يا أطفال غزة... يجب علي أن أقولها مدوية، علينا أن ننحني احتراماً وإجلالاً وإكباراً لتحملكم المعاناة واستنزاف براءتكم، فأنا مجرد حامل قلم يترجم معاناة صغار يتوجعون من وطأة الجوع والألم والمرض، أحبابي لقد خذلكم من لا يصرخ في وجه حاملي آلة الفتك والتدمير المصوبة نحوكم، ونحو كل إنسان يتحرك ويعيش في غزة المحاصرة البطلة وهم لا يعرفون أنهم يزرعون داخل كل طفل يعاني بطلاً سيقارع الظلم، والأمل كل الأمل معقود من أصحاب الضمائر المتوهجة بروح الإنسانية الشرفاء في العالم المحبين لروحكم الطاهرة الذين يفرحون لفرحكم ويحزنون لحزنكم ويبدأون في وقف النزف الهادر من أقبية وأوكار من يتسببون في حذف أجسادكم الطاهرة ويُقلِموا مخالبهم الشريرة، وأقول يوماً ها أنتم أيها الأطفال ستحملون الشعلة التي سينتشر وميضها والتي ستعبُرْ كل البيوت والأزقة والحواري والشوارع والمشافي وملاجئ الأيتام لكي تعم الابتسامة على محيا وجوه الأطفال أمل المستقبل. لذا هيا معاً جميعاً نمسح الدمعة ونغرس مكانها شمعة.
أنا لم اعرف الموت أبداً حتى رأيت قصف مخيّم اللاجئين
مُلأت الحفر بالكواحل المشوّهة والجذوع الملطخة
لكن لا أثر للوجوه، الانطباع الوحيد صرخة تتلاشى
لم أشعر بالألم قط
إلا عندما مَسَكتْ فتاة بعمر السابعة يدّي بإحكام
وحَدَّقت بعيونها البنيّة الناعمة نحوي، تنتظر الأجوبة
لكن لم يكن عندي أي منها
حُبست أنفاسي وجفّت أقلامي في جيبي الخلفي
التي لا تستطيع أن تملأ صفحات من الفهم أو القرار
في يدّها الأخرى حملت المفتاح إلى بيت جدتها
لكنّي لم أستطع أن أفتح الحجرة الصغيرة التي حبست إخوتها الأكبر سنّا فيها
قالوا، نحن نقتنص الأحلام حتى يشعر الجانب الآخر بحضور أبينا
العامل الماهر
الذي شيد بيوتا في مناطق حيث كان لا أحد يجرؤ أن يبني فيها
وعندما سقط، سقط في صمت
رصاصة عيار 50 مزّقت رقبته وقطّعت أحباله الصوتية
بالقرب من الجدار العازل
مطرقته لابدّ وأنها كانت سلاحه
كانت سلاحا
تجاوز تلال المستوطنة والخصائص السكانية
لذا تدرس بنته علم الرياضيات
سبعة انفجارات وثمانية قتلى
تعادل أربعة قرارات من الاجتماعات المتلاحقة
سبع طائرات من الأباتشي المروحية
وثمان قرى فلسطينيّة تُدمر وتُدك عن بكرة ابيها
تعادل الصمت والنكبة الثانية
نسبة مواليدنا ناقص مواليدهم
تعادل بحراً و400 قرية أُعيد تشييدها
حالة واحدة زائدا شخصين… وهي لا تستطيع التوقّف عن البكاء
لا تعرف الثورة أو المعادلة الصحيحة
الدموع في الورقة وبأطراف أصابعها
تبحث عن الأجوبة
إلا أن المعلمين من لديهم الجواب
تنظر إلى السماء وترى نجوم ديفد تدمِّر مدينتها بقذائف حمم النار بحقارة
تتذكر كلمات وذكريات العناق الأخير قبل أن يلتفت ويسقط
الآن تضخّ الماء الملوث من الآبار، بينما المستوطنات تقسّم وتستولى
ويجلس قاتل أبيها على واجهة البحر مع جنسيات أوروبية
تتذكر كلمات، بينما هم يتذكرون ماضي الأفكار
البذيئة والفوضى المتأصلة
هذه أرضنا!، قالت
هي بعمر السابعة
هذه أرضنا!، قالت
وهي ليست بحاجة إلى كتاب تاريخ أو معلّم مدرسة
لديها هذه الحيطان، هذه السماء، مخيّم اللاجئين
لا تعرف المعادلة الصحيحة
لكنّها ترى أقلامي الجافّة
ولم تعد تنتظر أجوبتي
فقط تحمل مفتاح جدتها… تبحث عن الحبر
شعر: ريمي كانازي
العدد 2820 - الأربعاء 26 مايو 2010م الموافق 12 جمادى الآخرة 1431هـ