على رغم حالة الارتياح التي سادت نادي ريال مدريد الإسباني لكرة القدم بعد فشل منافسه التقليدي العنيد برشلونة في بلوغ المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، لن يخلو النهائي الأوروبي تماما من الإزعاج للنادي الملكي الإسباني.

واحتفل مئات من مشجعي ريال مدريد في 28 أبريل/نيسان الماضي بخروج برشلونة من الدور قبل النهائي للبطولة لأن وصول الفريق للنهائي كان سيمثل صدمة بالغة لمشجعي النادي الملكي نظرا لإقامة المباراة على استاد «سانتياغو برنابيو» معقل فريق ريال مدريد وكان من الصعب على جماهير النادي الملكي أن تشاهد منافسها العنيد يحافظ على لقبه بملعبها.

وقبل 10 شهور، عاد فلورنتينيو بيريز إلى رئاسة نادي ريال مدريد بعد غياب عن هذا المنصب لمدة 3 سنوات. وأنفق بيريز 260 مليون يورو (330 مليون دولار) للتعاقد مع 8 لاعبين قبل بداية الموسم، محطما بذلك الرقم القياسي في إجمالي قيمة التعاقدات التي يبرمها أي ناد في فترة واحدة لانتقالات اللاعبين.

وكان من بين اللاعبين الثمانية النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي أصبح أغلى لاعب في التاريخ والبرازيلي كاكا والفرنسي كريم بنزيمة. وسعى بيريز من خلال ذلك إلى إنهاء سيطرة برشلونة محليا وأوروبيا ولكنه أثار الدهشة وتعرض لانتقادات عنيفة بعدما أنفق كل ذلك على رغم الأزمة الاقتصادية العالمية.

ومن أجل توفير بعض المال لعقد هذه الصفقات وتقليص عدد لاعبي الفريق إلى 23 لاعبا فقط، اضطر بيريز لبيع العديد من نجومه السابقين. وبالفعل رحل 9 لاعبين عن صفوف الفريق وكان من بينهم النجمان الهولنديان ويسلي شنايدر وآريين روبن.

وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها صحيفتا «آس» و»ماركا» الاسبانيتان الرياضيتان على موقعيهما بالإنترنت أن مشجعي الفريق يرغبون في استمرار شنايدر وروبن مع الفريق. وتعاقد ريال مدريد مع اللاعبين في يوليو/تموز 2007 بمقابل مادي كبير كما أراد المدير الفني الحالي لريال مدريد المدرب الشيلي مانويل بيليغريني الإبقاء عليهما في صفوف الفريق، ولكن بيريز أصر على بيعهما إلى إنتر ميلان الإيطالي وبايرن ميونيخ الألماني على الترتيب.

وسيطر الغضب على شنايدر وروبن بسبب رحيلهما عن صفوف الفريق وأصرا على أن يثبتا خطأ وجهة نظر بيريز والمدير العام لنادي ريال مدريد خورخي فالدانو.

ونجح اللاعبان في ذلك على مدار الشهور العشرة الماضية، إذ وصل كل منهما مع فريقه إلى المباراة النهائية لدوري الأبطال الأوروبي بينما أخفق الفريق، مرتفع الثمن الذي شكله بيريز وفالدانو وخرج من دور الستة عشر للبطولة أمام ليون الفرنسي.

وأصبح شنايدر (25 عاما) وروبن (26 عاما) أهم لاعبين هولنديين في الوقت الحالي وينتظر أن يلعبا دورا مهما ورئيسيا في صفوف المنتخب الهولندي خلال نهائيات كأس العالم 2010 التي تستضيفها جنوب افريقيا من 11 يونيو/حزيران إلى 11 يوليو المقبلين.

وانضم شنايدر إلى ريال مدريد قادما من أياكس الهولندي العام 2007 مقابل نحو 27 مليون يورو وقدم بداية متميزة في ريال مدريد ولكنه فقد مكانه في تشكيل الفريق بعد ذلك عام 2009 بسبب الإصابات والمستوى الهزيل الذي ظهر عليه في بعض المباريات.

وسرعان ما أصبح شنايدر أبرز لاعبي خط الوسط في فريق إنتر بفضل اجتهاده وجديته في التدريبات والمباريات وتمريراته الدقيقة وإمكاناته الرائعة في التسديد على المرمى. وسجل شنايدر أحد أهداف فريقه في المباراة التي تغلب فيها على برشلونة 3/1 في ميلانو وذلك في مباراة الذهاب بينهما بالدور قبل النهائي للبطولة.

وقال المدير الفني لإنتر المدرب البرتغالي جوزيه مورينهو الأسبوع الماضي إنه كان من الجيد بالنسبة لفريقه أن يضم شنايدر من ريال مدريد. وقال :»كان في غاية الأهمية بالنسبة لنا على مدار الموسم». وأصبح شنايدر حاليا على أعتاب قيادة إنتر لاستكمال ثلاثيته التاريخية غير المسبوقة، إذ قاده للفوز بلقبي دوري وكأس إيطاليا ويقترب من الفوز معه بلقب دوري الأبطال الأوروبي.

وبعد الإطاحة ببرشلونة، قال شنايدر: «سيكون ممتعا أن أعود إلى مدريد بعد هذه الطريقة التي اضطررت بها للرحيل عن صفوف الفريق». كما شعر روبن بنفس الغضب لرحيله عن ريال رغما عنه. وقال روبن بعدما قاد بايرن للفوز على ليون الفرنسي في الدور قبل النهائي لدوري الأبطال هذا الموسم : «ليس جيدا أن يبلغوك بأنك غير مرغوب فيه... ليس بداخلي أي شيء ضد ريال، إنه ناد كبير... ولكن لم يكن مفرحا أن يبيعني بهذه الطريقة».

ودفع ريال مدريد 36 مليون يورو إلى تشلسي الإنجليزي لضم روبن العام 2007 ولكنه قدم مع النادي الملكي قليلا من مهاراته الرائعة في المراوغة بالكرة والتسديد القوي وكان السبب الرئيسي في ذلك كثرة إصاباته في الكاحل.

ولكن روبن أعاد تشكيل مسيرته الرياضية في بايرن تحت قيادة مواطنه لويس فان جال المدير الفني للفريق. وقدم روبن قصة نجاح حقيقية مع فريق بايرن في دوري الأبطال هذا الموسم، إذ سجل عدة أهداف مؤثرة وحاسمة في شباك ليون ومانشستر يونايتد الإنجليزي وفيورنتينا ويوفنتوس الإيطاليين.

وسيلعب روبن دورا مهما مع بايرن في المباراة النهائية خصوصا في ظل غياب زميله الفرنسي فرانك ريبيري للإيقاف بعد طرده في المباراة أمام ليون في الدور قبل النهائي للبطولة.