العدد 841 - الجمعة 24 ديسمبر 2004م الموافق 12 ذي القعدة 1425هـ

الكبيسي يرفض الرضوخ... وحمود وشجاع يملآن المكان

في الملتقى الثقافي الأهلي

المصلى - محمد مسعد الصيادي 

24 ديسمبر 2004

ضمن فعاليات الملتقى الثقافي الأهلي لهذا العام أقيمت في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في مقر الملتقى أمسية شعرية للشعراء: لحدان بن صباح الكبيسي، حمد حمود، وشجاع شاجرة وحضرها جمع من متذوقي الشعر ورواد الملتقى. وقد قدمت الشعراء عريفة الأمسية مريم العريبي.

بدأ الأمسية الشاعر لحدان الكبيسي بقصيدة اسناد للشاعرة ظما الوجدان، تلاها بقصيدة مستوحاة من حوار أبوي حميم مع ابنته (عائشة) والتي كما قال «أسئلتها صعبة ومحيرة لاسيما وهي طفلة لا تعي الاجابات»، ثم قرأ وعلى التوالي قصائده: الصعاليك (فضل أهل اليمن) التي امتدح بها خلق أهل اليمن مستندا بقول الرسول الكريم (الايمان يمان والحكمة يمانية) وأهل اليمن (ألين قلوبا وأرق افئدة) قال فيها:

قبلْ هذا آمنوا إيمانْ به وكْتابهْ

قالْ فيهمْ (رقةٍ واللّينْ بالسّريه)

التواضعْ سلمهمْ والدينْ هم أطنابهْ

والجهادْ أنْ حلْ فيهمْ فزعهْ وغيريهْ

وإنْ تبيّنْ معتدي كلٍّ يكشّرْ نابهْ

واللهْ أكبرْ تعتلي بالرّاية القدسيه

اللّهْ أكبرْ اللّهْ أكبرْ لا نصرْ إلّا بهْ

كلْ رايه جاهليه عندهمْ منفيّه

بعد ذلك كانت قصيدته «رسالة الى حواء» التي ندد فيها بالهجمة الشرسة ضد الحجاب وما يراد لها من خلال تلك الدعاوى المضللة، بعد ذلك قرأ «طموح المكرفون» التي كان مطلعها.

أقولْ الشّعرْ يبغي لهْ وساطه

تشوفْ أسبابْ ذلّهْ وانحطاطهْ

الى قوله

تراني جيتْ أبيّنْ كلْ مخفي

كتبتْ الحرفْ منْ فوقه نقاطهْ

عجب ما صارْ من ربعي وناسي

تمجّدْ مَنْ تعوّجْ بهْ صراطهْ

صدقْ مَنْ قالْ ما بالناسْ كاملْ

مدامْ الكلْ مرهونْ بْنشاطهْ

طموحْ المكرفونْ اليومْ غالي

يباغ الشّعرْ مِنْ شانْ التقاطهْ

ومن خلال ابيات القصيدة عكس الكبيسي أهم واخطر اوجاع الساحة على الاطلاق موجزاً تلك الاوجاع بأم المصائب (الواسطة) تلك التي تحيل الماء المالح فراتا، وتحيل الماء العذب أجاجا لا لشيء سوى لامزجة واهواء اناس يجزمون انهم وحدهم اسياد الشعر حتى لو أدى بهم ذلك لاستباحة دم الشعراء وقتل الشعر.

الشاعر شجاع شاجرة بدأ اللقاء بقصيدة مدح في صاحب الجلالة الملك المفدّى وقد كانت بحق من أجمل ما قيل في هذا اللقاء، إذ أكد فيها شاجرة انه واحد من الشعراء الشباب في الساحة الشعبية والقادمين بقوة

أقولْ سْهيلْ حوّلْ منْ مكانكْ ملّتْ الأمثال

تعبنا يا رجا اللّه فيكْ كلٍ يضربْ أمثالهْ

ترى ما هو مكانكْ شفْ زمانكْ عنْ زمنّا حالْ

مكانكْ صارْ باسمْ الّلي تقودْ أقوالهْ أفعالهْ

وشيّدْ مملكه فوقْ الثريا والرجالْ أفعالْ

كذبْ منْ قالْ نالْ الّلي حمدْ في هـ الزمنْ نالهْ

وفي قصيدته «شرح الهوى» استمتع الحضور بترادف جميل يعكس خيالاً خصباً للشاعر وإلا من منا لا يطرب، ولا يعجب بمقدرته وتلاعبه في المفردة الشعرية كما ستقرأونه هنا

لا حولْ لا حولْ كيفْ تحول دونْ الحلولْ

افصحني القولْ وإلاّ قولْ مالكْ مجالْ

تعبتْ أدوّر لحضظي من جنابكْ قبولْ

وأفنيت عمري على موال روح وتعالْ

انته بمهلكْ وأنا يا بعدْ حالي عجولْ

لا أوفيتْ وعدكْ ولا شفتهْ صدقْ فيكْ فالْ

بعد ذلك امطر الحضور بأسئلة لا تحصى عن المواقف العربية الهزيلة تجاه ما جرى ويجري في فلسطين من قتل وتشريد يعكس عنصرية آل صهيون، ويؤكد انهم دعاة حرب لا دعاة سلم إذ اسمع الحضور قصيدته المعنونة بـ «ملف القضية» قضيتنا الكبرى والتي كان مطلعها

