العدد 845 - الثلثاء 28 ديسمبر 2004م الموافق 16 ذي القعدة 1425هـ

«المجهول»... المعامير في صور سينمائية

أصبحت ثقافة الصورة جزءا من الحياة العامة يعيشها الناس كل يوم ويتقبلونها بقبول حسن بعد أن كانت زواياها كالسينما والتلفزيون منبوذة من المجتمع وليس أدل على ذلك من ذلك الحضور الكبير الذي غصّت به صالة نادي المعامير الثقافي والرياضي حين توافد الناس لمشاهدة التجربة الغنية التي قام بها مجموعة من الشباب المتطوعين لإنتاج فيلم بحريني معاميري هو فيلم «المجهول».

قصة الفيلم

«المجهول» قصة كتبها جاسم المختار وأخرجها وقام بالدور الأول فيها جميل أحمد بمشاركة نخبة من الوجوه الجديدة مع مشاركة خاصة من الفنانين المعروفين سعد البوعينين، محمد الحجيري وأمير دسمال. وتدور القصة حول «نادر» الشاب اليافع ذي الشخصية المحبوبة من الجميع، وهو الشاب المثقف المتعلّم الذي يحترمه الجميع والذي يتميز بقدرته على التواصل مع جميع الناس بمن فيهم المنبوذون من أبناء القرية الذين يتخذون من احساسهم المفرط بكره الناس واحتقارهم لهم ذريعة للحياة بعيداً عنهم والذين يعتقد عنهم الجميع أنهم لا يشعرون بأي إنتماء لمجتمع القرية الأمر الذي يدفعهم للسرقة ولتهديد البيوت الآمنة، لكن نادر لم يكن يتفق مع الجميع في فكرتهم تلك وكان يرى ضرورة إعادة اعتبار هؤلاء الأشخاص بطريقة أو بأخرى لهم.

يتقرب نادر الى هذه المجموعة ويحاول الالتصاق بهم، وتتوالى الكثير من الحوادث التي تصل إلى ذروتها حين يكتشف نادر إحدى سرقات العصابة ويجد الدليل الذي يدينهم، وهو الدليل ذاته الذي يودي به إلى السجن مع باقي أفراد العصابة. يعيش نادر منبوذاً كباقي العصابة بعد اطلاق سراحه من السجن لتنشأ بينه وبين شخص يدعى «الساحر» وتدور حوله الكثير من الأساطير علاقة صداقة قوية تنتهي بموت نادر واعلان براءته.

الأرض... أبرز عناصر الفيلم

أحد أبرز العناصر الإيجابية في الفيلم هو ارتكاز قصة الفيلم على الأرض بشكل أساسي الأمر الذي جعل جميع شخوص القصة يتحركون في محيط واحد إذ صورت جميع المشاهد داخل منازل ومجالس وطرقات وبحر و(غابة) «المعامير» وبهذا يكون الكاتب والمخرج قد حققا عنصر النجاح الأول في الفيلم.

علاقة شفّافة

ومن الحسنات أيضاً تصوير تلك العلاقة الشفافة بين أفراد القرية الواحدة والتي حاول الكاتب والمخرج التأكيد عليها وإبرازها بقوة في ثنايا الفيلم ومن خلال تفاصيل قصته التي تمحورت عن هموم الإنسان البحريني عموماً و(المعاميري) خصوصاً والتي تقدم لنا نماذج إنسانية تدعو للرأفة والتعاطف فهناك الشاب الذي لا يملك الا قوت يومه وهناك من يصبح الزواج بالنسبة إليه حلم بعيد التحقيق وهناك الشاب المغلوب على أمره وهناك الأب المتسلط الذي يدفع ثمن تسلطه بموت ابنه وهناك البنت الصغيرة التي يحكم عليها بالبقاء حبيسة دارها إضافة إلى نماذج أخرى كانت لها أهميتها في اقناع المشاهد بمعاناة المجتمع البحريني.

وجوه شبابية مبدعة

أحد أجمل الأمور في الفيلم هو الوجوه الجديدة ذات الأداء المقنع والتي استطاعت اثبات حضورها في جميع مشاهد الفيلم، والتي أدت مختلف الشخصيات وقدمت عدداً من الشخصيات والصور كصورة الأب «هتلر» التي كانت غنية بالايحاءات وصورة ابنه الشاب وهو على دراجته مع صديقه. كذلك أود الإشادة بالأداء التلقائي للفنان سعد البوعينين والفنان أمير دسمال، واللذين قدما أدوارهما بأداء مقنع للغاية وذلك عائد في رأيي لكونهما جزءا من المجتمع يعيشان مشكلاته ويتحسسان المعاناة التي يرزح تحتها الناس. وهذا ما جعل من «المجهول» قطعة فنية من الحياة نفسها استطاعت أن تفتح كوّة للدخول الى المشاهدين والتوقيع على أفكارهم ومشاغلهم.

حكاية معادة

على رغم كل الايجابيات بدا وكأن الفيلم يعاني من بعض السلبيات كحكاية الفيلم التي بدت معادة وهي إحدى تلك الحكايات التي ما برحت تداعب أسماعنا، ولعلها كانت ستكون أكثر دراماتيكية وإثارة لو تم الانحراف بنهايتها عن تلك النهايات التقليدية لمثل هذه الحكايات كأن لا يصحو ضمير الأب في النهاية مثلاً.

اتكاء غير موفق على الأسطورة

ومن سلبيات الفيلم أيضاً الاتكاء غير الموفق على الرمز والأسطورة في مشاهد وشخصيات أقحمت فيه كشخصية الساحر التي بدت شخصية غريبة عن سياق القصة، لم يتمكن المخرج من الارتفاع بها الى مستوى الشخصية الهلامية البعيدة عن الوجود ولا استطاع الممثل محمد الحجيري تقريبها من الناس اذ كان أداؤه أقرب الى خشبة المسرح منه الى التمثيل السينمائي. وتلك مفردة فنية يقع فيها حتى أكثر الممثلين تمرسا فكيف بفنان مسرحي على أرض تخطو خطواتها الأولى نحو السينما.

عموماً فإن فيلم المجهول تجربة (سينمائية) مميزة تستحق الإشادة بها إذ على رغم محدودية الإمكانات والموازنة المتواضعة استطاع هؤلاء الشباب صنع شيء جديد ومتميز.


«المجهول»

إنتاج فرقة المعامير الفنية، قصة جاسم المختار، إخراج جميل أحمد، موسيقى محمد جواد.

تمثيل: جميل أحمد، جاسم المختار، سعد البوعينين، أمير دسمال، عبدالنبي يعقوب، جاسم العصفور، عبدالأمير مسلم، عبدالحسين عباس، حسن أحمد مكي، علي يحيى، حسن يعقوب، حسن دسمال، حسين صليل، محمد عبدالله، حبيب دسمال، ميرزا أحمد، رياض عبدالجليل، حسن أكبر، زهير الشيخ، عبدالشهيد رضي ورياض بلواي

العدد 845 - الثلثاء 28 ديسمبر 2004م الموافق 16 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً