العدد 845 - الثلثاء 28 ديسمبر 2004م الموافق 16 ذي القعدة 1425هـ

احترام الوقت والمواعيد... ثقافة يجب أن ندركها

لماذا نقول إن الأوروبيين دائماً يحترمون الوقت والمواعيد ونحن لا نعير الوقت أي اهتمام؟ هل هذا الاعتقاد صحيح؟ نعم، ربما يلتزم الأوروبيون بالوقت ويعرفون أهميته كمؤسسات وكأفراد رسميين وليس بالضرورة وكما يعتقد الكثيرون منا من أن جميع الغربيين يحترمون الوقت ويلتزمون بالمواعيد حتى على المستويات الاجتماعية والشخصية، وخصوصاً إذا عرفنا أن قيمة الوقت تقديرها يختلف من مجتمع إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى.

فالغربيون لم يلتزموا بالوقت ولم يحترموا المواعيد إلا لأن المؤسسات تقدر الوقت وتؤكد عليه، فلو طبقنا ثقافة احترام الوقت في مؤسساتنا الحكومية والدينية والمجتمعية لما ابتعدنا كثيراً عن معرفة أهمية الوقت ومن ثم احترامه.

فنلاحظ في الغرب الالتزام بوقت مواعيد المؤسسات المختلفة، وأوضح مثال ربما يراه السائح العربي في الغرب هو التزام رحلات الطيران بمواعيدها، والتزام القطارات والباصات بمواعيد تحسب بالدقيقة، فإذا كان الباص الفلاني يصل إلى المحطة الفلانية في التاسعة مثلاً، فلابد ممن يريد أن يستقل ذلك الباص أن يكون في المحطة عندها وإلا فاته الباص. ومن الملاحظ أن الغربي في بلادنا ليس بالضرورة يهتم بالتزام المواعيد وباحترام الوقت والسبب أنه إما يكون قد تأثر سلباً أو أن ثقافة الوقت تغيرت لديه! لذلك نرى الالتزام بالوقت والمواعيد ثقافة تعود الناس عليها في الغرب لأنها أمر جميل ويحترمه العقل بالإضافة إلى أنه أول ما يخدم فإنه يخدم فاعله.

فلو كانت هذه الثقافة، وأقول ثقافة وليس قانوناً، لأنه من المهم أن نميز بين الثقافة والقانون الذي نرى كسره بسهولة وعدم الالتزام به على رغم أن ثقافتنا الإسلامية تدعو إلى احترام الأوقات والالتزام بها، فالصلاة والحج والصوم والزكاة كلها في أوقات محددة في إشارة إلى أهمية الوقت. قال تعالى: «والعصر إن الإنسان لفي خسر» (العصر: 2) و«وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأسود من الخيط الأبيض من الفجر» (البقرة: 187)... لذلك هذه الثقافة وهذا المعنى ليس بعيداً عن عقول الفقهاء والعلماء الكبار وكذلك الحكام والمسئولين الكبار، فهم أكثر الناس التزاماً واحتراماً للوقت والمواعيد. فلابد أن نعود بشكل رسمي وثقافي إلى الاهتمام بالوقت، والتطور التقني الهائل وأخذ بلداننا به شيئاً فشيئاً سيضطرنا إلى احترام الوقت شئنا أم أبينا ولكن الفرق كبير بين وعيي ومعرفتي بما أفعل وبين أن أجبر على فعل أمر لم يستوعبه ضميري وعقلي، فالوقت مهم ولكن الوقوف على معناه أهم.

إبراهيم حسن

العدد 845 - الثلثاء 28 ديسمبر 2004م الموافق 16 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً