العدد 2817 - الأحد 23 مايو 2010م الموافق 09 جمادى الآخرة 1431هـ

من الدفان إلى قنص الصيادين

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إن ما يحدث الآن تحصيل حاصل، ونتيجة حتمية لسلسلة طويلة من الأخطاء المتراكمة، بدأت بتدمير السواحل والموائل الطبيعية والفشوت... وانتهت باعتقال الصيادين البحرينيين الذين يغامرون بركوب البحر من أجل الرزق وجلب الأسماك لموائدنا اليومية.

في الأعوام الأربعة الأخيرة، كان لي شرف إجراء عدة تحقيقات صحافية ميدانية عن «فشت الجارم» و «فشت العظم» وسواحل المحرق، ولاحقاً سترة والمنطقة الغربية. وكان الهدف مواجهة مخطط بيع الفشوت الذي كان يهدّد بضياع 260 كيلومتراً مربعاً من الشعاب المرجانية والمحاضن الطبيعية للأسماك. في تلك الزيارات، كثيراً ما كان البحّارة يتحدّثون عن اضطرارهم للإبحار خارج المياه الاقليمية، بعد شحّ الصيد، وبعضهم كان يصل حتى المياه الإيرانية والإماراتية.

في العام الماضي، حملتْ بعض مانشيتات «الوسط» إنذارات واضحة بقرب نفاد الثروة السمكية، بعد كل التدمير الذي حاق بالبيئة البحرية، نتيجة عمليات الردم والدفان والتساهل في سياسات حماية البيئة.

في الحلقة الحوارية التي نظمها «المنبر الديمقراطي» السبت الماضي، أكّد رئيس لجنة التحقيق البرلمانية في أعمال الدفان البحري ناصر الفضالة أن 90 في المئة من جزر البحرين انتهت موائلها بسبب الدفان. أما رئيس جمعية الصيادين وحيد الدوسري فقال إن حصيلة إدارة الثروة السمكية من المخزون السمكي طوال 35 عاماً تساوي صفراً. وأشار إلى أن الأسماك الموجودة حالياً في الأسواق جاءت بجهود من تعرّضوا لإطلاق رصاص أثناء الصيد في المياه القطرية، وهذه الأسماك ليست من البحرين.

البحرين التي يروي المحرقيون وأهالي الساحل الشمالي مثلاً، قصصاً عن وفرة الأسماك على سواحلهم قبل خمسين عاماً، يتناولونها بطرق صيد بدائية، كشفت إحدى الدراسات البيئية أن ما بقي من الأسماك لا يتجاوز أربعين نوعاً، بعدما كان يزيد على 500 نوع. فأنت أمام مشكلة انقراض أحياء بحرية بكاملها واختفائها من الوجود، وليس مجرد تناقص كميات الأسماك في السوق.

مثل هذا الرقم يُفترض أن تفزع له الحكومة وتستنفر، لما يمثله من تهديدٍ للأمن الغذائي، في بلدٍ تتناقض ثرواته، ويزداد عدد سكانه، وفوق ذلك متوّرطٌ بسياسة تجنيس عشوائي تهدّد بالقضاء على الأخضر واليابس في أي عملية تنميةٍ مستدامةٍ أو تخطيطٍ هيكلي للاقتصاد.

مقابل كل هذه الأرقام والحقائق المفجعة، أظهرت إحصاءات المركز الوطني للاستزراع البحري أنه أطلق نحو مليون سمكة خلال 17 سنة في البحرين، 85 في المئة منها من نوع واحد. وإذا قسمناها لنعرف المعدل السنوي تقريبياً، فسيكون الناتج 58823 سمكة كل عام، لن تكفي إلا لإنتاج سمكة واحدة لكل أسرة بحرينية في العام، وليس في الشهر أو الأسبوع أو اليوم.

وزارة البلديات والزراعة اعترفت ضمن ردودها على لجان التحقيق النيابية بأن مؤشرات السنوات الماضية تثبت وجود انخفاض مستمر في الإنتاج السمكي، لأسباب من بينها الصيد الجائر، وتدمير المصائد والتلوث. والاعتراف بالقصور والتقصير سيد الأدلة والبراهين.

