العدد 836 - الأحد 19 ديسمبر 2004م الموافق 07 ذي القعدة 1425هـ

همٌّ كروي أنثوي

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

«فتاة تتابع مباريات كرة القدم ولها فريق مفضل تشجعه»!... هل تتقبل ذلك؟ هل يعد ذلك مقبولاً أساساً من المجتمع ككل أم أنه عادة دخيلة وفدت إلينا من الغرب، وكالعادة ما يوفد إلينا «بدعة» وتجب محاربتها والتصدي لها قبل أن تستفحل وتتحول إلى ظاهرة يصعب القضاء عليها؟! أم أن في الأمر «إنّ» تستدعي وضع خطوط عدة تحت قدمي تلك الفتاة المتابعة للمباريات لإجراء دراسة وعمل فحوصات نستكشف من خلالها ما إذا كانت تلك «فتاة» حقاً أم «رجلا»؟!

لا أعلم مصدر الاستغراب في مجتمعنا من فتاة تتابع المباريات وتشارك في النقد والتحليل والتأييد والرفض، ولماذا تشن في وجهها حملات تحيلها إلى مصاف «الدخيلات الفضوليات» اللائي يفتين في أمور لا يفطنّ فيها ويحشرن أنفسهن فيما لا يعنيهن أصلاً؟!... علماً بأن البعض منهن قد يفقن «أصحاب الشأن» موضوعية في النقد، بل والتخطيط السليم للمباريات! وربما قليل هم من يلتفتون إلى أن متابعة هذه المباريات تحمل في جزء منها هماً وطنياً يظهر في اندفاعاته ولاء للوطن لم يُشهد له مثيل... وخصوصاً بالنسبة إلى أولئك المغتربين عن الوطن لأي غرض كان! فما عرفت قط بأني واحدة من أولئك اللاتي يحملن ذلك الهم حتى كشفت لي الغربة ذلك، فلو تمكن أحد من «أصحاب الشأن» بإلقاء نظرة خاطفة على سكن الدارسات في الخارج وخصوصاً فترة الدوري الخليجي لاستغرب من هذه الجماهير الغفيرة التي تجمعت كلها عند شاشة التلفزيون وانقسمن إلى فريقين كل له فريق والأعصاب المشدودة التي تكاد تفقد الواحدة صوابها والأصوات التي تعتلي في حال تسجيل هدف للفريق أو ضده أو حتى عند ضياع الفرص... منظر لا يختلف أبداً عن منظر الجماهير التي احتلت حتى المجمعات التجارية لمشاهدة مباراة منتخبنا مع منتخب المملكة العربية السعودية الشقيق، وهي مباراة مصيرية بالنسبة إلى هذا المنتخب الذي وإن زل وأخطأ يبقى مرفوع الرأس في أعين جماهيره ومحبيه.

ربما أتفق مع البعض في عدم قابلية حضور المرأة شخصياً لمباراة كرة القدم بشكل مباشر وجلوسها على مقاعد الجماهير في الملاعب، وذلك لسبب واحد فقط لا غير هو معرفتي بعدم قدرتها على السيطرة على مشاعرها التي قد تظهرها بشكل غير مقبول البتة وخصوصاً في مجتمعنا الذي هو محكوم أساساً بالدين أولاً الذي لا يحبذ أن تظهر المرأة على هيئة «راقصة في الكباريهات» ولو كان ذلك من دون قصد منها، وما هو إلا شعور وطني فرح أبى الطمر في القلوب فخرج في صورة رقص وتمايل لا يُحبّذُ ظهورهما إلى العلن!

لا أعلم إن كانت زلة من البعض قد أسقطت على الجميع، فمنظر فتاتين خرجتا بثلاثة أرباع جسديهما من إحدى السيارات التي يقودها أحد الشباب، وبقدر ما كانت فرحتهما عارمة بفوز المنتخب - بحسب الظاهر - الذي رفعتا من أجله علم المملكة عالياً وأخذتا تتمايلان ذات الشمال وذات اليمين، فإن هذا الحس الوطني قد يتبدد عند البعض ليقف عند عدم قابلية الفعل، الذي أجده غير مقبول أساساً من اللتين باشرتاه، وإلا ما تفسير تغطيتهما وجهيهما وكشف الجسد فقط لإبراز الهوية؟! فالمنظر قد يشكك أي بصير في اهتمام هاتين الفتاتين وشبيهاتهما بالرياضة أساسا، وما هي إلا فرصة لإظهار المواهب ومسايرة الجو العام المفعم بالفرح والزغاريد، الذي يجوز فيه - بحسب وجهة نظر هؤلاء - إسقاط كل الاعتبارات الدينية والدنيوية.

وإزاء هذه الحال لا يمكننا إلا طلب العدل من «أصحاب الشأن» فالأصابع ليست سواء، وإن منا من أخطأ، فمنكم أيضاً من يخطئ... وتبقى فرحة الفوز حقاً مكفولاً للجميع كونه يتعدى فرحة الفوز لفريق إلى فرحة الفوز للوطن ككل... وعند هذه النقطة تسقط كل الاعتبارات والاختزالات لهذا لنا وهذا لكم ويبقى الوطن للجميع فلنفرح لانتصاراته

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 836 - الأحد 19 ديسمبر 2004م الموافق 07 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً