له أن يحتوي العالَم برؤياه...
له أن يتمدّد بين حلم قصيدة لاتزال في طور التخلّق وحلم شعبٍ لم يتصالح مع ذواته المتعددة...
لهُ أن يكون مسيحًا يتهيّأ لصلبٍ حانَ لم يحن...
أو كما قال دعبل، ذات رؤيا: «مازلتُ أحمل خشبتي على كتفي منذ أربعين عامًا، ولا أجد من يصلبني عليها بعد».
هكذا هو...
بالضد دائمًا،
غير قابل للتأطير،
دائم التخلّق والتشيؤ،
للناس أعياد وله عيدٌ وحيد،
ينتبذ الرّمل والدّم، حيث لا رمل يحتمل الدم ولا دم يقبل بتغيير لونه...
ذلك هو سعيد العويناتي الذي أقول فيه، ولهُ هذه الأبيات:
نَصَبُوْا لَـهُ مَوْتًـا فَكَانَ الخَالِـدا
وَتَهَيَّأُوْا لِـدَمٍ.. فَسَالَ مُـعَانِـدَا
ظَنُّوْا بأَنَّ الحُـبَّ في فَمِـهِ ذَوَى
وَالزَّهْـوَ في عَيْنَيْهِ أَمْسَى خَامِـدَا
يا أَيُّها الجَـلاَّدُ.. لا تَسَـلِ المُدَى
عَنْ جُرْحِـهِ؛ فَالجُرْحُ أَطْلَقَ مَارِدَا
لَمْ تَنْدَمِـلْ أَوْرَاقُـهُ، وَصَـلاتُـهُ
لِلْحِبْرِ تَخْلُقُ كُـلَّ يَـوْمٍ عَابـِدَا
صَلَبُـوْهُ فَوْقَ قَصِيْـدَةٍ مَسْكُوْنَـةٍ
بِالأَنْبِـيَـاءِ فَكَانَ مِنْهُمْ وَاحِـدَا
وَتَحَلَّقـُوْا مِنْ حَـوْلِـهِ فَكَأَنَّـهُ
عيسى المسيحُ على يَهُوْدَا شَاهِـدَا
يَتَحَسَّسُوْنَ نَشِيْجَـهُ في غَـفْـوِهِ
فإذا أفاقَ أَمَالَ طَرْفًـا صَامِـدَا
يتلو عَلَيْهِمْ آيَـةً مِـنْ شِـعْـرِهِ
تُحْيِي من الخَلْـقِ الرَّمِيْمَ الهَامِـدَا
وَيُبَارِكُ الرُّؤْيا التي سَـالَتْ على
حَـدِّ الحُرُوْفِ مَسَاجِدًا وَمَعَابِدَا
وَطَـنٌ يُطَوِّقُهُ سَعِيْدٌ سَاجِـدَا
بِقَصِيْـدَةٍ شَرِبَتْهُ ظِـلاًّ شَارِدَا
وَطَنٌ على شَفَتَيْهِ في رَجْعِ الصَّدَى
يَخْضَـرُّ أَغْصَانًا، وَيَسْمُوْ وَالِـدَا