فجأة انقضت الأعاصير على سواحل دول جنوب شرق آسيا مخلفة دماراً هائلاً في لمح البصر وموقعة خسائر فادحة في قطاع السياحة في دول اعتمدت على طبيعتها الفارهة ومرافق الاستجمام الصيفية كمصدر يدر أموالاً بالملايين على حكوماتها.
في يوم الأحد الماضي وفي وقت الصباح الباكر وقعت هزة أرضية في عمق جزيرة سومطرة الإندونيسية بقوة 8,9 على قياس ريختر وهي الأعنف منذ قرابة أربعة عقود بعد زلزال تشيلي في العام 1960، ونتيجة للزلزال الذي وقع في قاع المحيط الهندي نجمت أمواج مد عالية بارتفاع عشرة أمتار تعرف بمسمى «تسونامي» وامتدت آثاره إلى آلاف الكيلومترات من مركز الهزة لتضرب سواحل ثماني دول في دول جنوب آسيا أبرزها الهند وسريلانكا اللتين سقط فيهما آلاف القتلى والمصابين إصابة إلى عدد المفقودين ثم تايلند وماليزيا وجزر المالديف وميانمار (بورما سابقا) حتى وصلت الرجة الأرضية إلى شرق القارة الإفريقية نحو القرن الإفريقي الذي يشمل جيبوتي والصومال ويوقع فيها مئة قتيل من الصيادين وكينيا وساحل عمان.
تسود في معظم الدول الآسيوية التي ضربها الزلزال سابقاً خلافات حدودية وطائفية عرقية بين الحكومات والجماعات الانفصالية ففي بانكوك مثلا قبل وقوع «تسونامي» وقعت أعمال عنف خلفت حرباً طائفية بين المسلمين والبوذيين خصوصاً في إقليم الجنوب. أما سريلانكا فدعت الرئيسة تشاندريكا كومارتونجا شعبها لطرح الخلافات العرقية جانباً والتعاون في إعادة الإعمار لاحتواء الكارثة في إشارة إلى الصراعات مع حركة نمور التاميل الانفصالية، وكذلك الأمر في اقليم أتشيه - وهو منبع الكارثة - إذ أعلنت السلطات الاندونيسية والجيش وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار في الإقليم لمساعدة منكوبي الزلزال.
جميع الصور السابقة دليل على أن الطبيعة لا تعرف سبيلاً للمماطلات الدبلوماسية الذي فجرت غضبها كارثة أودت بملايين البشر في لمح من الثانية، فيا ليت الشعوب تدرك ولو حين من الزمن أن السلام سبيل لكسر الجفاء والعداء وطرح الخلافات جانبا، فلا مفر من غضب الطبيعة سوى كسر جفاء الخصومة
إقرأ أيضا لـ "أنور الحايكي"العدد 846 - الأربعاء 29 ديسمبر 2004م الموافق 17 ذي القعدة 1425هـ