أفرزت الأزمة المالية العالمية العديد من الانعكاسات والمتغيرات الجديدة التي استنفرت من أجلها الجهود على أعلى المستويات بغية المسارعة في التقليل من آثارها السلبية قدر الإمكان، إذ يؤكد خبراء ومتخصصون بالشأن الخليجي أن الأزمة المالية العالمية ستضرب الاقتصادات الخليجية في 7 مفاصل؛ ولكنها ستنتهي بنتائج إيجابية على دول الخليج، وأن كل الدراسات تشير إلى ضرورة قيام الدول الخليجية بإعادة تقويم شامل لسياساتها المالية والنقدية والاقتصادية، والمسارعة في تفعيل مشروع التكامل الاقتصادي الخليجي، والحث على دراسات جديدة للجدوى في المشاريع الحالية والمستقبلية بما يجعلها في منأى عن مثل هذه الانهيارات المفاجئة.
وفي هذا الصدد، قال رئيس مجلس إدارة شركة الحنو القابضة، وشركة الإمارات للمدن الصناعية، الشيخ عبدالله الشكرة: «نتيجة للتأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية فقد ظهرت على السطح بوادر فورية كردود أفعال طبيعية من قبل الاقتصادات العالمية تجاهها، وقد تفاوتت فيما بينها قوة وضعفا بحسب طبيعة اقتصاد بلدان العالم، وقد انسحب تأثيرها في دول الخليج على 7 مفاصل حيوية أساسية، ولكنها ستنتهي بنتائج ايجابية في المدى المتوسط».
وأضاف الشكرة الذي تطور شركته مشروعي جزر النجوم ومدينة الإمارات الصناعية، وهما من مشاريع المدن المتكاملة في إمارة الشارقة بدولة الإمارات أن «محيط التأثير يتناول مجالا الأسهم والربط بالدولار وعمليات البنوك وتطوير العقار وقطاع السياحة وصناعة وإنتاج النفط والدخل العام والخاص، ولكنها ستنتهي بنتائج إيجابية إذا ما حسبنا الوجه الآخر لعملية الهبوط أو الكساد الحالي؛ إذ ستتراجع معدلات التضخم وهو ما تنتظره معظم دول الخليج لتحقيق الوحدة الاقتصادية، كما سيسهم في انخفاض أسعار مواد البناء على الوجه الذي سيؤدي إلى انخفاض الكلفة الإجمالية للتطوير العقاري، وسيتبع ذلك بالطبع انخفاضا ملحوظا في بقية السلع والخدمات المختلفة، كما يمكن أن يؤدي انتهاء الركود إلى ارتفاع قيمة العملات الخليجية نتيجة تعافي الدولار، وهو ما سيسهم حتما في انخفاض تكاليف المعيشة للمواطن والمقيم على حد سواء».
هذا ويتمثل تأثير الأزمة في أسواق الأسهم من خلال إعادتها إلى مستويات الانهيار الذي حدث فيها مطلع العام 2006، ولم تكد تستعيد الأسواق المالية عافيتها حتى ضربتها الأزمة لتعيدها إلى المستويات التي كانت عليها العام 1984.
أما الدولار فقد تركت تقلباته الخطيرة آثارها على اقتصاداتها، وكبدتها خسائر كبيرة نتيجة استمرار ربط عملاتها به؛ إذ انسحب بدوره على البنية الاقتصادية وما رافقه من ارتفاع كبير في واردات تكاليف المعيشة، وزيادة معدلات التضخم, ويعود التأثير في القطاع البنكي نتيجة ظهور أزمة الرهن العقاري الأميركية وجنوح البنوك نحو شراء أصول غربية رغبة منها في الحصول على الأرباح، لتحدث بعدها عدد من الإرباكات تمثلت بقيام العديد من المودعين سحب أموالهم من هذه البنوك ما عرضها لأزمات خانقة أدت إلى قيام بعض الدول بإجراءات احترازية لتنظيم عمليات الإقراض والإيداع.
أما العقار فقد ارتفعت قيمته بنسبة 60 في المئة عما كان عليه العام 2007، والنصف الأول من 2008، حتى انسحبت أزمة الرهن العقاري عليه، فخسر المستثمرون والمطورون السيولة التي كانوا يعولون عليها لإكمال التطوير، حتى وقعوا في مأزق كبير اتضح أثره على السوق بكساد واضح.
ويرافق خسارة مكاسب العقار خسارة لاتقل أهمية عنه تتمثل بقطاع السياحة الذي تضرر عصبه الأساس المتمثل بالسفر والترفيه، وهي ما يمكن أن يلغيها الفرد من أولوياته في مثل هذه الظروف، وقد أشار محللون إلى أن المتضرر الأكبر هو قطاع الطيران الذي لم يكد يفيق من أزمة ارتفاع أسعار الوقود ثم ارتفاع تكاليف تذاكر الطيران حتى أعقبته بخسارة وعبء ثقيل.
العدد 2386 - الأربعاء 18 مارس 2009م الموافق 21 ربيع الاول 1430هـ