تنوعت مشارب خطب الجمعة هذا الأسبوع، فكان لمشكلة الفقر النصيب الأوفر لدى أحد الخطباء، حين دعا النواب وأعضاء المجالس البلدية إلى تفقد القرى والقيام بجولات مناطقية لتلمس حاجات الناس ونقلها إلى مجالسهم، كما دعا التجار إلى تشكيل شراكة لإنشاء الوحدات السكنية وبيعها بسعر الكلفة.
خطيب آخر تكلم عن إيقاف الحكومة الفرنسية لقناة «المنار»، معتبرا ذلك مخالفاً لمبادئ الحرية التي قامت عليها الثورة الفرنسية، كما تكلم محلياً عن تأخير الحكومة للموازنة على مجلس النواب، وانتقد الحكومة لأنها تصرف ثلث الموازنة على الإنفاق العسكري وتهمل خدمات التعليم والإسكان الصحة، معتبراً الموازنة في صورتها استمراراً للسياسة القديمة قبل الإصلاح.
أما الخطيب الثالث، فأشار إلى تناول وسائل الإعلام للقضايا الأسرية، إذ دعا إلى وقفة جادة مع ما تنشره هذه الصحف، يكون فيها الكيان الأسري هو الأعلى لدينا، إذ قال «نحن نقرأ بين السطور أن هناك من يسعى إلى دس السم في العسل، ونشم من هذه الأخبار استغلال قضية المرأة والمتاجرة بها لأغراض مريضة».
تناول خطيب مركز جامع سار الشيخ جمعة توفيق في خطبة الجمعة أمس مشكلة الفقر في البحرين، وأشار إلى ضرورة التكافل الاجتماعي فيها، إذ أكد في هذا المجال أنه «من النعم في هذا البلد أن يقوم جلالة الملك بتوزيع وحدات سكنية على أهل السقية، ويقوم رئيس الوزراء بجولة ميدانية لتفقد حالة أبوماهر في المحرق وغيرها لتلمس حاجات المواطنين، وهذا أمر يثلج الصدر ويطمئن المواطن إلى أن هناك متابعة جادة للمحتاجين».
ولفت توفيق إلى «أن الفقر مشكلة عالمية وعربية ومحلية، وأن المحتاجين في البلاد كثر وعلى أنواع مختلفة، فمنهم من أثقلته الديون، ومنهم قليل الحيلة من راتب ضعيف لا يكفيه وعياله، وآخر لا يجد مسكنا ولا مال عنده ليوفره لأهله»، متسائلا: «كيف يشتري وأسعار العقار تزداد يوما بعد يوم؟».
وأوضح توفيق «أن مشكلة الفقر لا يمكن أن تحصر وتحل في خطبة واحدة أو محاضرة ينظر المستمع فيها إلى ساعة يده، فهي تحتاج - بحسب توفيق - إلى مفكرين اجتماعيين واقتصاديين وعلماء شريعة وصحافة وجهات عدة كلها تعمل كخلية نحل حتى تحل هذه المشكلة العالمية».
وعن الحلول المطلوبة لحل مشكلة الفقر، حث توفيق القادرين على إخراج الزكاة، معتبرا «أن إخراجها أكبر ممول ومعين للفقير»، إلا أنه نبه من جهة أخرى إلى وجود تخبط في إخراج الزكاة، كأن يمنع صاحب الزكاة زكاته حتى قدوم شهر رمضان، وهو يجهل أن الزكاة شرعت للفقير المحتاج، الذي لا يستطيع الانتظار إلى رمضان. ومن التخبط في أداء الزكاة عدم تحري مستحق الزكاة، فقد يعطي كل متسول أو سائل صادفه في طريقه أو أنه يعطي زكاته بقدر بسيط.
وواصل توفيق حديثه عن حلول مشكلة الفقر، فأكد ضرورة حسن إدارة الأموال، إذ أشار إلى أن رب الأسرة قد يكفيه راتبه لو أحسن صرفه وتقسيمه، بتقديم الأهم على المهم، ومحاولة الادخار والابتعاد عن الإسراف والعادات السيئة كشرب السجائر، مبينا أن الذي يسيئون التصرف في أموالهم لا يحتاجون من الأساس إلى مساعدة خارجية، وإنما عليهم أن يساعدوا أنفسهم.
