فذاك عالم فاتبعوه .ومنهم من يدري ،ولا يدري أنه يدري،فذاك ضال فأرشدوه . ومنهم من لا يدري ويدري أنه لا يدري ،فذاك طالب فعلّموه . ومنهم من لا يدري ، ولا يدري أنه لا يدري ،فذاك جاهل فاحذروه . وفي الأخير – إيضاح - فإن ما بين المنهجية العملية ( تضييق وخنق الأفق المعرفي للفضاء الافتراضي) والنظرية ( الرؤية المستقبلية ) تنافــــــــــــر . كل الشكر للشاعر وللوسط ... نهوض

اقرأ ايضاً