العدد 836 - الأحد 19 ديسمبر 2004م الموافق 07 ذي القعدة 1425هـ

ضرورة إعادة هيكلة اقتصاد دول المجلس لتوفير وظائف للعاطلين

عبدالله القويز لـ «الوسط»:

لا تزال منظومة دول مجلس التعاون الخليجي متباطئة في عدد من الجوانب التي يطمح اليها مواطنو المجلس في اطار العمل المشترك... وقد تستدعي زيادة وتيرة التكامل والتواصل بين مواطني المجلس ومؤسساته المختلفة إعادة النظر في بعض المسائل التي تخرِّج أجيالاً تعشق العمل وتحترم الآخر وتؤمن بالحوار وتبتعد عن التطرف إذ هي من أهم التحديات التي تواجهها المنظومة في ظل المتغيرات التي طرأت في السنوات الاخيرة على المنطقة. وفي هذا المضمون تطرق سفير المملكة العربية السعودية عبدالله القويز في حديث إلى «الوسط» إلى دور وأهمية عمل المجلس لدول المنطقة. وهنا نص الحديث:

ما هو تقييمكم لمجلس التعاون الخليجي من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية منذ تأسيسه في مطلع الثمانينات؟

- للحصول على تقييم شامل ودقيق ومنصف لابد من استعراض مسيرة المجلس منذ إنشائه في مايو/ أيار لكن لضيق المجال سأكتفي بإبراز أهم القضايا التي يمكن الاستدلال بها لتقييم مسيرة المجلس، ففي المجال السياسي والأمني يساهم المجلس مساهمة حيوية في الاقتصاد العالمي بسبب ما لدى دوله من ثروة نفطية. كما أنه يعيش في منطقة مضطربة شهدت أربع حروب منذ قيامه، إضافة إلى بعض المناوشات والحروب الأهلية في الأطراف. واستطاع المجلس تجنيب دوله ويلات هذه الحروب وبالتعاون مع الحلفاء استطاع انتزاع أحد أعضائه من انياب الوحش عندما تعرض للغزو فوفر المجلس لمواطنيه الاستقرار والأمن والرخاء.

وفي المجال الاقتصادي يجب ألا تغيب عن البال صعوبة العمل الجماعي وضرورة الموازنة بين المصالح ما يتطلب المزيد من الوقت والجهد للوصول إلى القرارات. فإذا ألقينا نظرة على الاتحاد الأوروبي مثلا نجد أنه على رغم إنشائه في العام لم يتخذ خطوات توحيد حقيقية إلا بعد العام أي بعد سنة من إنشائه. ومع ذلك فإن مجلس التعاون استطاع تطبيق منطقة التجارة الحرة بعد اقل من أربع سنوات على انشائه والاتحاد الجمركي بعد سنة وسيطلق العملة الموحدة بعد اقل من سنة من انشائه. علما بأن هذه الخطوة استغرقت من الأوروبيين سنة. وهناك أعمال للمجلس غير مرئية ولا يحس بها المواطن لكنها تقدم مساهمات كبيرة للتنمية القانونية والمؤسسية والاقتصادية لدول المجلس مثل توحيد القوانين والمحاكاة في إنشاء الأجهزة المتماثلة وفي تقديم المزيد من الخدمات للمواطنين وتشجيعهم على المشاركة السياسية واستكمال الأطر المؤسسية وتوحيد المواصفات والجهود المشتركة لحل المشكلات البيئية والصحية والنظرة المشتركة للقضايا الاقليمية والدولية كل هذه القضايا قدم فيها المجلس مساهمات كبيرة.

وهناك مؤسسات مستقلة عن المجلس تعالج قضايا التعليم والصحة والبيئة والرياضة لكن المأمول أن يمتد عمل المجلس من الأجهزة الرسمية واللقاءات الرسمية إلى صلات قوية وديناميكية بين المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني أسوة بما هو حاصل مع غرف التجارة وبعض الجمعيات المهنية.

