من الأخبار السارّة في الصحيفة أمس، إعلان قناة المعامير ومحيطها محميةً طبيعيةً، وفتح تقاطعٍ عند مدخل قرية عذاري التاريخية.

إعلان منطقة قناة المعامير محميةً طبيعيةً يأتي ضمن المساعي المشجّعة لإعادة تنظيف خليج توبلي، وهو مطلبٌ طرحناه طوال خمسة أعوام، في أكثر من سبعين مقالاً، واصطدمنا بسببه بوزيري بلديات، وبعددٍ من مسئولي الهيئات البيئية الحكومية.

قبل ثلاثة أشهر، أعلن رئيس الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة عن الشروع في المرحلة الأولى من برنامج تنظيف الخليج، لإعادة تأهيل محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف. وقبل يومين، قام بتدشين المرحلة الثانية، لفتح قناة المعامير، لضمان تنظيفها واستمرار تغذية الخليج بمياه البحر. ويخشى بعض البيئيين من بروز مشكلةٍ أخرى في الجهة الشمالية، نظراً إلى ردم جزءٍ كبيرٍ من الأرض المحيطة بجسر سترة الجديد، والذي قد يضعف حركة المياه ويحدّ من قدرتها على تجديد المياه الآسنة أو إزالة ما تراكم من مواد صلبة على مدى خمسة وعشرين عاماً.

كلنا نقف مع مشروع إعادة تأهيل الخليج وتنظيفه، ويبدو أن هناك اهتماماً رسمياً كبيراً من أعلى المستويات بالمشروع. وكلنا أملٌ بأن تؤدي الاتفاقية مع الشركة البريطانية إلى رفع كفاءة محطة المياه، فمثل هذا الخليج الفريد تطل عليه أكثر من سبع قرى، ومناطق سكنية جديدة، ويستفيد منه مئات من صياديها وبعض صيادي جزيرة سترة. وهو جانبٌ مهمٌ مع ما نراه من تدهورٍ متسارع في الثروة السمكية، في أغلب مناطق البحرين، ما دفع الكثيرين للمغامرة بالصيد خارج مياهنا الإقليمية.

خليج توبلي كان «محمية طبيعية» رسمياً، ولكن بسبب ضعف تطبيق القانون وغياب الرقابة الشعبية، تحوّل إلى مستنقعٍ كبير. وفي الأعوام الأخيرة التقت توصيات لجان التحقيق البرلمانية، مع قرارات المجلس البلدي، والحملات الصحافية، على نشر قناعةٍ عامةٍ بضرورة إنقاذ الخليج، انتهت بتجاوبٍ مشكورٍ من الجهات المعنية. وهناك بعض التسريبات بوجود تطمينات بشأن تملك الدولة للأراضي التي ثار حولها الكثير من الشك فيما يخص رسم حدود الخليج.

المتوقع أن يفتتح الجسر الجديد قريباً، وإذا زاد تدفق المياه من الشمال، وتمت توسعة القناة جنوباً، فهي خطوةٌ كبيرةٌ بالاتجاه الصحيح، وإنجازٌ مقدّرٌ يحسب لإدارة الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة.

الخبر السار الآخر هو ما أعلنه عضو مجلس بلدي «الشمالية» أحمد العلوي، عن موافقة إدارة الطرق بوزارة الأشغال على إنشاء تقاطع عند مدخل قرية عذاري، وإشارة ضوئية لعبور المشاة. وهما مطلبان بسيطان طرحهما الأهالي والمجلس البلدي قبل سنوات، لكن بسبب الإهمال والبيروقراطية الزائدة لم يجدا أذناً صاغية. واحتاج الأمر إلى هزةٍ عنيفةٍ، بمقتل شابٍ، بصورةٍ مأساويةٍ، أثناء عبوره حتى تصل الفكرة.

بعد مقتل الشاب وتركه ثلاثة أطفال يتامى، كتبتُ مقالين حزينين، كرّرتُ فيهما مطالب الأهالي، الذين بدأوا يعتصمون لأول مرة في حياتهم من أجل إشارة ضوئية، واقترحت فتح تقاطعٍ عند مدخلها لتخفيف الضغط المروري على مداخل الخميس والسهلة. وردّت الوزارة بتبرير سبب تأخير الإشارة، مع الاعتذار عن فتح تقاطعٍ جديد، ما أشعرني بأن الوزارة في عالمٍ آخر، فأعدتُ توضيح المقترح في مقالٍ ثالث.

المفارقة... كانت عذاري تتمتع بمدخلٍ خاصٍ حتى نهاية السبعينيات، تم إغلاقه بسبب كثرة الحوادث لعدم وجود إشارة ضوئية تنظم المرور حينها، واحتاجت إلى مرور ثلاثين عاماً وتعرّض العشرات للحوادث المرورية، حتى يُعاد إليها مدخلٌ وإشارةٌ ضوئيةٌ وخطوطُ مشاة!