تشير كل الدلائل والمؤشرات إلى أن البلدان العربية ستواجه على المديين القريب والمتوسط مشكلات خانقة على جبهات الاقتصاد والتنمية والاستثمار والمجتمع. وهذه حقيقة أضحت ناصعة الآن أكثر من أي وقت مضى وإن كان البعض يحاول إخفاءها تحت أستار الوهم الكثيفة.

وفي وضع كهذا ليس أمام البلدان العربية من سبيل سوى البحث في الآليات الممكنة لإنجاز وحدة اقتصادية عربية تنهض على تكامل الموارد والإنتاج والتسويق، مستفيدة من إمكانات البلدان العربية الاقتصادية والبشرية الهائلة التي أهدرتها السياسات القُطرية والنظرة الضيّقة.

ونظرة عابرة على حال الاستثمارات الأولية في المنطقة العربية تكشف ما يخبئه المستقبل الغامض للاقتصاد والمجتمع في الوطن العربي، إذ تشير الإحصاءات إلى أن الاستثمارات الأولية في المنطقة العربية لا تزيد على 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الذي يبلغ نحو 140 مليار دولار تحقق معدل نمو قدره ثلاثة في المئة.

ويقول الخبراء إنه من أجل مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي العربي وامتصاص البطالة التي باتت هاجساً يتراكم طردياً إضافة إلى من يفدون إلى سوق العمل مستقبلاً؛ يستلزم رفع الاستثمارات الأولية العربية إلى نحو 216 مليار دولار سنوياً، بزيادة قدرها 70 مليار دولار في العام. كما يدعو الخبراء إلى ضرورة تبني الدول العربية لبرنامج إصلاح اقتصادي شامل مع العمل على زيادة معدل النمو ليصل إلى 7 في المئة حتى يمكن أن يتعافى الاقتصاد العربي من خلال ضخ مبلغ مستدام على مدار عشر سنوات بمعدل يتراوح ما بين 600 إلى 700 مليار دولار، وإعداد برنامج ينهض على الشراكة بين الكثير من الأطراف في الحكومات العربية والقطاع الخاص العربي والدولي والمجتمع المدني والدول المتقدمة ومجموعة الثماني الصناعية.

وتبقى مسألة التكامل الاقتصادي العربي حتى الآن هي البلسم الوحيد المتاح لشفاء المجتمع والاقتصاد في عصر غلبت عليه التجمعات والتكتلات الاقتصادية في مختلف بقاع الأرض، وليس أمام العرب من سبيل لإنقاذ مستقبلهم ومستقبل أجيالهم المقبلة سوى التواضع على صيغة مرنة للتكامل الاقتصادي، بعيداً عن الشعارات والمشاجب التي يعلقون عليها إخفاقاتهم كلما حدث حادث