يا ترى من سيحمل القنديل الأخضر للسياحة العائلية في البحرين، ومن سيزرع القانون على تربة سياحية متحركة الرمال لا ثبات لها؟ وهل بإمكان رؤوس الأموال والمستثمرين ان يستقروا في قطاع مهم كالسياحة من دون ان يتلمسوا القانون، وهل سيشتد عوده؟ هل ستخرج السياحة من واقعها الزئبقي إلى عالم الثبات؟ هل ستطبق المعايير على كل الفنادق والمطاعم والشقق السياحية بالريشة الناعمة ذاتها أم ان أناساً ستلاحقهم العصا وآخرون سيفوزون بالجزرة؟

شكاوى قطاع السياحة وخصوصا القطاع الفندقي كثيرة. بعضهم يقول: فليطبق القانون ولنبحر إلى حيث شواطئ السياحة العائلية، ولكن شريطة ان يبحر الجميع وان تطبق القوانين على الجميع... بعضهم يقول: من الخطأ أن نغمس فنادق في الخل واحياناً في الماء الآسن وفنادق أخرى على رغم التجاوزات مازالت تنعم بالسباحة في عسل القانون... الجميع راح يصرخ دعونا نقيّم الواقع بأسلوب علمي... وكان الخيار أن يتم التعاقد بين وزارة الاعلام وشركة عالمية لتقييم مدى جودة ومطابقة خدمات واوصاف فنادق البحرين للمعايير العالمية... بعض أهل الفنادق طار فرحاً وراح ليل نهار يعمل من اجل تطوير فندقه من ديكور وخدمات ومواصفات... البعض قال: يا عمي خلوها على الله أنا أراهنكم أن الشركة ستأتي وسيتم التعاقد معها وستعطى أموال «كرمان» تعبها وبعد ذلك لن نرى التقرير ولن نرى التقييم ولن يؤخذ بالتوصيات، وسيكون حالنا سواسية فمن عدّل داره وصرف الملايين سيكون حاله كحال من لم ينفق ديناراً واحداً لتطوير «فندقه».

القصة بدأت هنا... وفعلا جاءت الشركة وكان المستثمرون في وجل وعلى عجل لمعرفة النتائج بعد تواصل الشركة المقيمة. وبرزت النتائج... وهنا صعدت فنادق في سلم الرتب والنجوم وهبطت أخرى! أحد الفنادق كان يعد من مرتبة الخمس نجوم، هبط درجة إلى 4 نجوم فكان الخبر كالصاعقة وراح الجميع يسأل عن النتائج. وبدأ الجدل يتسع ووزارة الاعلام لم تعلن الاسماء وهناك سر خفي في خشية الوزارة البوح بالنتائج إلا ان صغار القوم من المستثمرين وخصوصا ممن حصلوا على نتائج جيدة راحوا يطالبون الوزارة بامتلاك الشجاعة العلمية والادبية بالبوح بالنتائج وخصوصا ان الشركة المقيمة دفع لها مبلغ كبير، إذ جاء في تفاصيل العقد المبرم بين الوزارة والشركة الآتي:

موضوع العقد: اتفاق لتطوير وتحديث نظام عالمي لتصنيف الفنادق في مملكة البحرين. قيمة العقد: 47000 دينار بحريني (125000 دولار أميركي). بداية تنفيذ العقد: 16 فبراير/ شباط 2003. نهاية تنفيذ العقد: ستة إلى ثمانية شهور من تاريخ البداية.

وقد مرت شهور على خروج التقرير والنتائج وإلى الآن لم تعلن الاسماء ولم تتخذ الاجراءات اللازمة بما جاء في تقرير الشركة. السؤال: أليس من حق المستثمرين في هذا القطاع معرفة النتائج؟ بعض فنادق الثلاث نجوم تحولت إلى نجمتين والعكس صحيح، وهناك من الفنادق من صُفرت وهناك من كانت تمتلك ثلاث نجوم وتحولت إلى 4 نجوم. لابد ان نعي ان النجمة الواحدة تمثل اهمية كبرى لأي مستثمر فهو قد يصرف الملايين لتطوير مبناه للحصول على هذه النجمة، ذلك سيفتح بلاشك له آفاقاً للحصول على الربح.

ان قطاع السياحة قطاع مهم يجب الانتباه إليه ولابد من تطويره وحفظ ايقاعه الاقتصادي والاخلاقي، فالابتعاد عن الزئبقية في القرارات وانهاء حال البيروقراطية مع الالتزام بتطبيق القانون مسألة مهمة تصب في صالح المستثمر والمواطن والدولة. ولاشك ان الشفافية في ذلك ستزيل اي احتقان سواء من قبل مستثمري القطاع أو من قبل الناس أو من قبل الوزارة. تذليل هذه العقبات سيفتح لنا سياحة نظيفة بعيدة عن تلك الفوضى الاخلاقية التي بدأت تهدد قيمنا وسمعتنا البحرينية الجميلة. تطبيق القانون بلا محسوبية سيشجع الجميع على العمل بأسلوب وطني. وهنا لابد من طرح بعض المعلومات الرسمية لمعرفة مدى اهمية هذا الموضوع، فالوضع الفندقي كبير. يوجد في البحرين حتى العام 2003 نحو 88 فندقاً (8 ذات النجمة الواحدة و37 من ذوات النجمتين و22 فندقا من اصحاب الثلاث نجوم و14 فندقا من الاربع نجوم و7 من الخمس نجوم). أما عدد الشقق السياحية المرخصة فهو 28 مبنى وعدد الشقق 892 أما عدد الفنادق غير المصنفة فهو 6 فنادق وهناك منتجعات. أما عدد المطاعم السياحية فهو 86 مطعماً.

ألا تعتقدون ان هذا الكم الهائل في هذه البقعة الجغرافية الصغيرة يحتاج إلى عمل دؤوب متواصل للمراقبة مع التشجيع على تطبيق القانون؟ وأي خلل في ذلك - سواء كان خللا في معيار قانوني أو اخلاقي او وطني - سيخلق ازمة كبرى؟ السؤال: متى ستطبق الوزارة ما جاءت به شركة التقييم من نتائج؟