في الكتاب النحوي الشهير «قطر الندى وبلّ الصدى» لابن هشامٍ رحمه الله، عبارةٌ يحفظها دارسو العلوم الدينية: «لا تأكل السمك وتشرب اللبن»! أما على البحريني اليوم أن يتذكّر كلما رأى سمكاً على مائدة، أن يتذكّر أنه لم يصل إليه إلا بعد معاناة أهوالٍ وركوب أخطارٍ... وإطلاق رصاص!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2817 - الأحد 23 مايو 2010م الموافق 09 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 1:21 م

      المرحوم الشهيد فريد جناحي

      اللة يرحمك يافريد جناحي انشااللة في جنان الخلذ كنت لنا صديق واخ الصراحة فراقق اضاق الصدور فعلا صورتك هل بريئة سوف تبقا في قلوبنا للابد وانشااللة سوف تنكشف لعبة هل ظلام اللذين تسببو في موتك ناس ماتخاف من اللة تذبح الميت وتمشي في جنازتة لاكن ماقول الا حسبنا اللة ونعم الوكيل فيكم وانشااللة عن قريب نسمع سبب الحادثة من نقابتنا الشريفة اللة اخليهم لو موب نقابتنا جان ضاع حق هل فقير ولم يحتسب لة حادث مضيع للوكت سلامي الى نقابتنا الشريفة

    • زائر 9 | 12:31 م

      اي امن غذائي؟؟؟؟؟

      (يُفترض أن تفزع له الحكومة وتستنفر، لما يمثله من تهديدٍ للأمن الغذائي) ليش المتنفذين يهمهم الامن الغذائي اذاهم ياكلون احسن اكل ويتمتعون بفلوس الشعب اذا لا حياة لمن تنادي

    • زائر 8 | 7:28 ص

      كفر

      يا استاذ اكيد التجنيس مشكله لاكن لا تقنط من رحمه الله لو الرزق علي الانسان كان رحنه ملح ملحوظه لاتنسى المهربين للاسماك والروبيان يشتركون فى ضعف المعروض في السوق لازم تهاجمهم هؤلاءمثل من يهرب العمله الصعبه

    • زائر 7 | 3:20 ص

      التجنيس مشكله.

      اكل المجنسون للأسماك ساهم في القضاء على الثروه السمكيه وعلى كل مصادر الدوله ومشكلوا ضغطا على الخدمات التعليميه والصحيه والأسكانيه والمرافق العامه كالمنتزهات والشوارع. ولأهم من ذلك انهم وأبناءهم يشغلون وظائف احق بها أهل البلد, فهم سبب رئيسي لوجود البطاله في البحرين. الله يستر من الياي وأعتداءاتهم على المواطنين

    • زائر 6 | 2:59 ص

      فرعون وهمان

      الكل يعرف من هو فرعون ولكن الكثير لايعرف من هو همان فهدا الشخص هو مستشار فرعون -في يوم من الايام قال الى فرعون سوف نبيع الهواء على الناس فستغرب فرعون وقال كيف فقال همان سوف نصدر قرار من البلدية كل من يريد ان يفتح نافدة في بيتة بهدا المبلغ ومن يريد ان يفتح نافدتين بهدا المبلغ -بعد دلك اصبح الهواء يبيع الى الناس-ونحن في البحرين ندفع ضريبة ومبلغ مقابل النطر الى البحر-

    • زائر 5 | 2:47 ص

      الدفان

      الدفان نتيجة حتمية للتطور مهما إعترضنا عليه ولكن الخطأ يكمن في الطرق البدائية والعشوائية للدفان دون الإعتماد على الدراسات والأسس العلمية..بس سيد أموت وأعرف شلون حسب المعدل السنوي سيد هذي الأسماك المفروض عدد منها سيموت أو يفنى ومنها من سيتكاثر وكم سيكون ناتج التكاثر حسبة تطول وتطول مب سهلة.. عموماً الصيادين الله يكون بعونهم بس عليهم الحذر من دخول المياه الإقليمية للدول الاخرى بس هم أكثر الناس إعتماداً على العمالة الأسيوية.

    • زائر 4 | 2:35 ص

      ABU ZINAB

      YOU TALK RIGHT NO FISH SAME BEFORE BECAUSE THE BOSS HE BUT HIS HAND ON IT.

    • زائر 3 | 1:43 ص

      الى متى

      يشقى بنوها والنعيم لغيرهم فكأنها والحال عين عذارى تسقي البعيد والقريب عطشانا فسياسة التجنيس لن تقضي على البحر والثروة السمكية فحسب بل ستقضي على الحرث والنسل والهوية وتنذر بكوارث بشرية لا قبل لأحد بها

    • زائر 2 | 12:45 ص

      البحرين للخلف دور

      بعد ثمان سنواب برلمانيون وشورى وخرابيط نرى البحرين للخلف دور في كل الميادين من غير حصر..

    • زائر 1 | 10:53 م

      تدمير على كل الاصعده

      يامواطنين ياغيورين على و طنكم ترى الوطن في ضياع و الي مضيع وطن وين الوطن يلقاه

اقرأ ايضاً