العدد 833 - الخميس 16 ديسمبر 2004م الموافق 04 ذي القعدة 1425هـ

المشاركون: لماذا ثقافة التغيير؟... لإعادة قراءة الماضي

ضمن فعاليات المؤتمر الثالث للفكر العربي في مراكش:

مراكش - المصطفى العسري 

تحديث: 12 مايو 2017

دشنت فعاليات أشغال المؤتمر الثالث للفكر العربي الذي شهدته عاصمة السياحة المغربية مدينة مراكش بندوة: «لماذا ثقافة التغيير؟»، التي اعتبرت من أهم هذه الفعاليات إلى جانب ندوة عن أداء الفضائيات العربية.

فقد أكد المشاركون في ندوة «لماذا ثقافة التغيير؟» التي عرفت مشاركة شخصيات على طرفي النقيض سواء من حيث التوجه الفكري أو السياسي، أن التغيير هو الذي يعيد قراءة الماضي قراءة جديدة ويحول جزءاً منها إلى متغيرات.

في هذا الصدد أكد الأميركي من أصل أردني شاكر النابلسي، رئيس الرابطة الجامعية الأميركية، أن لا حركة تاريخية حقيقية من دون تغيير وأن التغيير هو المستقبل والحاضر والماضي كذلك.

وأضاف في مداخلة له خلال الندوة الأولى لأشغال المؤتمر أن التاريخ الإنساني كله سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا يعتبر صفحات متغيرة و«حتى عندما يعيد التاريخ نفسه فانه لا يعيده نسخة طبق الأصل، بل يعيده بمنطق وموازين وشروط وقيم اللحظة التاريخية، وهي شروط متغيرة دائمة بتغير الحياة وشروطها وقيمها».

ولاحظ النابلسي الذي عرفت مداخلته أكبر قدر من التعقيبات سواء المؤيدة له أو المعارضة خلال أشغال المؤتمر «أن الذين يخافون من التغيير يعتقدون أنه يعوق التقدم في حين أنه لا يمكن الحديث عن تقدم من دون تغيير مشيرا إلى أن الرسالة الإسلامية من ضمن الرسالات التي نادت بالتغيير ودعت إليه وهي في حد ذاتها رسالة تغيير ديني واجتماعي واقتصادي وثقافي وأخلاقي».

كما لاحظ أن الإسلام كان حركة تغيير كبرى في تاريخ البشرية وقد تجلت عظمة هذه الحركة وضخامتها في شموليتها وتغطيتها لمختلف نواحي الحياة الإنسانية مؤكدا أنه في العصر الحديث يقف المسلمون أمام تحديات كبيرة من الداخل والخارج تضطرهم الى محاولة إعادة النظر في مناهجهم التعليمية والدينية وفي طريقة تعاملهم مع الآخر ومع قيمه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأخلاقية.

وأبرز أنه يوجد في العالم العربي حاليا أكثر من ستين مليون أمي أبجدي وأكثر من مئة مليون أمي ثقافي بحسب تقريري التنمية البشرية للأمم المتحدة للعامين 2002 و2003 معتبراً أن هؤلاء يقفون عقبة في وجه التغيير. وخلص المتداخل إلى القول: إن «الثقافة التي تخشى الآخرين والاقتراب منهم والتلاقح معهم هي ثقافة هشة ومريضة ومهزوزة ولا أمل في إصلاحها من الداخل» مشيرا إلى أن «مهمة المثقف ليست هجاء أو مدح ما يجري في العالم ، بل المطلوب تحليل الواقع وفهمه عسى أن يغدو التدخل الواعي في صيروراته ومساراته ممكناً».

