إنه على رغم أن هذا الموضوع أصبح كثير التداول وقديما... ولكن أذياله مازالت ممتدة وتبعيتها الشديدة التأثير تتراكم يوما بعد يوم... ومعاناة البشر أضحت بلا حدود!
ونسمع لأول مرة في الغرب بداية لمراحل التقشف والتي لم نسمع بها اللهم إلا من خلال الحروب العالمية من القرن الماضي!
وأن البطالة والكساد قد أصابت الملايين بالخسائر!
ولدرجة أن حالات الجرائم والقتل والسرقة وحتى الانتماء قد ارتفعت بصورة لم يسبق لها مثيل!
وإلى صور لم ولن نتخيلها بحيث يقوم البعض بقتل أطفاله ثم الانتحار كي لا يتشردوا ويضيعوا في الحياة، وأنه يقوم بحمايتهم بهذه الطريقة المجنونة.
وقد يكون أحد الأسباب أنه يعيش في مجتمع ظالم، وأنه لا يرى أن هنالك من سيمد له يد العون! وأنه الوحيد المسئول عن العائلة... ومن دون أقارب، شيء مريع ذلك الشعور! للتعرف على بلدان لا ترحم أبناءها في الأوقات الحرجة!
وهنالك مما شاهدته على التلفزيون عائلات قد استولت المصارف على كل مدخراتهم وطردتهم حتى من بيوتهم وهم يحتضنون أطفالا صغارا وحملوا متاعهم (ما تبقى منه) في أكياس سوداء (للزبالة) يتجولون في الشوارع يبحثون عن مأوى ما بين البيوت التي وضعت للمتشردين والمنحرفين للإيواء المؤقت! ومدى ضرر هذه المناظر من المجرمين من قبل الأبرياء من الأطفال الذين كانوا يوما يعيشون في العز واليسر!
وشاهدنا الزيادة المرتفعة في حالات الطلاق لانعدام العائل، وأن الزوجة تبحث عن طريقة أخرى للعيش بأكثر راحة وضمان!
هكذا أضحت دول العالم المتقدم... وهكذا تم تناول الأزمة المالية والتي تم فيها سقوط ذلك القناع الحضاري وتحولت إلى وحوش من دون رحمة، والاستيلاء على كل المدخرات للمديونين... ورميهم في الشوارع! دون مد المعونة أو البديل للشوارع!
أين هي العدالة وكيف تعمل الديمقراطية إذن... المزعومة في هذه البلاد؟! كيف يتم السماح لهذه المؤسسات والمصارف باللعب بالمال العام بهذه الطريقة؟!
بعد أن وثق الناس بأنظمة حكوماتهم وبأنها هي التي أعطتهم التراخيص للعمل، وأن من الواجب عليها وضع القوانين للحماية، وأن يكون هنالك سقفا أعلى للمديونية لحماية حقوق الأفراد، وعدم تعرضهم للإفلاس التام كما حدث! وتقديم المساعدات للمصارف لإنقاذها... وتترك مواطنيها والعجيب أن فشل الحكومات في التعويض للأفراد وعائلاتهم يرينا فداحة اللامسئولية وعدم وجود آلية منظمة للعمل في هذه البلاد التي تدعي التقدم والتحضر والمدنية!
لقد لعبت المصارف بالبيضة والحجر! وكان تداول الأسهم شيء يشابه الخيال... بحيث عم الكسل والتقاعس عند الشباب وباتوا آلات تجلس على الإنترنت وتكسب (بالحظ كلعبة القمار) ومن دون بذل أي مجهود للحصول على المال أو عطاء اجتماعي مفيد! وتحولوا إلى السهر في الليل ونوم النهار واللهو والانحلال في كثير من الأحيان... لتوافر المال الكثير ومن دون جهد، ويعيشون حياة لا معنى لها! أو انتشار الرغبة الرخيصة في المكسب السريع! وعدم الإنتاج! وأضحوا أعضاء فاشلين في المجتمع!
وارتفاع المليونيرات في العالم والامتيازات الضخمة للمديرين ورؤساء مجلس الإدارة في المصارف من صفقات العملاء والعمليات! وعلى حساب المساكين ممن وضعوا ثقتهم بهم!
ومازلت حتى هذه اللحظة... لا أستطيع تصديق هذه اللعبة العالمية في الكساد وأسبابها الواهية وغير المقنعة وكيف أن الضرر قد أصاب كل العالم! بهذا الشكل الغريب وغير الطبيعي! لأنني أعتقد أن هنالك من الأمور المخبأة خلف الكواليس والأدراج، وترتيبات ومقدمات لأشياء نجهلها شديدة الأهمية يطبخ لها في المطابخ السياسية، قد تكون أخطر مما نراه! والسياسات الدولية الملتوية! وقد يكون منها ضرورة الإطاحة ببعض الأنظمة، هنا وهناك، أو الدول التي فاقت ثرواتها الحدود!
ودولة مثل أميركا التي يعاني فيها الكثير من الفئات الإثنية والسود من التشرد والفقر المدقع ويعيشون في الجحور... في الوقت الذي مازالت هي تقوي قواعدها العسكرية بأكثر من خمسين دولة وهي تقوم بحرق العراق وأفغانستان... وتساهم في حرب غزة ودارفور... وخرق جميع القوانين الدولية، وتهديد كوريا وإيران باختلاق الأكاذيب وبأنها تحمي العدالة الكاذبة!
كل تلك التجاوزات وصرف الملايين وشعبها يزداد تشردا وفقرا! أهي ضربة القدر، والانتقام لشهدائنا في الأرض العربية للغزو الأميركي، ودور الطبيعة وضربة للأخذ بالثأر وبداية النهاية للإمبراطورية الفاسدة... أم هي طبخة جديدة منهم وكارثة مالية تحضّر لشيء جديد ومجهول مقبل؟!، فالأيام هي الكفيلة وحدها بتعرية الحقائق!
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 2386 - الأربعاء 18 مارس 2009م الموافق 21 ربيع الاول 1430هـ