العدد 837 - الإثنين 20 ديسمبر 2004م الموافق 08 ذي القعدة 1425هـ

قصيدة «فحم»... رؤى يذكيها نقّاد صغار

في ملتقى كاتب وكتاب

سماهيج - محرر الشئون الثقافية 

تحديث: 12 مايو 2017

هل تكفي تلك الفعالية للدلالة على أن هذا الجيل من طلاب المدارس قادر على القراءة وعلى التفاعل مع ما يقرأ؟! ذلك سؤال تثيره تلك الفعالية المهمة التي استضافتها مدرسة سماهيج الابتدائية الاعدادية للبنين تحت اشراف المدرس الأول لمادة اللغة العربية حبيب آل حيدر. اذ قدم مجموعة من طلاب المرحلة الاعدادية وضمن مشروع ملتقى كاتب وكتاب بالتنسيق مع قسم الأنشطة الثقافية والفنية بالمدرسة قراءاتهم لنص حداثي هو قصيدة الفحم من ديوان آخر المهب للشاعرة البحرينية فوزية السندي.

وكان نص «فحم» هو:

رضيع النار

هو الأسود مصباح الليل

شهيد التنور،

أصل الماس: حين يصطك الحجر ببعضه

خازنا حطبا للدهشة، مسببا في عتم الدمار

تحت نير العذاب يتبلّر أعتى الجواهر

راعي الحرف،

ما ان يقدح شرر الخيال

حتى يتقد فاضحا مكر الرماد (خائن اللهب)

حجر حر.

تناول الطلاب لقصيدة الفحم كان مختلفاً، ففي الوقت الذي تحدث فيه الطالب حسن محمد عيسى عن المعجم اللغوي الذي اتكأت عليه القصيدة، كان حديث الطالب راشد عيسى عبدالله عن الايقاع والبناء أما الطالب وائل هاشم علي فتساءل في ملاحظاته عن صورة وأسلوب النص وكانت ورقة الطالب محمد أحمد عبدالله معنية بأسلوب وتركيب القصيدة.

المعجم في قصيدة الفحم

تساءل الطالب حسن محمد عيسى عن السبب الذي جعل الشاعرة فوزية السندي تختار هذا العنوان وتعنى به، وكانت الاجابة - بحسب تصوره- «تتعلق بكون الفحم مادة سوداء اللون تنتج عن حرق الخشب وقد كانت للفحم أهمية كبيرة في الماضي، فقد كان يستخدم في الكتابة والإضاءة ولايزال مهماً ولذلك فليس غريباً أن تختاره الشاعرة وتهتم به» واضاف «كما أريد أن أبينّ أن صورة الفحم عند الشاعرة وسبب ذكره في القصيدة هو قيمة القلم في الكتابة، فالفحم وسيلة كتابة قديمة وهو أسود عند الناس لكنه أبيض عند الشاعرة وهو معتم ويشير إلى الموت والعذاب عند الناس ولكنه في القصيدة اشارة للحياة والضياء وعدم الاستسلام لليأس بإنارته للحياة بما يكتبه من مشاعر وأحاسيس مضيئة جميلة».

البناء والإيقاع

بينما وجد الطالب راشد عيسى عبدالله في حديثه عن بناء وايقاع القصيدة «أن الإيقاع عبارة عن نبرة متكررة وكلما تكررت أضافت إيقاعا موسيقيا في النص، فالمضاف والمضاف إليه يولدان إيقاعا في النص مثل «رضيع النار كما في السطر الأول، مصباح الليل كما في السطر الثاني، شهيد التنور كما في السطر الثالث، عتم الدمار كما في السطر الخامس، نير العذاب كما في السطر السادس، شرر الخيال كما في السطر الثامن، مكر الرماد وخائن اللهب كما في السطر التاسع. فكل هذه الكلمات - والكلام لايزال لعبدالله - تكررت في صيغة المضاف والمضاف إليه لتولد النبرة الإيقاعية. أما عن البناء فهو طبقة فوق طبقة، جمل كبيرة وجمل صغيرة مرتبة على طبقات. فالفحم اذاً قائم على الجواهر والجواهر قائمة على الفحم وبذلك تعكس الشاعرة أهمية الفحم عندها لأنه أقدم وسيلة للكتابة فقد كانوا يكتبون به تاريخهم وآمالهم وآلامهم على جدران الكهوف وقد كانوا يفضحون به الأسرار، فالنتيجة اذاً ان الفحم حجر حر لأنه يكشف الأسرار وليس مثل الياقوت والألماس الذي يوضع لمجرد الزينة كحلي أو كقيمة نقدية فالفحم قيمته معنوية فالشاعرة تريد أن تبين قيمة الفحم في الكتابة التي هي أقدم وسيلة لحفظ التاريخ والأسرار».

الصورة والأسلوب

الصورة والأسلوب عبر عنهما الطالب وائل هاشم علي بقوله: «في قصيدة (فحم) من كتاب آخر المهب مجموعة من الصور التعبيرية الموحية، فالعنوان(آخر المهب) يشعرنا بالحسرة حين يتحسر الإنسان على الأشياء حتى آخر لحظة فيها، ولفظة (الجواهر) تثير فينا صورة الجواهر ببريقها الذي يجذب الأنظار إليه، فما هي هذه الجواهر؟ لنتفاجأ بأن داخل هذا النص (الجواهر) معدن غير متوقع وهو الفحم، فما الذي سيجتمع لنا تحت هذا العنوان من صور؟» ومبينا هذه الصور أضاف علي «ان الفحم ناتج عن احتراق الحطب، فهل ستكون له قيمة من خلال الصور التي ستضعها الشاعرة؟!

والنص قد حفل بالكثير من الصور مثل - رضيع النار اذ صورت الشاعرة علاقة الفحم بالنار على أنها علاقة أسرية، وهناك أيضا صورة «هو الأسود مصباح الليل» فالفحم أسود والسواد مظلم، الا أنه عندما يشتعل يضيء الليل وبين «هو الأسود» وعبارة «مصباح الليل» تضاد في المعنى وذلك خلق لنا صورة جميلة. كذلك تعبير «شهيد التنور» والذي يحوي صورة استخدمتها الشاعرة لتبين قيمة التحول الى الفحم فهذا التحول ليس سلبيا، فالشهادة على رغم أنها موت فانها أمر إيجابي، إذ التضحية من أجل الآخرين، فالحطب حينما يتحول الى فحم يتحول الى شيء مفيد، وقد صورت الشاعرة هذه الصورة بالشهادة».

تركيب القصيدة

والطالب محمد أحمد عبدالله أوضح تركيب القصيدة بقوله «ان الشاعرة وظفت الكثير من الظواهر النحوية في هذا النص الجميل وقد بدأت الشاعرة النص بقولها «رضيع النار» وهنا أشير إلى أن هناك ضميراً مستتراً غير ظاهر تقديره «هو» فكأن الشاعرة تقول هو رضيع النار و«هو» فكأن الشاعرة تشير إليه بضمير الغائب «هو» رضيع النار واستخدامها لضمير غائب قد يكون بسبب أن الفحم ما عاد يستخدم وسيلة للكتابة. وتضيف الشاعرة هو الأسود مصباح الليل، كذلك وجدنا الضمير «هو» في هذا السطر ولكنه ظاهر، وكذلك احتوى هذا السطر على مضاف ومضاف إليه كما في العبارة «مصباح الليل» فالمصباح مضاف والليل مضاف إليه».

وأضاف «هو التركيب الذي يبنى عليه النص، وبعد ذلك جاءت الشاعرة لتبين صفة مهمة من صفات الفحم بقولها شهيد التنور فنلاحظ تنوع اختيار الشاعرة في إظهار الضمير وعدم إظهاره ووجدنا في هذا السطر كذلك مضافاً ومضافاً إليه وهما شهيد التنور. وقد أرادت الشاعرة أن توضح أهمية الفحم في الزمن فاستخدمت كلمة «حين» وكلمة حين هي ظرف زمان وهذا السطر عبارة عن إجابة لسؤال غير ظاهر بل مقدر وهو متى يكون الفحم أصل الماس؟ بينما وفي السطر الخامس نلاحظ عبارة عتم الدمار فهي مضاف ومضاف إليه وهذا يؤكد ما ذهبت إليه من أن النص قائم على التركيب بين كلمتين بعلاقة المضاف والمضاف إليه. ومن ثم بعد ذلك تأتي الشاعرة لتبين مكان وجود الفحم فتقول تحت نير العذاب وهنا كلمة تحت ظرف مكان، وكذلك احتوى هذا السطر على مضاف ومضاف إليه كما في العبارة أعتى الجواهر».

«وكأنه هناك سؤال مخفي هو أين يقع الفحم؟ ونلاحظ في السطرين الثامن والتاسع علاقة سبب ونتيجة بقول الشاعرة «ما أن يقدح شرر الخيال حتى يتقد فاضحا مكر الرماد» فالسطر الثامن هو السبب والسطر التاسع هو النتيجة وفي السطر الأخير تقول الشاعرة حجر حر وهنا خبر لمبتدأ محذوف تقديره «هو»





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:00 م

      جميل

      بارك الله فيك
      ممتاز
      شكرااااااااااااااااا على المرور

اقرأ ايضاً