مذ أن جرت عادة استعراض الإنجازات التي قامت بها وزارات ومؤسسات الدولة، وذلك في النصف الثاني من السبعينات، والناس (الذين أعرفهم على الأقل) لا يحفلون كثيراً بالاستماع أو حتى قراءة ما تسطره مكاتب العلاقات العامة في الدوائر الرسمية. في تلك الفترة كان الناس غير متأكدين من صدق هذه التقارير، إذ لا توجد جهات رقابية تؤكد ما يقال أو تنفيه، واستمر استعراض الإنجازات حتى يومنا هذا بالطريقة ذاتها، وكأن الزمن لا يتغير.

من حق الجهات الرسمية، وغيرها أيضاً من الجهات أن تفاخر بما تنجزه، ولكن هناك مجموعة من الأسئلة التي تنقدح في الذهن ونحن نرى ونقرأ سيل التقارير هذه: إذا كانت إنجازاتنا الرسمية عظيمة إلى هذا الحد، وإيجابية إلى هذا الحد، وناصعة البياض إلى هذا الحد، فلم لايزال الناس يشكون من أداء الوزارات، ويتحدث البعض عن المفاسد والرشا البيّنة في بعض الوزارات، ولايزال يتحدث عن الواسطات في الترقيات والتعيينات التي لا تلتزم بمعايير الأحقية وتكافؤ الفرص، وإنما لها معاييرها الخاصة من طائفية ومناطقية وعائلية و«جندرية»، ولماذا لا تتوقف القيادة السياسية في البلاد عن مطالبة الأجهزة الرسمية بالتسهيل والتيسير للمستفيدين من الخدمات بما يعني أن هناك في الأساس جملة من المشكلات التي يعاني منها المراجعون والمستفيدون وبالتالي لابد من تدخل أعلى وتوجيهات حتى يُحَث المسئولون لكي يقوموا بواجباتهم.

كانت التقارير ستكون أجمل وأكثر إقناعاً وأدعى للاحترام والتقبل من جانب القراء، لو قالت هذه المؤسسات إنها استطاعت أن تحقق جملة من الإنجازات، ولكنها في المقابل أخفقت في جملة أخرى، وتضع أسباب النجاح والفشل أمام الرأي العام لتكون صادقة معه ومع نفسها ومع العيد الوطني