بقي يوم عن العيد الوطني المجيد، يستحق منا الوطن ان نقف هذا اليوم مع الانسان البحريني لنراجع أنفسنا كيف نحمي وطننا؟ كيف ندافع عن هذا التراب؟ كيف نكرس الوطنية في قلوب اطفالنا بعيداً عن النزعات الطائفية، وكيف نحول الوطنية الى قيمة عملية بعد ان أصبحت شعارا ينام على ايقاعه دراويش الصحافة وصعاليك السياسة... كيف نجعل من الوحدة حقيقة وليست يافطة نتغنى بها في المحافل ثم تسقط امام أول اختبار لها. دعونا نقرأ الوطن في عيون الفلاسفة فقد كان فولتير يكرر دائما «المواطنة هي شراكة في العيش والشعور والهدف والمصير، وتعاون في أداء الحقوق والواجبات».
الشراكة تعني عدم الاقصاء... الشراكة تعني اننا متساوون في توزيع الكعكة السياسية والاقتصادية من دون ان تسود اللغة المناطقية... الوطن يعني توزيع الرغيف وشكر النعمة تماماً.
قال بومارشه ذات يوم: «الوطنية خدمات وليست كلمات لا معنى لها». هذه الايام هي أيام وطنية ينبغي لنا ان نقف اجلالا للوطن، وان نبارك لمملكتنا الغالية هذا اليوم الجميل، ولقد كانت لفتة شركة فودافون بنسج أكبر علم في العالم (علم المملكة) لفتة جميلة وتحمل دلالة وطنية.
العيد الوطني قادم وكل أملنا ان نعيش هذه الذكرى، والآمال تحفنا بمزيد من العيش الكريم... ان يوفر المسكن للمواطن، ان تقلل الضرائب عن الناس، ان ترفع رواتب الموظفين، ان يصبح المواطن البحريني بلا ديون... هكذا نريد ان نعيش لوطننا، «فجميل ان يموت الانسان من أجل وطنه ولكن الاجمل ان يحيا من أجل هذا الوطن»، وكل بحريني يتمنى الموت فداء للوطن ودفاعا عن أرضه ساعة المحن، ولكن الافضل ان يحيا لأجل الوطن... وهكذا تكون ثقافة الحياة... والحياة الجميلة هي الحياة الكريمة عندما تكون الحرية بصحة جيدة فلا تصاب بغرغرينة قانون التجمعات العامة... عندما تكون الصحافة بخير وصحة وعافية فلا يأكلها قانون تنظيم الصحافة.
البحرين ستكون اجمل عندما تقل هجرة الادمغة البحرينية فلا تهاجر العقول من منغصات وزارة الصحة، ستكون البحرين اجمل عندما يعود ابناؤنا العاملون في شرطة الخليج ليعملوا شرطة في الداخلية والدفاع وتتم البحرنة في اجمل صورها... على رغم كل ذلك مازال الدم البحريني يتدفق أصالة ووطنية لأمله الكبير في ان المستقبل مازال يكتنز أياماً جميلة، ستكون البحرين اجمل عندما ندعو إلى الشراكة واحترام بعضنا بعضا بلا اقصاء ولا لغة تكفيرية لبعضنا بعضا... نحترم آراءنا في السياسة ونبتعد عن الشدة، فالشدة تجعل منا وحوشا سياسية كل واحد يريد ان يفترس الآخر... إن شهوة الافتراس يجب ان تنتهي. فالغرائز اطفأت قناديل العقل ورحنا في الوزارات والمؤسسات نبحث عن الانتماء الحزبي والمذهبي... معايير التقييم كانت المحسوبية والنسب والمناطق.
البحرين لم تتحول الى فردوس لكنها اليوم اجمل من السابق، فالسابق كانت الكلاب البوليسية «تشمشم» ثيابنا وحقائبنا في المطار وفي كل معبر... اليوم اصبحنا نتكلم... نقول كلمة... ننتقد. في السابق كانت اجهزة المخابرات هي الآمر والناهي، الآن للصحافة كلمة وللجمعيات كلمة وللنقابات كلمة... هناك نسب في ذلك تكبر وتصغر ولكن وضع الحريات اليوم افضل من السابق... صحيح ان حيتان الصحافة يعملون ليل نهار لتخريب العلاقة بين السلطة والناس لكن عقل السلطة ووعي الناس يحولان دون الوشاية السياسية.
في عيدنا الوطني نتمنى من وزارة الاسكان ان ترى بعين الرحمة البيوت التي سقطت على اصحابها بسبب القدم والامطار... في عيدنا الوطني نتمنى من كل البحرينيين ان يخففوا جرعات السياسة هذه الايام لتكون هذه الايام ايام عيد بلا منغصات لنفرح بالوطن ونقطع الطريق على المتصيدين في الصحافة وغيرها. كلما ازدادت الديمقراطية في البحرين قلت مشاكلنا، ستكون البحرين جميلة أكثر عندما تخلق دماء جديدة في مؤسساتنا وخصوصا وزارة الداخلية... بالامس كانت العقلية تدار بطريقة خاطئة ، اذ إن شراء قلم رصاص من احدى المكتبات يحتاج الى ترخيص من وزارة الداخلية... اليوم الامور تغيرت ولو نسبياً فها نحن نشهد - بفضل الأمن - كيف يعمد البحرينيون لرفع علم المملكة عالياً مرفرفاً في عيدها الوطني المجيد.
هذا اليوم نرفع أسمى التبريكات الى البحرين حكومة وشعباً وكل عام والبحرين وكل العالم بخير
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 831 - الثلثاء 14 ديسمبر 2004م الموافق 02 ذي القعدة 1425هـ