ما هي التحديات التي يواجهها مجلس التعاون في ظل الاوضاع التي عاشتها المنطقة من حروب إلى انعكاسات حوادث سبتمبر/ ايلول والارهاب على المنطقة؟

- التحديات التي يواجهها المجلس ودول الاعضاء كثيرة، أهمها: المحافظة على الأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي الذي تنعم به، ومحاربة الارهاب ليس فقط من خلال الأجهزة الأمنية وإنما أيضا كفكر. ولابد أن تشارك في هذه الحرب المقدسة التي هدفها انقاذ الانسان وسائل الإعلام والمدرسة والمسجد والبيت ومؤسسات المجتمع المدني. ومن التحديات الأخرى تعميق المشاركة السياسية بما في ذلك توعية المواطنين للذهاب إلى الصناديق الانتخابية للإدلاء بأصواتهم وإعادة هيكلة اقتصادات دول المجلس لكي تستطيع توفير المزيد من الوظائف للعاطلين عن العمل، وتسريع عمليات التخصيص وتشجيع المرأة على المزيد من المشاركة وانشاء المزيد من مؤسسات المجتمع المدني لتعويد المجتمع على المبادرات الخلاقة والقيام بواجبه والتخفيف من أعباء الحكومات، وزيادة وتيرة التكامل والتواصل بين مواطني دول المجلس ومؤسساته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وإعادة النظر في الفلسفة التعليمية بهدف تخريج أجيال تعشق العمل المنتج وتحترم الآخر وتؤمن بالحوار وتبتعد عن التطرف.

حتى اليوم لم تتحقق الكثير من الطموحات الخليجية على الصعيد الاقتصادي تحديداً، فما مصير مشروع العملة الموحدة والاتحاد الجمركي ومد سكك الحديد وغيرها؟ وما هي توقعاتكم بشأن قمة المنامة؟

- الأفضل توجيه هذين السؤالين للأمانة العامة للمجلس لكن من متابعتي لأعمال المجلس عن كثب سأتناول بعض هذه الموضوعات. كما تعرفين إن الاتحاد الجمركي بدأ تطبيقه مع مطلع العام ونتيجة لذلك زادت التجارة فيما بين دول المجلس خلال سنة واحدة بما نسبته , في المئة بحسب آخر دراسة اعدتها الأمانة، ولا شك في ان التطبيق صادفته كأي عمل جماعي بعض العقبات لكنه أمكن حل الكثير منها. ونأمل ألا تؤدي بعض محاولات توقيع اتفاقات ثنائية للتجارة الحرة مع أطراف ثالثة إلى تقويض هذه الخطوة المهمة في مسيرة المجلس. أما موضوع العملة الموحدة فإن البرنامج الزمني لتنفيذ الاتفاق الاقتصادي الذي أقره قادة دول المجلس ينص على ضرورة استكمال الاجراءات اللازمة لذلك مع نهاية العام بحيث يتم اطلاق العملة الموحدة في العام وقد قطعت اللجان الفنية شوطا كبيرا في تحديد المجالات الفنية المطلوب اتخاذها لتحقيق هذا الهدف، وبالنسبة للجواز الموحد فإن المهم هو سهولة تنقل المواطنين بين دول المجلس وقد اتخذت جميع الدول الأعضاء الترتيبات اللازمة لذلك وتعمل كل دولة على مراجعة وتحديث هذه الإجراءات لتقديم المزيد من تسهيل تنقل المواطنين.

أما بالنسبة إلى سكة الحديد فقد عُملت دراسة أولية في السنوات الأولى من عمل المجلس اثبتت عدم جدوى هذا الخط إلا إذا استكملت المملكة العربية السعودية خططها في هذا المجال وتم الربط مع العراق للوصول إلى أوروبا. وفي هذا العام أجريت دراسة أولية بإشراف دولة الكويت أثبتت جدوى هذا المشروع لكن قبل المضي قدما لابد من إعداد دراسة جدوى مفصلة وتحديد المسارات وتدبير التمويل، كل ذلك سيستغرق وقتاً. وقد رأى عدد من المشروعات التكاملية الكبيرة النور بعد قيام المجلس، مثل: الطريق البري المباشر، إذ ترتبط دول المجلس حاليا بشبكة حديثة من الطرق وتم ربط خطوط الاتصالات كما بدئ بإنشاء الشبكة الكهربائية الموحدة

العدد 836 - الأحد 19 ديسمبر 2004م الموافق 07 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً