العدد 827 - الجمعة 10 ديسمبر 2004م الموافق 27 شوال 1425هـ

كلفة الدين العام

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

تشير الأرقام الصادرة عن ديوان الرقابة المالية للعام الماضي فضلاً عن موازنة السنتين المقبلتين التي كشفت عنها وزارة المالية والاقتصاد الوطني إلى ارتفاع ملحوظ في كلفة الدين العام البحريني. واستناداً إلى تقرير ديوان الرقابة المالية بلغت قيمة الفوائد المترتبة على الديون الحكومية 50 مليون دينار في العام 2003 موزعة على النحو الآتي: 32 مليون دينار للديون المحلية و 18 مليون دينار للديون الخارجية. من جهة أخرى توضح تفاصيل الموازنة الجديدة أن الحكومة تتوقع أن تبلغ كلفة القروض الداخلية والخارجية 75 مليون دينار في السنة المالية 2005 على أن ترتفع إلى 85 مليون دينار في السنة المالية 2006. وتمثل كلفة الدين الحكومي في العام 2005 5,3 في المئة تقريباً من مجموع المصاريف (1,392 مليون دينار) و 7,1 في المئة من المصاريف المتكررة (1,047 مليون دينار).

وتأتي زيادة كلفة القروض على خلفية النمو السريع لحجم الديون المترتبة على القطاع العام. ويشير تقرير ديوان الرقابة المالية إلى أن حجم الدين الحكومي ارتفع من 1,024 مليون دينار في العام 2002 إلى 1,351 مليون دينار في العام 2003. وهذا بدوره يعني أن الدين العام ارتفع بواقع 327 مليون دينار أي 32 في المئة في غضون سنة واحدة فقط وهي نسبة عالية بكل المقاييس. يذكر أن الحكومة استصدرت في بداية العام 2003 سندات في الأسواق المالية الدولية بقيمة 500 مليون دولار أي نحو 189 مليون دينار لتمويل أربعة مشروعات أهمها إنشاء حلبة البحرين الدولية لاستضافة سباق الفورومولا واحد. كما اقترضت الحكومة لتحمل تكاليف توسعة حقل أبوسعفة النفطي. المعروف أن السعودية والبحرين تتناصفان ملكية انتاج حقل أبوسعفة.

يشكل الدين العام نحو 44 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة. وتعتبر هذه النسبة معقولة على المستوى العالمي (على سبيل المثال المطلوب من دول عملة اليورو في الاتحاد الأوروبي أن تتأكد أن الدين لا يزيد عن 60 في المئة من الناتج المحلي)، إلا أن المشكلة تكمن في انفتاح شهية الحكومة لأخذ المزيد من القروض بدليل ما حدث في العام 2003.

وبحسب النظرية الاقتصادية عادة ما يشكل أخذ القطاع العام القروض من السوق المحلية نوعاً من المنافسة للقطاع الخاص والأفراد، الأمر الذي ربما يزيد من كلفة القروض بالنسبة إلى الآخرين. يمكن الادعاء بأن المصارف ترغب في إقراض الحكومة لما يمثل ذلك من ضمان لها. وبحسب تقرير ديوان الرقابة المالية فإن الأموال المأخوذة من السوق المحلية شكلت 67 في المئة من مجموع القروض في العام 2003. بالمقارنة اقترضت الحكومة 80 في المئة من احتياجاتها من السوق المحلية في العام 2002 وتدنت النسبة إثر قيام الحكومة باستصدار سندات في بداية العام الماضي.

ختاماً، يجب ألا يكون ارتفاع الدين العام على حساب الأجيال القادمة، إذ إن ذلك مسئولية في أعناق القائمين على الشأن الاقتصادي للبلاد. الأمل كبير في أن يقوم الاخوة في البرلمان بمناقشة قضية القروض الرسمية برمتها وخصوصاً كلفة الديون نظراً لأهمية المسألة بالنسبة إلى المستقبل المالي للبلاد. المطلوب تجنب الأجيال القادمة عواقب مالية بسبب قرارات يتم اتخاذها في الوقت الحاضر. المؤكد أنه من الخطأ أن يتمتع الجيل الحالي بالقروض على أن يتحمل تبعاتها أبناء وبنات البحرين في المستقبل. علينا أن نتدارس تجارب الدول التي تعاني من أزمة الديون مثل الأرجنتين والبرازيل والمكسيك. فالرحمة الرحمة بالأجيال القادمة

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 827 - الجمعة 10 ديسمبر 2004م الموافق 27 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً