العدد 832 - الأربعاء 15 ديسمبر 2004م الموافق 03 ذي القعدة 1425هـ

لا تقتلوا الأمل الفطري...

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

على رغم العقبات التي تعترض عمل مؤسسات المجتمع المدني، والمآزق المتتالية التي تقع فيها؛ فإن الأمل الفطري المغروس في أعماقنا يمنعنا من أن ننظر إلى هذه الحالات بمنظار أسود قاتم لا يستبشر خيراً بالمستقبل.

فعلى رغم كل هذه الظروف العاصفة ستبقى هذه التجارب، بمجملها، خبرات تراكمية نستفيد منها في ميادين العمل الوطني، ما يهئ لنا سبل استشراف الطرق المثلى والأساليب المناسبة لعلاج المشكلات المقبلة الجديدة أو العالقة القديمة.

الأمر الذي يتطلب نوايا صادقة، ومواثيق شرف ضمائرية، تصدق عليها سلوكياتنا وأفعالنا التي هي انعكاس لما يجول في النفوس... ومن أجل ذلك فإن من الضرورة بمكان أن نجسد مقولة الإمام الشافعي «رأيي صحيح يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب» على أرض الواقع العملي الملموس، ولعل هذه العبارة تُعد المقياس الأنسب لتقييم آراء الغير من حولنا، وإذا ما جعلناها منهاجاً لنا فإننا حتما سنصل إلى بر الأمان الوطني، والسلم الاجتماعي - الأهلي والرقي الحضاري في الممارسة الديمقراطية.

وأول من ينبغي له أن يسير على هذا المنهاج هم الصحافيون والكتاب الذين يقودون عمليات التغيير في المجتمعات المتحضرة، ويعتبرون قادة الرأي والفكر... فالكتابة مسئولية والكلمة أمانة، ولن تؤدى هذه الأمانة والمسئولية على وجهها الصحيح ما دمنا نسعى إلى إقصاء زملائنا وتشويه صورهم ونعتهم بسيىء الألفاظ والعبارات، فماذا يقدم هذا الكاتب أو هذه الكاتبة من فائدة تصب في تثقيف المواطن العادي وخدمة الوطن والمصلحة العامة، فمثل هذه الألفاظ ليست من الصعوبة بمكان أن يتلفظ بها أي إنسان، ولكن هل هذه هي ثقافة الكتاب الذين ينيرون دروب الآخرين؟!

كما يتحتم على أفراد مؤسسات المجتمع المدني، والجمعيات السياسية، ونواب البرلمان وممثلي المجالس البلدية المنتخبة، الالتزام بالمنهاج الراقي والهادف لتحقيق المصلحة العليا لهذا الوطن، لكي نسمو بالمواطن البحريني فكراً وثقافةً وممارسة، وبالتالي النأي بفكر المواطن البحريني عن الانغماس في وحل الفكر الإقصائي والمهاترات التفتيتية للوحدة الوطنية.

ودعونا نتساءل: هل يعقل بعد أن عشنا على هذه الأرض الطيبة متحابين ومتآلفين (اجتماعياً) ردحاً طويلاً من الزمن أن تأتي هاتان السنتان فتجعل قلوبنا متنافرة ومتباعدة عن بعضها البعض في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى التكاتف والتعاضد والتعاون؟! وهل يجدي مجتمعنا الصغير نفعاً ذلك التسييس المصلحي الفئوي الضيق الذي يطالعنا به المتمصلحون من وراء هذه التشنجات والخلافات بين الفينة والأخرى؟!

فيا جماعة الخير، ما زلنا في بداية مشوار العمل السياسي العلني الحديث، والفرص لا تزال سانحة أمامنا للتغيير إلى الأفضل واللحاق بالركب الحضاري، فلا تقتلوا الأمل الفطري المغروس في نفوسنا، ولا تسقوا للشر بذرة... فالدنيا لا تزال بخير.

وما من كاتب إلا سيفنى ويبقي الدهر ما كتبت يداه

فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 832 - الأربعاء 15 ديسمبر 2004م الموافق 03 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً