كثير من الناس كانوا يتوقعون أن تتحول مدينة جدحفص - وفق تصريحات ووعود المسئولين - إلى جنة أخرى من جنان الأرض وربما ستقترب إلى مدينة مدنية من حيث الحداثة ووسائل التطور والرقي.
هناك من قال إن جدحفص ستحظى بنصيب الأسد وستكون أستارها جميلة وشوارعها في غاية الاناقة وستكون مفعمة بوسائل الخدمات من مدارس ومستشفيات ومراكز اجتماعية ومشروعات تجارية وإسكانية وان معدل البطالة سينخفض فيها بنسبة كبرى... ولكن يبقى السؤال: هل جدحفص كذلك؟ أبداً، مدينة جدحفص هي أقل المدن حظوة من كعكة السلطة... الناس في جدحفص سمعوا بالوعود وملوا الانتظار ولم يكونوا يتصورون ان المستقبل شحيح العطاء... أتكلم عن جدحفص ليس من منطلق مناطقي كوني من أهل جدحفص ترعرت في ربوعها وعشت أجمل أيامي بين أهلها وأبنائها في فريق السلطاني، ولكن لشيء بسيط هو أني تفاجأت كثيراً بعد رجوعي من غربة دامت عشر سنوات برؤيتي المدينة تزداد فقراً من حيث الخدمات ومن حيث تأهيل فقرائها ومن حيث تكدس البطالة بين ازقتها. كنت أعتقد أن هذه المدينة الطيبة بأهلها ستكون أكثر المدن حظوة ساعة توزيع غنائم الخدمات الإسكانية والطبية والتعليمية، فالمشروع الإسكاني في جدحفص أكل عليه الدهر وشرب، وحظ أهالي جدحفص من هذا المشروع القديم كان حظاً قليلاً. اما بالنسبة للمدارس فقد تفاجأت بأن مدرسة الإمام الصادق (ع) التي درست فيها الابتدائية قد تحولت إلى نادي الشباب، وان الاسم والمدرسة تلاشيا. كل املنا بعد بدء تدشين ناد نموذجي للشباب في المنطقة أن تشغل مساحة نادي الشباب (مدرسة الصادق سابقاً) في إنشاء مشروع خدمي لصالح أهالي جدحفص والمناطق الأخرى المحيطة بالمدينة كأن يكون مركزاً اجتماعياً أو داراً للمسنين أو مدرسة أخرى... إلخ.
وكم يشفق المتتبع لجدحفص على مدرسة سارة، هذه المدرسة القديمة التي تحتاج هي الأخرى إلى تجديد وانعاش.
أهل جدحفص لا يطمحون إلى أن تفرش أرضهم بالسجاد الفارسي بل يطمحون إلى شوارع جديدة كبقية المدن، فالكثير من شوارعها تم إنشاؤها في منتصف السبعينات... اما بالنسبة لأهالي المدينة فهي تحمل في جوانبها صوراً كثيرة من الفقر في عين الدار وفي الشاري وفي الصاغة وفي كثير من المناطق. ان أهالي هذه المناطق يحبون المطر ولكنهم يكرهون نزوله خوفاً من آثاره، هي حكاية القاطنين فيها ممن يسكنون في بيوت الصقيع. اما بالنسبة لأبنائها فيوجد الكثير من العاطلين ومن الجامعيين الذين يتمنون ان يبتسم لهم الحظ ذات يوم وتضحك لهم الدنيا، ويحظوا برعاية رسمية، ولكن تقصير الحكومة في ذلك كان كبيراً ولا يتناسب مع ماضي وحاضر ومستقبل المدينة التي عرفت به، إذ كانت موقعاً لتلاقي العلماء وتخريج الكوادر العلمية منذ أيام الشيخ داوود.
وأتذكر أني كتبت عدة مقالات عن مركز جدحفص الصحي... هذا المركز المهمل من قبل وزارة الصحة فالأهالي يشتكون من عدم استيعاب المرضى، والأطباء يشتكون من قلة الموظفين والمساعدين وزيادة المرضى وهكذا هي العملية. سمعنا ان مركز النخيل سيدشن وهذا أملنا، ونتمنى ان يتحول الوعد إلى حقيقة. أعتقد أن الحكومة بحاجة إلى الانتباه إلى أهالي جدحفص وإلى أبنائها بتوفير مزيد من الخدمات وتوظيف أبنائها وبناء مشروعات خيرية وخدمية للمنطقة، وهذا أمل الجميع وخصوصاً بعد ترسخ الوحدة بين الأهالي وتصافي القلوب نحو خدمة الدين والوطن ونسيان منغصات الماضي. الجميع يعتب على الدولة في نسيانها جدحفص وتحديداً أهلها الذين يجب ألا يختزلوا.
أهالي المنطقة يجب أن يرتبوا أولوياتهم وأجندتهم، فالناس ملت الفقر والحرمان فهل تسمع الدولة؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 835 - السبت 18 ديسمبر 2004م الموافق 06 ذي القعدة 1425هـ