كما دعا توفيق أصحاب الأموال والتجار إلى توظيف الأموال وتسخيرها لخدمة وسد حاجة المسلمين، مشيراً إلى أن استثمار التجار أموالهم في المشروعات الخيرية يمكن أن يقضي على الفقر، وذلك بأن يقوم التجار - بحسب توفيق - شراكة أو فرادى بإنشاء وحدات سكنية تباع بسعر الكلفة.
وختم توفيق حديثه بدعوته أعضاء المجالس البلدية والنيابية إلى أن يطرقوا الأبواب ويتسلموا حاجات الناس، معتبرا ذلك واجبا عليهم، كما دعاهم أيضا إلى أن يزوروا المجالس كما كانوا أيام الانتخابات لتلمس حاجات الناس وإيصالها إلى مجالسهم، مخاطبا إياهم «لو قام كل نائب بجولة لعلم حجم الفقر في منطقته». أنت عيون ترى المشكلة وألسن تنقلها، ويكفيكم جولة يومية في مناطقكم للوقوف على حجم مشكلة الفقر في هذه المناطق».
من جانبه، تكلم رئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان في جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز عن مجموعة قضايا محلية وخارجية، إذ تكلم بداية عن إغلاق قناة المنار، فذكر أن الحرية من أهم شعارات الثورة الفرنسية، ومن أهم العناوين التي استخدمتها فرنسا من أجل نشر قيمها وتحقيق مصالحها وبناء علاقاتها ومواقفها الخارجية مع الدول والحضارات المختلفة على أساسها.
وأضاف «بإغلاق بث قناة المنار، تكون التجربة الفرنسية قد سقطت وللمرة الثانية، في أقل من سنة في تناقض مع أحد المبادئ الأساسية التي قامت عليها»، مبينا أن قناة المنار بموازنتها المتواضعة في مقابل فضائيات أخرى لا تبث سوى «بعض» حقيقة ما يجري في أرض فلسطين، فهي لا تبث سوى البعض، وذلك لتعذر نقل كل الفظاعة التي يمارسها الصهاينة هناك، مؤكداً أن قناة المنار قناة متخصصة في شأن المقاومة، وإيقافها يتناقض مع مبدأ الحرية الذي أسست على أساسه التجربة الفرنسية.
أما بشأن موقف أميركا من قناة «المنار» وحزب الله، فأكد سلمان أن محددات السياسة الأميركية الخارجية تقوم على القيم والأخلاق الأميركية، ومن هنا تأتي فكرة دعم الديمقراطية ومساعدة الدول الفقيرة، كما تقوم على المصالح الأميركية، وهي تحدد جهة التحرك وحجمه وحجم التضحية، وتقوم أخيراً على مجموعات الضغط التي تعمل في التركيبة الأميركية، ويأتي اللوبي الصهيوني على قائمة مجموعات الضغط المؤثرة على السياسة الأميركية الخارجية في الشرق الأوسط، ونتيجة ذلك يدرج حزب الله وتدرج قناة المنار ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.
وختم حديثه في هذا الموضوع بالقول «يبث العالم الغربي آلاف القنوات التي تختلف عن أفكارنا وتاريخنا من دون أن تكون لأحد قوة الاعتراض أو المنع، ولذلك أتمنى أن ينبه ما حصل للمنار السياسة الإعلامية في الخليج أو العالم العربي والإسلامي، فالمنار لا تبث سوى ساعة إخبارية واحدة باللغة الفرنسية، ومع ذلك أغلقت، ونحن نستقبل في ساعة واحدة آلاف الساعات التي تبث ما يتناقض معنا».
وفي الشأن المحلي، علق سلمان على الموازنة العامة، مؤكدا أن تقديم الموازنة بعد تأخر لمدة شهرين تقريباً فيه مخالفة دستورية، وهذا يعني أن العنوان الأساسي لها هو غياب الشفافية إذ لم تقدم الحكومة تفاصيل صرفها.
واعتبر سلمان أن ثبات موازنة المشروعات في الموازنة المقدمة سيؤثر سلباً على تحريك السوق، فإذا لم تضخ الحكومة الأموال من خلال مشروعات مختلفة، فإن ذلك يؤثر على عمل الشركات والقطاع الخاص، مشيرا إلى أنه ما لم يتم تخصيص جزء من الموازنة للمساعدة في حل المشكلات المتفاقمة من السياسات السابقة فإن ذلك يعني استمرار البطالة والفقر والحرمان.
وفي موضوع آخر، تكلم سلمان عن الواجبات الأسرية تجاه الطلبة الجامعيين، منبها إلى أن المرحلة الجامعية تتميز بأنها مرحلة البحث عن الهوية، وهي المرحلة التي يعيش فيها الطالب بيئة جديدة تتميز بالاختلاط الذي لم يكن مألوفاً في الدراسة المدرسية، إذ دعا الأسرة إلى أن توفر الرسوم المطلوبة للدراسة الجامعية، وأن تحتضن الطالب الجامعي، وتعيش همومه ومشكلاته، وتسعى لحلها.
وأضاف «على الأب أن يعيش مع ابنه الجامعي الحياة الجامعية خطوة بخطوة، ويعيش مشكلاته ويساهم في حلها. وعلى الأسرة أيضاً أن تقف بوجه مظاهر الانحراف في الجامعة، فإذا ما تعرضت ابنتك - لا سمح الله - لاعتداء من أستاذ أو تلميذ، فعليك بالاتصال برئيس القسم أو برئيس الجامعة ليقف الانحراف حتى لا يكبر»، مشدداً على أن التغاضي وغض الطرف عن الانحراف يؤدي إلى ازدياده وبالتالي صعوبة إصلاحه.
خطيب جامع طارق بن زياد في المحرق الشيخ صلاح الجودر تطرق في حديثه إلى فريضة الحج، فقال «أيام قلائل وأمة الإسلام قاب قوسين أو أدنى من أداء فريضة الحج، فالشوق إلى البيت العتيق الذي إذا عاينه المحب تبددت لديه كل المشاق والصعاب، يجعل كل قاصد إلى هذا البيت يشكر الباري على ما أولاه من أداء هذه الفريضة».
وأوصى الجودر الحجاج قبل أداء فريضة الحج بالاستعداد لها عن طريق العلم النافع والتفقه في أحكام الحج، مع التحلي بالأخلاق الحميدة والسجايا الكريمة مع سائر المسلمين حتى يكون الحاج خير سفير إلى وطنه.
وفي سياق آخر، عالج الجودر ما تثيره الصحف المحلية من جرائم القتل والاعتداءات والتخريب، متسائلا: لماذا تختزل كل تلك الجرائم في كيان واحد؟ ولماذا تحشَّد الجهود في مجرم واحد لا غير؟ ولماذا دائما نجد أن المذنب هو الرجل الأب والأخ ورب الأسرة، في الوقت الذي تظهر فيه المرأة بمظهر المسكينة والضعيفة والمغلوبة على أمرها؟
وتساءل أيضا: لماذا دائما نرى المقالات الأسبوعية التي تتحدث عن الرجل، وتصفه بأنه الوحش البشري، والسجن الأبدي للمرأة، والمتحجر المتخلف الذي يجب القضاء عليه؟ منوها إلى عدم التغاضي عن الأخطاء التي قد تقع من بعض الرجال من اعتداء أو ضرب أو سوء سلوك ضد زوجاتهم، وعدم إعطائها المسوغ الذي يبررها، إلا أنه أكد وجود ظلم متساو من بعض الزوجات ضد أزواجهم، ما يعني وجود ظلم وظلم مضاد واقع بالدرجة نفسها على الرجل والمرأة.
ونبه الجودر إلى أن قضايا العنف الأسري التي نتلقاها من بعض وسائل الإعلام تحتاج إلى وقفة جادة يكون فيها الكيان الأسري هو الأغلى لدينا، وخصوصا أننا نقرأ بين السطور من يسعى إلى دس السم في العسل، نشم منها استغلال قضية المرأة والمتاجرة بها لأغراض مريضة.
وختم حديثه بالقول «الرجل يبحث عن المرأة التقية الصالحة العفيفة، والمرأة تبحث عن الرجل الكريم الشريف التقي، الذي يقف إلى جانبها وتقف إلى جانبه، فهو سكن لها وهي سكن له، وكلاهما يشكلان الأسرة السعيدة»
العدد 841 - الجمعة 24 ديسمبر 2004م الموافق 12 ذي القعدة 1425هـ