للأسف الشديد لم يتم إحراز تقدم يذكر فيما يخص عملية التكامل الاقتصادي الخليجي، في قمة مجلس التعاون التي انتهت أعمالها في البحرين حديثا. اختصارا لم تنجح القمة في تحريك ثلاثة مشروعات تكاملية، هي: الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والوحدة النقدية. تناقش السطور الآتية الملفات الاقتصادية التي يتم إحراز تقدم فيها على رغم أهميتها النسبية.
أولاً، الاتحاد الجمركي: أطلقت دول مجلس التعاون مشروع الوحدة الجمركية مطلع العام 2003 والذي ينص على تحويل جميع الدول الأعضاء إلى منطقة جمركية واحدة وفرض رسوم موحدة بنسبة 5 في المئة على الواردات الأجنبية. بيد أن المشروع واجه عقبات في التنفيذ منذ البداية، إذ لم تتمكن الدول من تشغيل مراكز جمركية موحدة لتسهيل عملية نقل السلع. كما حدث اختلاف على مجموعة من السلع الوطنية بعد تقديم الدول قائمة السلع التي لا تخضع للاتحاد الجمركي. وعلى هذا الأساس تم تأخير تنفيذ جوانب من الاتفاق لمدة ثلاث سنوات وكان هناك أمل في مناقشة القادة الحلول الناجعة لبعض المشكلات اللوجستية، إلا أن ذلك لم يحدث.
ثانياً، السوق الخليجية المشتركة: لم يتضمن البيان الختامي إشارات إلى خطط تنفيذ السوق الخليجية المشتركة المزمع دخولها حيز التنفيذ في العام 2007. ويهدف المشروع الطموح إلى مزاولة المواطنين الخليجيين جميع الأنشطة التجارية والسماح لرؤوس الأموال وعوامل الإنتاج بالتحرك من دون عوائق في الدول الأخرى. يبقى أن البحرين استصدرت قبل بدء القمة قانونا يسمح بموجبه لمواطني مجلس التعاون من الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين بممارسة جميع الأنشطة التجارية في البحرين مع بعض الاستثناءات المحدودة. تقع الخطوة البحرينية ضمن متطلبات إنشاء السوق الخليجية المشتركة، لكن المطلوب هو تبني موقف مشترك.
ثالثاً، الوحدة النقدية: أيضاً لم يتضمن البيان الختامي للقمة عن الخطط المستقبلية لتنفيذ الحلم الخليجي والمتمثل في ربط الدول الست وهي البحرين وقطر وعمان والكويت والإمارات والسعودية بسياسة نقدية موحدة وعملة مشتركة. المعروف أن دول مجلس التعاون حددت العام 2010 موعداً لإطلاق هذا المشروع العملاق مع وضع المؤسسات الضرورية مثل البنك المركزي الخليجي حيز التنفيذ في العام 2007.
على أقل تقدير حققت القمة تقدما في مسألتين اقتصاديتين أخريين. أولاً وافق القادة على مد المظلة التأمينية لمؤسسات التقاعد والأمينات الاجتماعية لتغطية المواطنين العاملين في دول المجلس الأخرى. ولاشك أن هذا الأمر يعد إنجازا بحد ذاته لما يوفر من ضمان اجتماعي للمواطنين الخليجيين ولأفراد أسرهم. ثانياً يضاف لرصيد القمة مناقشتها مسألة التأثيرات السلبية المحتملة لوجود أعداد ضخمة من الأجانب بصفة عمال في دول المجلس (يمثل الأجانب غالبية السكان في بعض الدول الخليجية)، لكن لم يتم اتخاذ قرار بهذا الشأن إذ طلب المجلس من وزراء العمل الإتيان بموقف خليجي مشترك. يذكر أن البحرين اقترحت أن يتم تحديد مدة بقاء العمال الأجانب خمس سنوات كحد أقصى.
ختاما تسرب خبر في اليوم الأول للقمة مفاده أن الوفد السعودي أصر على رفض مناقشة الموضوعات المرتبطة بالتكامل الاقتصادي الخليجي حتى يتم حل معضلة قيام بعض الدول الأعضاء بإبرام اتفاقات ثنائية مع أميركا لغرض إنشاء منطقة تجارة حرة مشتركة. المعروف أن البحرين وقعت اتفاقاً مع أميركا في شهر سبتمبر/ أيلول ومن المنتظر أن تبدأ كل من الإمارات وعمان مفاوضات مماثلة في شهر فبراير/ شباط. وبدا واضحا من البيان الختامي أن السعودية نفذت تهديدها. الأمل كبير أن يتم التعويض في قمة أبوظبي في العام 2005
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 841 - الجمعة 24 ديسمبر 2004م الموافق 12 ذي القعدة 1425هـ