جيتْ ابا اسألْ وفي يدّي ملفْ القضيه

جيتْ ابصرخْ بصوتْ القدسْ واسمْ الخليلْ

جيتْ ابا اقرا عليكمْ ما وردْ ف الوصيه

جيتْ اسلّمْ لكمْ بيدي رسالة قتيلْ

الى قوله: عزّكمْ يا عربْ بالوثبه الوحدويه

وحدةْ الرأي والكلمه لحملْ الثقيلْ

بعد ذلك بدأ الشاعر حمد حمود اللقاء بقصيدة مدح في الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود وذلك بمناسبة شفائه من مرضه داعيا له بالصحة، تلا ذلك بغزلية جميلة مطلعها:

أعشقْ الما وأجمل الأشياء فيني نوره

أمطرك بي نار واحرث جنتي في نارك

كلْ ما طيفكْ يغيبْ وينتشي بحضوره

بين ومض الما تخيلتكْ وطهرْ أنوارك

وتستمر الشاعرية الطاغية والتراكيب الجميلة من شاعر اجزم انه من أهم الشعراء الشباب في الساحة الشعبية على الاطلاق اقرأوا جنون حمد حمود، وتأملوا في شعره، وعندئذ لن يخيب ظنكم به ابدا خصوصا اذا ما انحاز القارئ للرائع من الشعر ولنواصل مع عين حمد ونرصد بتلك العين لا سواها دهشته في حبيبته التي نحسده عليها ونحسدها عليه تماما مثلما حسد الحاسدون من شاعرية الراقية التي يجب ان تجد من يحتضنها لا من يقف لها بالمرصاد

وعيني أذرتْ صورتكْ وتمخطرة مغروره

وأورقْ اسمكْ في كنفْ قلبي وطشْ أثماركْ

من لمحت أشفاك وأشفاي انثنت مسروره

غمزة عْيوني خطاكْ وسلهمتْ أعذارك

عيني اخترْتكْ وكلْ مخيّره مجبوره

لعنْ أبوْ عينٍ تجي صوبكْ وما تختاركْ

نعم لقد أورق اسم حبيته في كنف قلبه بعد أن لمح تلك الحبيبة الطاغية الحسن حتى انه قد عمم على الجميع بقوله (لعن أبو عين تشوفك وما تختارك) وبهذا النفس المتدفق عشقا وشعرا على حد سوى يوصلنا (حمد حمود) الى الذروة الى الدهشة الى حيث يجب ان نكون

كانْ بي غْرورْ فالعاشقْ يحبْ غْرورهْ

كانْ لي أختارْ بغروري قدرتْ أختاركْ

كانْ عشقكْ يا حلوْ شعرْ اقتبست شْعورهْ

ما اقتبستْ أجملْ من شْعوركْ وسحرْ أشعارك

ما رضيتْ إلاّ بمحاركْ وعفتْ بْحورهْ

يبستْ، بْحورهْ، ولولي ما هجرْ محّاركْ

تلا بعد ذلك قصيدة رثاء في المغفور له باذنه تعالى زايد بن سلطان آل نهيان زايد الإمارات منها

رحلْ واستشرتْ أحزانْ الزمنْ فيني وصرتْ اطلالْ

رحلْ واستوحشتْ ديرةْ هلي واستشرتْ احزاني

رحلْ وأشعلتْ بردي في هجيرْ موادعهْ غربالْ

رحلْ وتحشرجتْ روحيْ بأنفاسي ووجداني

وأخرى بشهيد العرب والمسلمين (مؤسس حركة حماس وأبوها الروحي) أحمد ياسين أكد من خلالها ان استشهاده قد كشف مستور الزعامات العربية في زمن النكسة زمن الاستكانة

مقيّدْ وفي أيده نبتْ للجهادْ بلادْ

وتساقط ورقْ توتْ الحكوماتْ في أيده

رحلْ واستشاطتْ ريحْ خيبرْ وصر صر عادْ

والأقصىْ بكت حتى دمى البيدْ اخاديده

بعد ذلك اسمع الحضور مجموعة من روائعه الغزلية «رمانتين وجلباب» «قفلي ومفتاحي» وسنختار ابيات من قصيدته «لا تقدح العشق» والتي كان مطلعها:

شحيحْ مَنْ تعذرهْ غيبهْ وعذرهْ شحيحْ

يضحكْ وما كنْ بعده عَنْ هواهْ اذبحهْ

كنّهْ طفلْ بينْ حضنْ أمهْ وفجٍ فسيحْ

طموحْ وأزرى يحققْ لوْ بَعَضْ مطمحهْ

واختتم قصيدته بشعر جدير بالقراءة والتأمل/ شعر لا يعكس رومانسية شاب في مقتبل العمر فحسب بل يعكس ان صاحبه بالضرورة يعي في ماهية الشعر، وبالتالي في التعاطي والخوض به بل والتنظير له دون مكابرة ودون وصاية من احد ولنعد الى قوله:

عشقٍ نبتْ له بوجهْ الغيضْ وجه سميحْ

عنْ لا يغيضْ الرضا والشوقْ لا يجرحهْ

مذبوحْ واشتاقْ وانت اشتاقْ وأبقى ذبيحْ

واضحكْ على مَنْ بعادهْ عنْ هواه ذْبحهْ

العدد 841 - الجمعة 24 ديسمبر 2004م الموافق 12 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً