العدد 836 - الأحد 19 ديسمبر 2004م الموافق 07 ذي القعدة 1425هـ

بين حبل الاتفاقات «المخالفة» وعبارات الإدانة

القمة الخليجية الخامسة والعشرون:

توقع مراقبون أن تخيم أجواء الحداد على دول الخليج قبيل عقد القمة الخليجية وذلك بعد تردد أنباء بشأن تدهور الحال الصحية لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد آل نهيان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ولم يكن مستبعدًا أن تقرر المنامة احتضان القمة وذلك قبل أن توافي المنية الشيخ زايد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لتعلنه رسميا وذلك لما يتمتع به البلدان من علاقات وطيدة ومميزة على مدى سنوات طويلة.

بينما احتمل المراقبون أن تحمل قمة المنامة بعد نقلها من أبوظبي أجواء من التوتر مع بعض دول المنظومة الخليجية وخصوصا بعد أن أعلنت المملكة العربية السعودية على لسان وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل أن الاتفاقات الثنائية التي وقعتها بعض دول الخليج في إشارة إلى البحرين مع قوى دولية تعد «مخالفة» واضحة لاتفاقات المجلس.

بل ووصف الوزير السعودي في نص مداخلته الذي وزع على الصحافيين في مؤتمر (أمن الخليج - حوار الخليج) الذي نظم أخيرا في المنامة إبرام اتفاقات ثنائية منفصلة مع قوى دولية سواء على الصعيد الاقتصادي أو الأمني بأنه يعد تجاوزا للعمل الجماعي المطلوب والذي يقلل من القدرة التفاوضية الجماعية.

وعلى رغم كثرة وعود المجلس فإنه لم يستطع حتى الآن أن يحقق الكثير من طموحات المواطن الخليجي، فالمقترحات لاتزال قيد التفعيل الملموس في غالبيتها.

لكن لا يمكننا أن نغفل أنه يعد المنظومة الإقليمية الوحيدة والمستمرة حتى الآن على مستوى المنطقة العربية وان كانت إنجازاته قليلة مقارنة بمقترحات وتوصيات قمم المجلس طوال هذه السنوات.


ملفات القمة

وبالنظر إلى التطورات التي شهدتها المنطقة في السنوات الثلاث الأخيرة وخصوصا فيما يتعلق بالملف العراقي فإنه بات من المؤكد أن تهيمن تطورات العراق على المداولات والاجتماعات التمهيدية قبل السياسية والاقتصادية على رغم حسم مسألة عودته إلى اللجان التي كان مشاركا بها وعدم إدراجها في القرارات مع الإبقاء على الموضوع قائما ومعالجته لاحقا.

أما في الموضوعات الأخرى فبات أيضا مؤكدا إقرار تعديل المناهج التعليمية و«تنقيتها من معايير التطرف ونبذ الآخر والكراهية» فيما التطور الذي قد تطلع به القمة هو إجماع على تأييد نقل الإمارات العربية المتحدة ملف الخلاف بشأن جزر أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى مع إيران إلى محكمة العدل الدولية.

كما لن تغفل القمة اهتماماتها المعهودة في الشرق الأوسط من خلال دعم المطالب السورية واللبنانية في مواجهة «إسرائيل».

ووفق كل المؤشرات فإن الشق الاقتصادي سيتناول دعم «العراق الجديد» وستتخذ قرارات بشأن الديون والتعويضات، فضلا عن المضي قدما في إنجاز المعايير الموحدة للعملة الخليجية ابتداء من العام وصولا إلى إصدار العملة الموحدة في العام ، مع استمرار التقدم نحو السوق الخليجية المشتركة في العام وإنجاز العالق من التعرفة الجمركية الموحدة التي يوجد تباين طفيف حولها يعوق في الواقع المفاوضات المشتركة مع الاتحاد الأوروبي.


ملف العراق

وستشير القمة إلى أن انضمام العراق إلى المجلس الخليجي سيتأجل إلى حين يستقر الوضع في العراق وتقوم حكومة منتخبة كاملة الشرعية، علما بأن دول المجلس ستقر اتفاق نقل السلطة بين مجلس الحكم وسلطة الاحتلال الأميركي من باب استعجال الحرية الكاملة للعراق.

الملاحظ أن القمة أيضا ستبحث التسهيلات الممكنة في مجال إسقاط الديون العراقية ودعم العراق ماديا وسياسيا واقتصاديا.

بينما دعت الولايات المتحدة مجلس التعاون إلى «توحيد الجهود والتعاون معها لإقرار استعادة سيادة العراق».

أما في الجانب الخليجي فإن جدول الأعمال الغني بالبنود لا بد أن ينتج قرارات محددة تهم دول الخليج، وإذا كان إقرار الجواز الخليجي الموحد أمرًا غير مطروح، فإن القمة ستصدر توجيها إلى وزارات الداخلية الخليجية بتسهيل انتقال الأفراد المقيمين شرعيا بحرية من دولة إلى أخرى ذلك أن التنقل متاح للخليجيين في بعض دول المجلس.


عبارات الإدانة

القمة ستكرر عبارات إدانة ممارسات الرئيس العراقي السابق صدام حسين وستطالب بمحاكمته بصفته مجرم حرب وستؤكد إدراج الملفات لدى دول المجلس في المحاكمة ولا سيما الملفات الكويتية ذات الصلة بغزوه الكويت.

وسيعبر بيان القمة الختامي عن القلق من استمرار غياب الأمن والاستقرار في العراق وما يتبع ذلك من استمرار للمعاناة الإنسانية للشعب العراقي، وسيدعو إلى انتقال السلطة إلى الشعب العراقي وتحقيق طموحاته والإسراع في قيام الحكومة الدستورية التي تضمن للعراق أمنه واستقلاله ووحدة أراضيه والمساواة في الحقوق والواجبات بين أبنائه.

وفي البنود السياسية الأخرى، سيبدي القادة الخليجيون ارتياحهم للتجاوب الذي أظهرته إيران في الملف النووي ويعربون عن أملهم أن يستمر التعاون لتجنيب إيران والمنطقة أزمات جديدة، وسيكررون في قضية الجزر الإماراتية موقفهم السابق المؤيد للحقوق الإماراتية المشروعة في جزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.

كما سيكرر القادة دعمهم لتنفيذ «خريطة الطريق» واستثمار ردود الفعل الايجابية على وثيقة جنيف لتعجيل تطبيق «الخريطة» وسيطالبون المجتمع الدولي بالتحرك لوقف الانتهاكات الإسرائيلية وفي مقدمتها إزالة الجدار الأمني وعودة المفاوضات مع الحكومة الفلسطينية وفك الحصار على المناطق الفلسطينية ووقف كل أنواع العنف من كل الأطراف، في إشارة إلى ضرورة التزام بعض الفصائل الفلسطينية بنداءات الهدنة التي تطالب بها الحكومة الفلسطينية، وكذلك دعم الحقوق والمطالب اللبنانية والسورية.


توصيات اللجان

وستعتمد القمة، في المجال الخليجي، توصيات اللجان الوزارية المتعلقة بقضايا التعليم وتتضمن رفع مستوى التعليم وتطوير المناهج وإعداد المعلم من خلال مواد التدريس مع توفير الامكانات التقنية وإعادة النظر في القيادات والإدارات التعليمية وإعطاء المدرسة دورًا أكبر في مجال التعليم والمشاركة الفعالة. وستقر توصيات دراسة الهيئة الاستشارية العليا بشأن موضوع المرأة وتشمل تمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا وأسريا ودراسة سبل التغلب على كل المعوقات أمام رقيها وزيادة مشاركتها في سوق العمل بالطرق الملائمة وإزالة ما يحول دون مساهمتها في التنمية بفاعلية وتطوير أنظمة التأمينات الاجتماعية وظروف العمل بما يعزز مساهمتها اقتصاديا.


مستقبل المنطقة

ويرى مراقبون أن أشد ما قد تواجهه منطقة الخليج حاليا هو عودة الاستعمار مجددا وفقدها استقلالها وسيادتها بدعوى توفير الأمن لذلك لابد أن تسعى شعوب الخليج إلى إدارة شئونها بنفسها وذلك من خلال المشاركة وإقرار مبدأ التعددية السياسية وتداول السلطة السلمي.

كما أن المبادرة للوحدة ولو في ظل اتحاد كونفدرالي أو اتحاد على نمط الاتحاد الأوروبي يضم في عضويته كلاً من العراق واليمن ستحقق طموح شعوب المنطقة التي ستحافظ على استقلاله وسيادة ثرواته ومصالحه ليقوم بدوره ومسئولياته نحو المجتمع الدولي الذي بات مرتبطا بالمنطقة بشكل كبير وجعلها عرضة للأطماع الاستعمارية الدولية.

وقد تأخذ قضيتا تعديل مناهج التعليم ومكافحة الإرهاب حيزا كبيرا من مناقشات القمة إذ انه لابد أن تتم معالجتهما من خلال التصور الصحيح والموضوعي لا التصور المبني على أساس المعالجة الغربية التي تصنف المقاومة ضد المحتل إرهابا والمناهج الحالية تطرفا

العدد 836 - الأحد 19 ديسمبر 2004م الموافق 07 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً