يصل بلادنا وزير الخارجية الهندي نتوار سينغ خلال اليومين المقبلين في ختام جولته التي بدأت بعمان السبت الماضي، مرورا بالإمارات ومن ثم البحرين... وبالامس تعرضت الى احد الجوانب المرعبة لموضوع العمالة الاجنبية في الخليج، والتي ستتحول (شئنا أم أبينا) الى قوة «اجتماعية - سياسية» خلال السنوات المقبلة بعد ان غدت واحدة من اهم القوى الاقتصادية في جميع دول مجلس التعاون.
على ان وزير الدولة للشئون الخارجية محمد عبدالغفار اشار في تصريح لـ «الوسط» نشر أمس الى أهمية تعميق العلاقات بين الهند والبحرين خصوصا فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي الذي تشهده الهند في قطاع تقنية المعلومات. وفعلاً، فإنه بإمكاننا ان نتعلم من الهنود جوانب مشرقة ما زالت غائبة عنا.
في مطلع الشهر الجاري أعلنت الشركة العملاقة في صناعة البرمجيات الأميركية (مايكروسوفت) تدعيم وجودها في الهند، وذلك بافتتاح مركز أبحاث في ولاية بانغالور الهندية. وقالت مايكروسوفت إن المشروع سيفتتح الشهر المقبل وان عمل الباحثين سيتركز على وسائل جديدة لخلق وتخزين والبحث عن المعلومات في لغات متعددة، بالإضافة إلى ابتكار تكنولوجيا جديدة للاستخدام في أسواق ناشئة حديثا واختصاصات أخرى. وقررت مايكروسوفت التوسع في هذا المجال في الهند للاستفادة من الخبرات الهندية، وطلاب المعلوماتية من الهنود المتخرجين حديثا، بحسب ما نقلته فضائية الـ «سي. إن. إن» نقلا عن وكالة «الأسوشيتد برس». إعلان مايكروسوفت يأتي بعد أقل من أسبوعين من افتتاحها مكتبا في مدينة حيدر اباد الهندية، والتي تقع على بعد نحو 700 كيلومتر شمال بانغالور، وهو الأكبر للشركة خارج الاراضي الأميركية وسيوظف فعليا قرابة 3000 مبرمج.
الهند أصبحت الآن واحدة من أهم مراكز البرمجيات وتقنية المعلومات التي لا يمكن لهذه الصناعة الدولية الاستغناء عنها. واعتمدت الهند على تطوير مواردها البشرية ويتوقع ان تزداد قيمة صادراتها السنوية إلى جميع أنحاء العالم بعد ثلاث سنوات الى نحو خمسين مليار دولار (قارن ذلك بالناتج القومي للبحرين البالغ حاليا نحو 8 مليارات دولار).
الهنود لديهم مناهج تعليمية متطورة ورثوا كثيرا منها من بريطانيا عندما كانت تستعمرهم حتى منتصف القرن الماضي، والمنهج التعليمي يعتمد على اللغة الانجليزية والرياضيات، وهما أهم مرتكزات علم تقنية المعلومات. وفي التسعينات بادرت الكثير من الشركات العالمية للاستفادة من ارتفاع مستوى التعليم وخفض الاجور (آنذاك) الى افتتاح فروع في الهند او الى «تعهيد» العمل (كلمة تعهيد هي ترجمة للكلمة الانجليزية Outsourcing وتعني توكيل شركة محلية متخصصة للقيام بما تطلبه الشركات العالمية الكبرى).
شركة أميركية عملاقة مثل «أوراكل» ضاعفت عدد موظفيها في الهند من ثلاثة آلاف إلى ستة آلاف في العام الجاري. وهذه الشركة مع «مايكروسوفت» و«صن مايكروسيستمرز» ما هي الا عدد يسير ما استطاع الهنود الحصول عليه بفضل ارتفاع قدرة الموارد البشرية واعتماد ثقافة الجودة في الأداء، بحيث أصبحت الشركات الهندية مثل الشركات الأوروبية واليابانية والأميركية تفتخر بشهادات «الايزو» وتحرص على ادارة الاداء بحسب مفهوم «بطاقة الاداء المتوازن» ومفهوم «العمل كفريق واحد» ومفهوم «الكفاءة أولا» و الشفافية في التعامل ومكافحة الفساد الاداري (في القطاعات الناجحة)... الخ.
لو كنت مسئولا خليجيا لطلبت الالتقاء برؤساء الشركات العملاقة المذكورة اعلاه ولسألتهم: ماذا يمكننا ان نعمل لكي نجتذبكم الى بلداننا لتستفيدوا ويستفيد اقتصادنا تماما كما حصل في الهند؟... وبعد ذلك اقترح الاستراتيجية التنفيذية التي توصلنا الى ما وصل اليه الهنود
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 843 - الأحد 26 ديسمبر 2004م الموافق 14 ذي القعدة 1425هـ