النابلسي ومن خلال بحثه اتهم ما أسماه «الاستعمار العثماني» في التسبب في عزل العالم العربي والإسلامي عن العالم الخارجي وفي انغلاقه ومحاربته لكل تغيير، وهو ما اعتبره الكثير من المعقبين فكرة قابلة للنقاش من أوجه كثيرة. فبقطع النظر عن خصوصيات المشرق لم يأت الجيش العثماني للمغرب العربي ليبيا وتونس والجزائر مستعمرا بل جاء منقذا لهذه الشعوب الإسلامية من الجيش الإسباني الذي بعد أن طرد العرب المورسكيين من الأندلس واصل هجماته على عدة مناطق من شمال المغرب العربي فاحتل عدة مواقع ساحلية وهدد المناطق الداخلية.

وبحسب أحد المعقبين فإنه إذ كان الاحتلال العثماني كان سبباً في تخلف الأمة العربية، مغربها ومشرقها، فكيف يفسر تشابه المغرب كدولة مع باقي الدول العربية على رغم أنه لم يخضع في يوم من الأيام لا للدولة العباسية ولا للدولة العثمانية، باعتباره كان دولة مستقلة منذ سقوط دولة بني أمية.

ومن جهته أكد هاني فحص، مفكر ديني من لبنان، في معرض حديثه عن ضرورة التغيير في ضوء العلاقات بين التقليد والتجديد، أن جاذبية التقليد لابد أن تنطوي على دافع التجديد كما أن دافع التجديد لابد أن ينطوي على جاذبية التقليد.

وبخصوص تعريفه لمفهوم التقليد أشار إلى أن التعاريف الأصولية للتقليد تتمحور حول «الالتزام بالعمل بقول مجتهد معين»، وأن الاجتهاد في اللغة هو القيام بـ «الأعمال الثقيلة» أي التي تتطلب جهدا.

وارتباطاً بذلك قال: «إن المقلدين لم يرفضوا الرجوع إلى المجتهدين لأن الوقائع تتغير وتتجدد ولابد لها من أن تتكيف مع الواقع».

وفي معرض تعقيبه على المداخلتين السابقتين تحدث نائب الأمين العام للمؤتمر الوطني في السودان مهدي إبراهيم بإسهاب عن الوضع العربي مشيرا بشكل خاص إلى جوانب القوة والضعف فيه وخصوصاً ما يتعلق بالجانب التقني والعلمي ومؤشرات التنمية، موضحا في هذا الصدد أن الأمة العربية استهلكت قوتها وقدرتها خلال العقود الخمسة الماضية موزعة ما بين الشعارات الجامدة والتوجهات الشيوعية والإسلامية والقومية والبعثية. وأضاف أن الضعف والهوان اللذين استشريا في جسم الأمة العربية «يغريان الآخرين باختراق الأمة العربية والتكالب عليها».

وقال إبراهيم: «إن التغيير له وجهان: وجه إيجابي وهو ما نريده ووجه سلبي وهو ما نرفضه «موضحا أن ما تحتاج إليه الأمة العربية هو تغيير تدريجي يكون في صالح الجميع ونابع من الداخل ووفق «حاجياتنا».

ومن جانبه اعتبر محمد الشرفي، وزير تونسي سابق، أن التغيير المنشود يجب أن يعتبر هدفاً استراتيجياً حتى لا يتم تمجيد الماضي وترديد إنجازات الأمة بنوع من النرجسية. وذكر في هذا الصدد أن تقريرين أمميين عن التنمية البشرية، صدر الأول سنة 2002 يدل على أن الدول العربية من أكثر البلدان تخلفاً، أما التقرير الثاني في 2003 فيؤكد أن مستوى التعليم متدن وأن الأمية مرتفعة.

أما التقرير الأممي الثالث الذي لم يصدر بعد، فيقيم - بحسب المتداخل - الدليل على «أن الانتخابات العربية غالبا ما تكون صورية».

أما فرانسوا بورجا من معهد الدراسات عن العالم العربي والإسلامي بباريس فقد أكد من جانبه أن ما طرحته أوراق المتداخلين يندرج في إطار النقد الذاتي وهذا شيء إيجابي، مشيرا إلى أن معنى التغيير يختلف من مفكر إلى آخر مضيفا أن ربط التغيير بالثقافة يستعمل كثيرا لإخفاء الخلفيات السياسية لبعض المشكلات





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً